نحو مفهوم وبناء جديد للاقتصاد التعاوني المصري

31/10/2013 0
احمد سبح

يعتبر روبرت أوين 1771-1858 الأب الروحي للاقتصاد التعاوني ، والذي حاول تطبيق أفكاره الإصلاحية عن طريق جمع جهود العمال تعاونياً، وعلى الرغم من الإخفاقات التي لازمت التجربة إلا أنها كانت كافية لانطلاق التجربة التعاونية العالمية الرائدة لرواد روتشيديل، حيث اجتمع في 15 أغسطس 1843، 28 عاملاً ، بمدينة روتشيديل الإنجليزية ، معلنين أول جمعية تعاونية في العالم، ومن ثم انتقلت التجربة الناجحة إلى بقية المدن البريطانية وإلى بقية دول أوروبا والعالم .

ويرد في تقرير حديث للبنك الدولي "إنّ تسريع الحد من الفقر وتوفير استدامة تحسّن التنمية البشرية سيشكلان تحديين كبيرين للمنطقة في المستقبل".

فقد شكل استهلاك الأسر في العالم العربي 44%  تقريباً من اقتصاد المنطقة، وذلك أعلى من نسبة 35% التي سجلتها الصين، ما يشير إلى أنّه مع نمو الطبقة الوسطى تزداد مشتريات المستهلكين أكثر فأكثر .

وبنظرة سريعة وواضحة البيان على أثر الاقتصاد التعاوني حول العالم يتبين لنا الآتي :

أولا ً : على مستوى عدد الأعضاء :-

• في كيبك – كندا 70 % من السكان أعضاء في تعاونيات .

• في فنلندا 62 % من السكان أعضاء في تعاونيات .

• في فرنسا 35 % من السكان أعضاء في تعاونيات , و 75% من المنتجين الزراعيين مؤسسات تعاونية 

• في الترويج 58 % من السكان أعضاء في تعاونيات .

• في الولايات المتحدة الأمريكية 350 مليون عضو في التعاونيات .

ثانيا ً : على مستوى الأثر الاقتصادي :-

• في بلجيكا 19.5 % من المنتجات الدوائية تنتج من خلال مؤسسات تعاونية .

• في البرازيل 37.4% من أجمالي الناتج المحلي يتم انتاجه بالمؤسسات التعاونية .

• في فنلندا المؤسسات التعاونية مسئولة عن 74 % من انتاج اللحوم و مصنعاتها , وانتاج 96 % من المنتجات الغذائية اليومية , وانتاج 50 % من البيض , و 34.2% من التعاملات المصرفية .

• في فرنسا القطاع التعاوني يتعامل 181 مليار يورو , حيث يتعامل في 60 % من تجارة التجزئة المصرفية , و40% من الانتاج الزراعي و الغذائي , و25% من تجارة التجزئة .

• في الكويت يتعامل القطاع التعاوني في 70% من تجارة التجزئة .

• في نيوزيلاندا شارك القطاع التعاوني في 22 % من معدل تمو الناتج المحلي الأجمالي , حيث يسيطر على 95% من سوق المنتجات اليومية , و95% من صادرات المنتجات اليومية , و70% من سوق اللحوم , و70% من سوق الاسمدة , 75% من سوق تجارة المنجات الدوائية بالجملة , و62% من سوق البقالة .

• في النرويج يتعامل القطاع التعاوني في 96% من سوق الألبان , و55% من سوق الاجبان , وأكثر من 70% من سوق البيض , و52 % من سوق الحبوب , و 15 % من سوق البناء تصل الى 40% في مدن مثل أوسلو , 30% من سوق التأمين على غير الحياة.

ثالثاً : على مستوى العمالة :-

يوفر القطاع التعاوني 100 مليون وظيفة على مستوى العالم , وهذا أكثر 20 % مما توفره الشركات دولية النشاط على مستوى العالم  .

