في منتصف الستينيات الميلادية ومع زيادة الانفاق العسكري خلال حرب فيتنام فقدت الولايات المتحدة حوالي نصف احتياطاتها من الذهب بعد مطالبة الدول الاوربية وعلى راسها فرنسا مبادلة الدولار بالذهب , مع بداية عام 1971م تجاوزت التزامات الولايات المتحدة المالية 70 مليار دولار مدعومة فقط بحوالي 12 مليار دولار من الذهب.
هذا العجز الضخم اجبر ادارة الرئيس نيكسون بنهاية المطاف الي ايقاف صرف الدولار مقابل الذهب وبالتالي الي الغاء اتفاقية بريتون وودز في 15 اغسطس من عام 1971م وبذلك تحول العالم من نظام صرف ثابت الي نظام صرف مرن او عائم ( اي غير ثابت كما كان علية في السابق من خلال اتفاقية بريتون وودز التي تنص على ان 35 دولار تعادل اوقية واحدة من الذهب).
الغاء الاتفاقية من الجانب الامريكي بدون استشارة اي طرف وبشكل مفاجى ادى الي انخفاض الدولار وبشكل كبير مقابل جميع العملات فيما عدا الجنية الاستيرليني حيث انخفض بنسبة 30% مقابل المارك الالماني والفرنك السويسري واكثر من 20% بالنسبة لعملات دول اليابان فرنسا بلجيكا هولاندا و السويد خلال الفترة من منتصف عام 1971م حتى منتصف عام 1973م.
وتسبب هذا الاجراء ايضا ( الغاء اتفاقية بريتون وودز) في تضخم اسعار الذهب الي حوال 60 دولار للاوقية لعام 1972م و حوالي 100 دولار بحلول منتصف عام 1973 الي ان وصلت بنهاية عقد السبعينيات الميلادية الي حوالي 455 دولار للاوقية اي بزيادة تعادل نسبة 1200% خلال اقل من عقد زمني.
اسعار النفط من جهتها ظلت نسبة الزيادة السنوية ثابتة عند 2% خلال الفترة من عام 1947م وحتى عام 1967م حيث ارتفع سعر البرميل من 2.07 دولار الي 3.07 دولار للبرميل خلال فترة تصل الي حوالي من عشرين سنة بارتفاع يعادل دولار واحد فقط و اقل من معدلات التضخم السنوية.
في الوقت نفسة ظلت اسعار الذهب والنفط خلال فترة اتفاقية بريتون وودز اي من عام 1944م حتى عام 1971م ثابتة بحيث ان 10 الي 15 برميل نفط كانت تعادل اوقية واحدة من الذهب, عند الغاء اتفاقية بريتون وودز 15 اغسطس 1971م كان سعر الاوقية 42 دولار و سعر برميل النفط بحدود 3.56 دولار هذا يعني حوالي 12 برميل نفط مقابل اوقية ذهب.
لكن خلال اقل من عامين تقريبا من الغاء الاتفاقية و بحلول منتصف 1973م كان يتطلب عدد مايقرب من 34 برميل نفط لشراء اوقية ذهب واحدة بعد ان كان المعدل في السابق يتطلب من 10 الى 15 برميل نفط مقابل اوقية ذهب قبل الغاء اتفاقية بريتون وودز 15 اغسطس 1971م هذا هو الخطر الحقيقي الذي كانت تحاول الادارة الامريكية ايقافة و تعديلة.
حيث ان تضخم اسعار الذهب وانخفاض قيمة الدولار بشكل كبير جدا يعني انعدام الثقة وبالتالي انخفاض الطلب على العملة الورقية ممثلة في الدولار مما يشكل تهديدا مباشرا للاقتصاد والنظام النقدي العالمي, مما يحتم (كحل للخروج من الازمة) تضخيم او اشعال اسعار السلع الاخرى عن طريق الدفع بسعر اهم سلعة حيوية للاقتصاد والانتاج العالمي وهي النفط الى اعلى بغرض تعزيز الثقة و عودة الطلب على العملة الورقية مرة اخري بعد ان فقدتها بالغاء اتفاقية بريتون وودز.
