خلال إحدى رحلاتي إلى الرياض، جلس بجواري طبيب من القارة الهندية، وبعدما تعارفنا أخبرني أنه أمضى معظم حياته العملية في هذا البلد الطيب، ومن خلال ذلك استطاع ــ بفضل الله ــ تكوين ثروة لا بأس بها، وأخيرا سألني: هل أنتم (يا سعوديين) تطلبون مني أن آخذ علمي وعملي وخبرتي وثروتي وأخرج من عندكم؟ ألا تعلمون كم دولة من دول العالم، ومنها دول ما يسمى بالعالم الأول، ترحب بإقامة طبيب ذي خبرة ومال؟ بل بعضهم يسهل له الجنسية ويحتضنه كمواطن.
فلماذا يجب على شخص كهذا، مسلم ومحب لهذا البلد، إما أن يجد كفيلا أو يخرج هو وماله وخبرته، وأن لا يستطيع أن يستثمر هنا ويعيد لاقتصادنا ولو جزءا مما أخذه، ولا يستطيع أن يمتلك حتى المنزل الذي يقيم فيه؟
وأحمد الله أن قصر رحلة الرياض أسعفني من إجابته على هذه التساؤلات، فلقد احترت أمامها، فأنا أعلم أن أي اقتصاد بحاجة إلى استثمارات محلية وأجنبية للنمو، والاستثمار الأجنبي ليس رأس مال فقط، وإنما خبرة وعلم وتقنية، بل إنه في بلد غني مثل مملكتنا والحمد لله، لا يجب أن يكون الاستثمار الأجنبي مقتصرا على رأس المال، وإنما يجب أن يشمل أمورا أخرى تضيف لنا ولاقتصادنا.
ولقد كان تأسيس هيئة الاستثمار اعترافا بأهمية الاستثمار الأجنبي وضرورة جذبه إلينا، ومع كل الملاحظات على مسار هذه الهيئة إلا أن المبدأ يظل سليما، فالاستثمار الأجنبي هو عامل أساس لنمو أي اقتصاد، ولكن مع شروط، ومنها أن يكون هذا الاستثمار فعلا إضافة مفيدة، وليس يأتي ليزاحم الاستثمار المحلي والمستثمر الوطني.
فلو تأكدنا أن هذا الاستثمار الأجنبي يشكل إضافة لنا فعلينا جذبه وتذليل أي عقبات أمامه.
بالتالي، عندما نجد أننا نعاني من نقص في الخدمات الصحية وندرة في الكفاءات الطبية، ونكون في أمس الحاجة لها، فإني لا أرى أي منطق في التضييق على هذه الكفاءات، سواء أكانت وطنية أو مقيمة، بالعكس علينا الترحيب بمن هم لدينا والعمل على جذب غيرهم، وعلى أساسه يجب أن تكون لدينا أنظمة دقيقة، بحيث تميز ما بين رأس المال الذي نحتاجه وعلينا جذبه، وما لا نحتاجه وبالإمكان الاستغناء عنه وإحلال الوطني مكانه، ورأس المال لا يعني المال فقط، وإنما الطبيب الذي درس لحوالي عشرين عاما واكتسب خبرة لعشرات سنين أخرى يعتبر رأس مال بشريا، ففيه تم استثمار مئات الألوف أو الملايين من التعليم والتدريب ليحصل على هذه المهارات، وبالتالي فإنه يعتبر ثروة ــ بحد ذاته ــ ولا يجب التفريط فيها، بالعكس علينا جذبها والمحافظة عليها، وخصوصا ونحن في حاجة لها، وعلى أساسه من المهم أن نفرق ما بين عمالة غير مدربة أو مدربة تدريبا بسيطا تأتي إلينا لتكتسب الخبرة والمهارة ولدينا بدائل من العمالة الوطنية، وما بين أشخاص كالأطباء أو أساتذة الجامعات أو غيرهم ممن هم إضافة وفائدة لمجتمعنا واقتصادنا، ولهذه الحالات لا يجب أن تكون هناك شرائح لحد أدنى من التوظيف أو تطبيق لأنظمة سعودة، فهذه الكفاءات تضيف أكثر مما تأخذ، ولو تركونا فنحن نخسر أكثر من خسارتهم، بينما هم سيجدون غيرنا يرحب بهم.
نقلا عن جريدة عكاظ
نظام الاقامة المتخلف الذي يساوي بين العالم الذي تتسابق دول العالم على اجتذابه والعامل الذي تصعب دول العالم دخوله اليها...بل الكارثة وصلت الى الجنسية التي يحصل عليها النطيحة والمتردية بدلاً عن تمنح للعلماء واصحاب الخبرات النادرة.
قبل ان نفكر باجتذاب العقول الأجنبية علينا ان نضع تضاما صارما لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب بدون "واسطة". هذا الرجل المناسب هو من سيفتح المجال للموارد الأجنبية لتعمير البلد. ولكن ان يتولى المناصب المتردية والنطيحة بالواسطة فستكون مخرجات عملهم ما أكل السبع.
لو فكرنا بمنطق الطبيب كنا في مصاف الدول المتقدمه
لدينا مشاكل هيكليه في إقتصادنا تسبب رحيل الخبرات والاستثمارات وعدم الاستفاده من الخبرات والاموال الموجوده في البلد
كلام جميل ولكن هيهات حتى يتم الاعتراف وتصحيح هذا الخطأ وهو خسارة الكفائات والثروة البشرية والمالية لتستفيد منها الدول الغربية بكل بساطة.
الحقيقة أن الطبيب الهندي بمجرد ان يصبح مستثمر اجنبي سيوظف 40 هندي من جماعته وربما عدد قليل من السعوديين (حراس ومراسلين) فقط .. ولن يقدم للأقتصاد اي قيمة مضافة اطلاقا ...
وماذا يفعل الكقيل السعودى ......اذا كان طبيبا غير اسوأ من ذلك ؟.؟؟؟
كي نتقدم ونرتقي نحتاج أولا إلى التعيين في قيادة الوزارات وما تحتها أن يكون المنصب بالجدارة والكفاءة وليس بالوجاهة والوساطة والعاطفة ونحتاج إلى تحديث أنظمة وبنود تتوافق مع ظروفنا الآن ونحتاج إلى إعادة هيكلة الوزارات والمؤسسات الحكومية ونحتاج إلى الاستفادة من تجارب ماليزيا وكوريا