أما بالنسبة لمصر فان تاريخ الحركة التعاونية المصرية يتمركز في النشاط الزراعي بالأساس دون ولوج حقيقي وفاعل في قطاعات انتاجية أخرى ، فقد نشأت الحركة التعاونية المصرية  منذ الأول من نوفمبر 1908 على يد الرائد التعاونى عمر لطفى ، وفى عام1910 قام عمر لطفى بافتتاح اول شركة تعاونية زراعية انشئت تحت اشرافه فى " شبرا النملة " بمحافظة الغربية تلتها فى نفس العام 10 شركات تعاونية اخرى كانت جميعها من النوع متعدد الاغراض . 

لقد ولدت الحركة التعاونية المصرية حينئذ من رحم الحركة الوطنية المصرية  وسعت الى تحقيق النهوض الاقتصادى والاجتماعى للمصريين اعتمادا على تكتيل جهودهم الذاتية ، وفرضت الأزمة المالية التى كانت قائمة فى ذلك الوقت وتهديدها بوقوع أراضى الفلاحين فى أيدى المرابين الاجانب أن يكون الميلاد الأول للحركة التعاونية المصرية فى المجال الزراعى .

وفى عام 1923 صدر اول قانون تعاونى مصري وهو القانون رقم 27 لسنة 1923 وقد تكونت شركات تعاونية فى ظل هذا القانون بلغ عددها 135 جمعية فى عام 1925 ونظراً لما تكشف من عيوب هذا القانون تم اصدار القانون رقم 23 لسنة 1927 الذى شمل انواع مختلفة من المنشات التعاونية سميت جمعيات تعاونية كما نص هذا القانون على انشاء اتحادات تعاونية لنشر التعليم التعاونى .

وزاد عدد الجمعيات التعاونية المسجلة فى ظل هذا القانون فبلغت 297 جمعية فى عام 1930 كما نظمت عمليات تمويل الجمعيات التعاونية فبعد ان كانت تأخذ قروضها من اعتماد السلف الصناعية فى بنك مصر فتحت الحكومة فى بنك مصر اعتماداً خاصاً لقروض الجمعيات التعاونية بلغت قيمته 350 ألف جنيه ؛ وفى عام 1931 انشئ بنك التسليف الزراعى الذي عهدت إليه الحكومة بإقراض الجمعيات التعاونية الزراعية والفلاحين ولم تضع له الحكومة حداً أعلى للقروض. 

و صدر قانون الإصلاح الزراعى رقم 178 لسنة 1952 ونصت مواد القانون على وجوب انشاء الجمعيات التعاونية الزراعية فى الاراضى التى استولى عليها ووزعت على صغار الفلاحين ، وقد نجحت تعاونيات الاصلاح الزراعى فى مد أعضائها بالقروض والسلف بضمان المحصول دون التقيد بضمان الأرض.

وفى ظل هذه القوانين والقرارات والنظم زاد عدد الجمعيات التعاونية حتى شمل جميع قرى الجمهورية بلا استثناء كما زادت معاملات الجمعيات التعاونية الزراعية واعضائها ورؤوس اموالها واحتياطاتها وصارت جميع الخدمات الزراعية للفلاحين تؤدى لهم عن طريق الجمعيات التعاونية.  

وكانت بداية انهيار التعاونيات الزراعية مع صدور القانون رقم 117 لسنة 1976 بانشاء البنك الرئيسى للتنمية والائتمان وبنوك القرى، وكذا القرار الجمهوري رقم 824 لسنة 1976 بحل الاتحاد التعاونى المركزى، والقرار الجمهوري رقم 825 لسنة 1976 بالغاء الهيئة العامة للتعاون الزراعى باعتبارها الجهة الادارية المختصة. وقانون التعاون الزراعى رقم 122 لسنة 1980 والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1981 .

