دلالة التطور الإعلامي في أي دولة، هو عدم وجود وزارة للإعلام، أو للثقافة، لأن هذا الموضوع تُرك للقطاع الخاص، وأصبح الإعلام الخاص، عيناً على الأداء الحكومي، وليس مجرد وزارة، ومجموعة موظفين، هم فعلياً ناطقون رسميون باسم الحكومة.
والغريب في الأمر أننا في العالم الثالث، رفضنا الشيوعية، ولكننا تبنينا كل أساليبها، خصوصاً الإعلامية، وحتى بعد سقوط سور برلين، أبقينا النموذج السوفييتي قائماً، حتى اليوم، في القنوات الرسمية.. ولكن مع انفتاح غير منضبط في القنوات الفضائية، غير الرسمية، والمملوكة لذات أساطين المال في الوطن!! أحد المختصين في الإعلام كتب عن إعلامنا الرسمي، وكم هو ما زال متخلفاً، من حيث أنه يتوسع في سرد ممل لوصول زعيم دولة إلينا، ويتحدث عن تفاصيل إجراءات الاستقبال، والتوديع، ولكن عندما يأتي الأمر للحديث عن فحوى، ونتائج الزيارة، فالخبر يقول: «إن الزعيمين قد ناقشا ما فيه مصلحة الشعبين!! وأحياناً يضيفون لها بهاراً: بأنهم ناقشوا القضية الفلسطينية!!».. وهذا كل شيء!! حالة إعلامية أخرى هي أنه كان هناك فعلاً توجيه إلى وزارة الإعلام، لاختصار نشرات الأخبار، التي تكثر من أخبار الاستقبال، والتوديع، ولمختلف المسؤولين، ولكن يبدو أن ذلك التوجيه قد جمّد لصالح إرضاء الجميع، وما لا يدركه مسؤولو الإعلام، هو أن تلك الحال قد دفعت الكثير للتحول إلى القنوات الإخبارية الأخرى، على حساب القنوات الرسمية!! ولكن يبدو أن ذلك لايهمها، طالما أن ميزانيتها مضمونة من الحكومة.
أما حالات النفي، فسأذكر هنا حالتين ذات علاقة بالشأن الاقتصادي: - الحالة الأولى: عندما خرجت مراكز بحث اقتصادية غربية، محذرة من أن سياسة استهلاك الطاقة في المملكة، ستقود إلى أن تستهلك المملكة نصف إنتاجها من البترول، لغرض توليد الطاقة، والتحلية، ووقود السيارات، وكلها مواد معانة، ومن ثم هناك تبذير،وهناك عملية تهريب كبيرة.
كان الرد الأولي لمسؤولينا، هو نفي أن يكون ذلك صحيحاً، ولكن والله أعلم، أن ذات المسؤولين، وجدوا لاحقاً في تقارير مراكز الأبحاث الغربية تلك، فائدة بتبنّيها، وربما لغرض تحضير المستهلك في المملكة، لعملية ترشيد قادمة، وفجأة تغير موقف المسؤولين (180) درجة، واعترفوا بكامل ما ورد في تقارير تلك المراكز.
إنها عادة النفي، والإنكار، التي تعودنا عليها، كردة فعل أولية، ولكن لاحقاً نكتشف أهمية تلك الضغوط الناعمة،علّنا نعمل شيئاً مفيداً، ليس لنا، ولكن لإبقاء احتياطيات بترول، وغاز للأجيال القادمة.
-الحالة الثانية: هي موضوع البترول، والغاز المستخرج من الرمل الصخري، ومدى تأثيره على مستقبلنا البترولي،والغازي، وكانت ردود الفعل الأولية نافية لوجود تأثير ما، وعندما كثرت الدراسات التي تؤكد ذلك التأثير،بل وشاهدنا تأثيرات ذلك على أسعار الغاز في أمريكا، غيّر مسؤولونا لهجتهم، وقالوا إننا نحن أيضاً سنستفيد من هذا المنتج الجديد، لوجود مكامن لدينا.
كلنا نتمنى أن نكون جزءاً من أي جهد للدفاع عن وطننا، ومصالحه، وسياسة حكومتنا، ولكن لا بد من الخروج من الماضي، المبني على التعتيم، والنفي، فعالم النت، والتواصل الاجتماعي، والفضائيات، سيخلق من إعلامنا التقليدي، عالماً ديناصورياً، وسنفقد مصداقيتنا أمام الآخرين!!
نقلا عن جريدة الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
اليس ذلك جزء من كل بحاجة الى توصيف أشمل؟ آه ....... مائة عام أهدرت ويل للسابقين من اللاحقين.
أود منك أن تعذر هؤلاء المسؤولين فهم في المقام الأول اصحاب شهادات مزورة أو أستولوا على المناصب بالواسطة ولذلك نكرهم هذا يترجم المستوى التعليمي لديهم. يلاحظ أنه كلما زاد الانسان علماً زادت مصداقيته.