وهو ماتحقق (للادارة الامريكية) بعد ان عادت الامور لطبيعتها مع بداية شهر يناير من عام 1974م بارتفاع اسعار النفط بنهاية الحظر الي حوالي 13 دولار للبرميل بعد ان كانت بحدود 3 دولار قبل الحظر ليعود سعر الاوقية مرة اخرى لمعدلاتة التاريخة وهي من 10 الي 15 برميل نفط مقابل اوقية ذهب واحدة ومازالت المعادلة ( من 10 الي 15 برميل نفط تساوي اوقية ذهب واحدة) قائمة حتى الان.
اذن ارتفاع اسعار النفط بنسبة 400% و التضخم الكبير الذي تبعة منتصف السبعينيات الميلادية كانت بدايته هي الغاء اتفاقية بريتون وودز في 15 اغسطس 1971م والتي ادت الي ارتفاع اسعار الذهب الي مستويات عالية و تسببت بفقدان الثقة في العملة الورقية ممثلة بالدولار وبالتالي النظام المالي العالمي مما ادى الي خسارة الولايات المتحدة لاهم عامل للهيمنة علي اقتصاد العالم ومواردة الطبيعية.
هذا بالاضافة الي منع منظمة الاوبك من ربط اسعار النفط بسلة عملات بعد ان بدات مفاوضات خلال تلك الفترة ( شهر مايو 1973م ) حول جدوى تسعير النفط بسلة عملات من دول مجموعة العشر.
من اهم الاسباب التي ادت الي قرارات مجموعة بلدربيرج برفع اسعار النفط بنسبة 400% عن طريق تعطيل امدادات النفط وليس بسبب الديون الضخمة على شركات النفط العالمية حسب تصريح الشيخ احمد زكي يماني وزير النفط السعودي السابق.
حيث ان خفض الانتاج بطبيعة الحال لن يؤدي الغرض وهو رفع الاسعار بنسبة 400% فالسوق بحاجة الي صدمة او كارثة تحدث لرفع الاسعار وهو ماحدث تماما بعد الحضر حيث ارتفت معدلات التضخم الي الضعف عام 1973م عن ما كانت علية عام 1972م والي ثلاثة اضعاف بحلول عام 1974م.
وهي فترة اطلق عليها فترة التظخم الكبير او العظيم والتي تسبب فيها بشكل مباشر و رئيسي ارتفاع اسعار النفط طبقا للبروفسور جيرمي سيجل في بحث مطول عن هذة الزيادة الكبيرة ( ارتفاع أسعار النفط) التي اعاده بنهاية المطاف الطلب على الدولار مرة أخرى وبالتالي الي انتعاش الاقتصاد العالمي وعودة الثقة في النظام المالي العالمي الذي كاد ينهار بعد الغاء اتفاقية بريتون وودز.
باختصار اقول ان حظر النفط عن الغرب وارتفاع الاسعار الي مستويات عالية تجاوزت 400% مقترحات قدمت وتم الاتفاق عليها في اجتماع النخبة الاقتصادية الذي تنظمة مجموعة بلدربيرج بمدينة سالتجوبادن بالسويد في شهر مايو عام 1973م اي قبل الحرب التي استخدمت كادة وسبب رئيسي لتفعيل وتبرير قرار الحظر الذي ادى بطبيعة الحال الي رفع اسعار النفط الي مستويات عالية جدا وبالتالي ادت (ارتفاع اسعار النفط) الي عودة الثقة والطلب على الدولار مرة اخرى بعد ان فقدها بالغاء اتفاقية بريتون وودز 15 اغسطس 1971م.
غدا الجزء الثالث والاخير.