وفي مصر 18 مليون عضو تعاوني داخل 13 الف جمعية تعاونية في مصر تعمل في مجالات الانتاج – الاستهلاك – الزراعة – الثروة السمكية – الاسكان ، ويبلغ عدد الجمعيات التعاونية الزراعية في مصر 6334 جمعية تضم جميع الحائزين للأراضي الزراعية تقريباً والذين يبلغ عددهم 5.7 مليون حائز (مالك) لمساحة زراعية تقدر بحوالى5.7 مليون فدان يشكلون بأسرهم حوالى57% من السكان فى مصر ؛ يبلغ حجم أعمال التعاونيات الزراعية فى تقديراتها الادنى حاليا ما يقرب من 25 مليار جنيه، و صل اسهام قطاع التعاونيات الزراعية إلى حوالي 90%  من إجمالى الناتج المحلى فى هذا النشاط.

ان مشكلة التعاونيات فى مصر بدأت منذ ستينيات القرن العشرين حيث فرضت السلطات الوصاية على الفلاحين من خلال جمعيتهم وكانت تدير هذه المؤسسات وفق سياساتها التى كانت تراعى الابعاد الاجتماعية للفلاحين ولكن مع تحول السياسات نحو الاقتصاد الحر انهارت المؤسسات التعاونية خاصة بعد ان استولت السلطات على أموالها وحولتها لبنك التنمية والائتمان الزراعى التى أنشأته بموجب القانون رقم 117 لسنة 1976. (مركز الدراسات الاشتراكية ومركز الأرض) .

يتضح لنا بعد هذه المقدمة البسيطة وفي اطار التطور المعاصر لثقافة الربح و العمل المشترك وتعاظم التحديات ووسائل الانتاج والتطوير ، وتعقد المتطلبات الانتاجية والتسويقية  وتضخم حجم الأسواق ، كل ذلك الى الدرجة التي لم يعد يجدي معها نفعآ التصور والبناء المفاهيمي القديم للاقتصاد التعاوني .

 أن تجارب الدول الأخرى استطاعت التطور والعمل في مناخ من الدعم الحكومي وتراكم الخبرات ورقابة حكومية فاعلة على منظومة الاقتصاد الحر تجنيبآ للوطن من ويلات الفساد والافساد وكارتلات الاستغلال والاحتكار وتركيز الثروات والعمل على توزيعها بشكل عادل أو حتى شبه عادل خاصة في النطاق الأوروبي وهو ما يعيق الاستنساخ الكلي للتجربة الأوروربية المتميزة بشكل خاص .  

ولا يعني ذلك الهدم الكلي للمنظومة القديمة ولكن يجب اعادة دعمها عبر تغيير القوانين واللوائح والاجراءات وتطوير البرامج التدريبية المناسبة وتقديم التسهيلات الائتمانية مما يضمن نموها وتطوير حجم أعمالها كقوة مكملة للمنظومة الجديدة . 

 لكن على الجانب الآخر والأساسي لابد من الدفع في اتجاه بناء منظومة جديدة من الاقتصاد التعاوني قائمة على فلسفة محددة تتمثل في (التنمية والربح) ، بعيدآ عن الشعارات والمثل من ناحية وبعيدآ عن الجشع والاستغلال من ناحية أخرى ، فكلاهما طريق للفشل والضياع وعدم القدرة على تحقيق الأهداف النهائية من هذه المنظومة الجديدة المتمثلة في :

1- توفير السلع والخدمات بأسعار مناسبة .

2- اتباع أساليب الانتاج و التسويق الحديثة والسليمة .

3- الارتقاء بمستويات معيشة المواطن وفتح مجالات النمو والترقي أمامه .

4- مواجهة ظواهر الجشع والاستغلال والاحتكار والفساد .

5- توفير أرباح مناسبة للنمو والاستمرار وتشجيع الابداع والتطوير .

6- المساهمة في القضاء على البطالة .

7- ادماج المواطن في حل مشاكل مجتمعه وتدريبه على ثقافة العمل الحر والمشاركة فيه ومراقبة المسؤولين ومحاسبتهم.

فبناء منظومة انتاجية متطورة من الاقتصاد التعاوني الحر الجديد يتطلب بناء منظومة ديموقراطية من الاختيار الحر السليم من قبل المواطن لممثليه في المجلس المحلي للمدينة أو القرية الذين يختارون من بينهم رئيس المجلس ، الذي يقوم بدوره (الرئيس) باختيار أعضاء ورئيس مجلس ادارة الجمعية التعاونية القابضة من المشهود لهم بالكفاءة والتخصص العملي الواقعي والنزاهة ، ويقوم هذا المجلس بدوره وعلى ذات المعايير باختيار مجالس ادارات كل شركة من الشركات التعاونية التابعة ، الذين يقومون بالتالي وبذات المعايير باختيار الهيكل الوظيفي والادراري في كل شركة .

وتكون مجالس ادارات الشركات التابعة مسؤولة أمام المجلس الأعلى (مجلس الجمعية القابضة) ، الذي يكون مسؤولآ بدوره أمام رئيس مجلس المدينة أو القرية ، ويتم ذلك عبر عدة جمعيات عمومية تعقدها كل شركة تابعة على حدة تتابع وتناقش فيها أمورها الخاصة ومعالجة ملفاتها ، ثم جمعية عمومية عامة للجمعية القابضة ، وتحظى جميع الجمعيات العمومية على اختلافها بعضوية الزامية (عبر عقوبات قوية ضد المتخلفين عن الحضور ) من قبل مجموعة من المواطنين المختارين بشكل دوري على أساس التخصص والنزاهة وعضوية أعضاء المجلس المحلي .

ويحق لكل جمعية عمومية سحب الثقة من مجلس الادارة سواء الخاص بشركة تابعة أو القابضة حال التقاعس عن التطوير أو تحقيق خسائر ، ويعد نجاح الشركات التعاونية ضمن النجاح السياسي الذي يحققه الرئيس أو المجلس المحلي التابع لكل مدينة أو قرية مما ينعكس على نجاحهم في الانتخابات .

ويتم عبر تعاقد خاص ( تموله الحكومة في البداية مع استمرار التعاقد ) تحقيق الرقابة والمتابعة المحاسبية الختامية من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يجب دائمآ أن يكون متمتعآ بالضبطية القضائية على جميع الجهات الخاضعة لرقابته المحاسبية ، ويؤخذ بتقرير الجهاز في متابعة نشاط عمل مجالس الادارات المختلفة ويكون أعضاء الجمعيات العمومية ورئيس المدينة أو القرية مشتركين في جريمة اهدار المال العام حال عدم التفاتهم أو تجاوزهم عن مثل تلك الجرائم . 

وبالنسبة لتمويل وبناء رأس المال ، فانه يتم بداية دراسة تفصيلية لاحتياجات كل قرية أو مدينة ومجالات التطوير والنمو المستهدفة لها وحجم رأس المال اللازم وهل كل قرية بحاجة الى جمعية قابضة خاصة بها أم يمكن الحاقها بالمدينة التابعة لها ، ويتم تمويل هذه الدراسة من الحكومة ومجلسي المحافظة والمدينة أو القرية ، ثم يتم الدعوة الى اكتتاب عام يشارك فيه مواطني كل قرية أو مدينة والمجلس المحلي التابع له هذه الجمعية القابضة المزمع انشاؤها ، وفي حال عدم اكتمال الاكتتاب يعاد طرحه على مؤسسات التمويل المختلفة من بنوك وشركات تأمين وشركات وصناديق الاستثمار المباشر والذين سيحق لهم ساعتها تمثيلهم في مجلس الادراة وفقآ للقوانين المنظمة في ذات الشأن ، وفي حالة عدم اكتمال التمويل يتم الحصول على تمويل حكومي وبالتالي تمثيل حكومي في مجلس الادارة .

 وفي حالة عدم اكتمال التمويل المستهدف فانه يتم البناء والعمل على المتاح ثم التطوير بعد ذلك ، ويتم بالطبع توزيع الأرباح وفقآ لنسبة مساهمة كل فرد أو مؤسسة عبر الحسابات البنكية مما سيساهم في ازدياد رقعة المجتمع البنكي الغير حاضرة بقوة في الأرياف ، ويفعل مبادئ ووسائل المحاسبة والمسؤولية والتطوير .

كما تقوم الحكومة بتأسيس صندوق حكومي لتمويل ودعم الجمعيات التعاونية الحرة ويعمل على توفير تيسيرات ائتمانية لهم بعد دراسة المشاريع المقدمة كل على حده ، وكذلك يمكن دعم هذا الصندوق من خلال تخصيص 5.% - 1% من أرباح البنوك ومؤسسات التأمين وتبرعات المواطنين والمؤسسات لتمويل الصندوق ، فهذه الجمعيات تستطيع أن ترفع عن كاهل الدولة أعباء تقديم خدمات أساسية للمواطن تعجز الدولة في غالب الأحوال عن تقديمها أو لا تقدمها بالشكل المناسب . 

وتخصص نسبة 25% من الأرباح التي تحققها كل شركة توزع على العاملين بها ، ونسبة 5% من الأرباح توزع على أعضاء مجالس الادارات المختلفة ، مما يدفع برفع الانتاجية والتطور ومكافحة الفساد قدمآ الى الأمام ، فيما توزع بقية الأرباح (70%) على حملة الأسهم ، مع وضع حد أقصى لنسبة المساهمة ب2% للمواطن و5% للمؤسسة مع الاستثناء في حدود الضعف حال عدم توافر التمويل بعد استنفاذ كل المحاولات والطرق لتنويع ملكية رأس المال مع حق حامل السهم في بيع أسهمه عبر البورصة بالنسبة للمؤسسات أما بالنسبة للمواطن فيتم بيع الأسهم الى مواطنين من نفس القرية أو المدينة التي تتبعها الجمعية وفقآ لسعر السهم في البورصة ، وهو بالطبع في النهاية ما سيساهم في زيادة حجم وعمق سوق رأس المال .

وكنتيجة لازدياد حجم قاعدة المساهمين من المواطنين وتحديد الحد الأقصى لملكية كل مواطن من هذه الأسهم ، فان قيمة نصيب السهم من الأرباح قد تكون قليلة ولكن المواطن يجب أن يعي أن أرباحه الحقيقية تأتي من كونه ساعتها سيعيش في مجتمع يتمتع هو فيه بالرقي والتميز في مستوى الخدمات التي يتحصل عليها يستطيع أن يعمل وينتج ويصرف انتاجه بكل عدالة وشفافية ويريحه من عناء أن يقبع في براثن الاستغلال والفشل تردي الخدمات المقدمة له وهو ما يعسر عليه حياته وينغص عليه معيشته ، كما أنه سيستطيع عبر هذا الاستثمار أن يوفر فرصة عمل له ولأبنائه بعيدآ عن شبح البطالة والعوز والفقر .

وتقوم الشركات التعاونية الزراعية والصناعية بعمل علاقات تعاقدية مع أصحاب الأراضي والمصانع الصغيرة والمتوسطة سواء في هيئة استئجار أو مشاركة معهم ، هذا بالاضافة الى استصلاحها أراضي جديدة و انشائها مشاريع ومصالح جديدة ومتنوعة ، وبالتالي العمل على تطوير ومضاعفة حجم ونوعية الانتاج الزراعي أو الصناعي والدفاع عن مصالح الفلاحين والعمال وأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة في مواجهة الاحتكار أو الاستغلال أو التضييق الذي يمارسه العديد من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة أو بعض من شركات امداد الموارد والخامات الزراعية ، وهو ما ينعكس بالتالي أيضآ على دعم الاقتصاد القومي وتنويعه وتطويره وحماية المستهلك من الجشع والاحتكار ورفع مستويات معيشة المواطنين وتقليل كبير في أحجام البطالة التي نعاني منها في مجتمعنا .

كذلك تقوم الشركات التعاونية التجارية بانشاء مجمعات ومراكز تجارية للبيع المباشر للجمهور متجاوزة تجار الجملة فيما يتعلق بتوفير المنتجات الغذائية الطازجة بأسعار متميزة ، وكذلك توفير مختلف السلع والخدمات من خلال هذه المراكز التجارية التي تخدم كل منطقة داخل المدينة أو القرية .

فيما تقوم الشركات التعاونية المختصة بالصحة والتعليم بانشاء أو استئجار أو حتى شراء وتطوير مستشفيات ومدارس تعمل من خلالها على تقديم خدمات متميزة للمرضى والطلاب وانشاء جامعات تعاونية أهلية مشتركة تهدف الى تقديم مستويات عالية من التعليم وتحقيق هامش ربح معقول لتطوير نشاط الجامعة والانفاق على البحث العلمي والاحتفاظ بالفوائض المالية ان وجدت لتمويل أبحاث علمية مستقبلية أو التوسع في أنشطة الجامعة . 

فيما تعمل الشركة التعاونية المسؤولة عن النقل على بناء منظومة متطورة وحديثة من وسائل النقل التجاري للأفراد والبضائع ، بهدف القضاء على عشوائية التنظيم وتدهور أحوال مرفق النقل الداخلي سواء بشقيه العام أو الخاص ،والاستثمار في مجال النقل النهري ، من خلال سيارات نقل وأتوبيسات ومراكب حديثة قادرة على توفير خدمة متميزة للمواطن و تسهيل عملية الانتقال الديموجرافي والتوسع الاسكاني الجغرافي نحو مناطق سكانية جديدة وتقليل الهالك في عمليات نقل البضائع وتوفيرها بأسرع ما يمكن .  

وتعمل الشركة التعاونية المسؤولة عن الاسكان على محورين :

الأول : تطوير أراضي جديدة بهدف بناء وحدات اسكانية متنوعة ضمن الاسكان المتوسط والأقل من المتوسط وذلك اما بشراء أراضي جديدة أو الدخول في مشاركات مع أصحاب الأراضي والعقارات الآيلة للسقوط وفق علاقة تعاقدية تضمن أن 50% على الأقل من الوحدات الاسكانية ستكون ملك للشركة بالطبع مع اشتراط عدم التعدي على الأرض الزراعية بأي شكل من الأشكال ، مما يعمل على التقليل من أزمة الاسكان والضغط على السوق لتقليل الأسعار .

ثانيآ : ادراة وتطوير العقارات المبنية من ناحية اعادة تطويرها وتحديثها والارتقاء بواجهاتها وخدماتها وتأجير وحدات عقارية وتجارية مما يوفر مصدر دخل اضافي لهذه الشركة ويعمل على الارتقاء بمستويات التحضر والتطور العمراني وجماليات البناء في القرى والمدن الصغيرة .

ويتم تقسيم العمل في هذه الجمعيات على ورديتين أو اكثر حسب متطلبات العمل بحيث تكون مدة كل وردية ست ساعات مما يحقق تعاظم حجم الانتاج وتقليل معدلات البطالة عبر استيعاب أكبر عدد ممكن من القوى العاملة دون ارهاق لهياكل الانتاج والتطوير ومعدلات الربحية .

ان المفهوم الجديد المقدم للاقتصاد التعاوني الحر انما يساهم في نمو الاقتصاد القومي ويعمل على مواجهة تحديات الوطن والمواطن بأفكار تأتي من خارج الصندوق التقليدي ، فالمآل والآمال يفرضان علينا حزمة تفكير مستقبلي تضع التحديات التي نواجهها في مواجهة حلول غير تقليدية لمواجهة شظايا التخلف والتدهور الحضاري لبناء جيل جديد يتجاوز فكر الماضي الى واقع المستقبل .