مر أكثر من عام على صدور أنظمة الرهن العقاري ولم نسمع حتى الآن عن الانتهاء من اللوائح التنفيذية، كما لم يعلن عن بدء تطبيقها من قبل شركات التمويل العقاري أو البنوك.
والمتابع لحجم القروض العقارية يجد أنها لم تنمُ بشكل جوهري نتيجة صدور الأنظمة الرهن العقاري، فقد بلغت نحو 41.47 مليار ريال في الربع الثالث 2013 وبنمو 8.5% عن الربع السابق. وقد يعود ذلك الى عدة اسباب منها:
أولا: تأخر صدور اللوائح التنفيذية التي بموجبها ستبدأ البنوك وشركات التمويل العقاري بالاقراض تحت النظام الجديد.
ثانيا: عدم اكتمال تجهيزات وبدء عمل قضاة التنفيذ والذي يناط بهم تنفيذ أنظمة الرهن العقاري بحكم الاختصاص مما يضفي قوة وصرامة في تنفيذ انظمة الرهن.
ثالثا: لم تنته اجراءات شركة اعادة تمويل الرهن العقاري، والتي نص النظام على تأسيسها برأسمال 5 مليارات ريال.
وتكون مهمتها شراء الرهون العقارية من شركات التمويل العقاري وبيعها في شكل صكوك في السوق المالية،مما يضيف تنشيطا وعمقا لسوق الصكوك والسندات المحلية وتنويعا مهما للمستثمرين في السوق المالية.
رابعا: الركود الذي انتاب السوق العقارية منذ تنشيط دور وزارة الاسكان وعزمها بناء آلاف الوحدات السكنية ما ثبط جانب الطلب السكني.
لقد ساهمت هذه الاسباب الجوهرية مجتمعة بالركود الذي تشهده السوق العقارية، ولم يكن ذلك مستغربا على الاطلاق، رغم استمرار الفجوة العالية بين العرض والطلب في القطاع السكني، وتوفر السيولة العالية.
وقد يضاف الى ذلك، كما يتداول في وسائل الاعلام، ارتفاع مديونية الأفراد التي أدت الى انخفاض ملائتهم المالية وصعوبة حصولهم على قروض اضافية لتمويل شراء المساكن.
وهذا السبب الأخير يحتاج الى توضيح ودراسات أكثر حتى يتم التعامل معه بشكل أفضل عند تقديم التمويل العقاري.
فقد بلغت مجمل القروض الاستهلاكية بنهاية الربع الثالث حوالي 321 مليار ريال، وهي تعني نحو 11.4 ألف ريال للفرد، والذي يبلغ متوسط دخله نحو 91 الف ريال، اي إن متوسط مديونية الفرد 12.6% فقط من دخله.
وهي نسبة متدنية تسمح بقدرة البنوك على زيادة التمويل الفردي. ويمكن القول، وعلى نفس السياق، إن العائلة قد يكون نصيبها من الديون نحو 57 الف ريال، وتعد هذه النسب متدنية أيضا.
واذا استثنينا المقيمين من غير المواطنين، فإن متوسط مديونية الفرد المواطن 17.8 ألف ريال، ومتوسط مديونية الأسرة السعودية نحو 89 ألف ريال، مما يؤكد أن هناك مجالا واسعا لتمويل الأفراد.
وهذه النتيجة تأتي عكس ما يتردد في وسائل الاعلام من أن قروض الأفراد وصلت الى مستويات مخيفة.
صحيح أن المخاوف تأتي من أن معظم تلك القروض هي استهلاكية، لكنها طبيعة الاقراض الفردي الذي يتجه معظمه لشراء السيارات أو قروض شخصية لتمويل شراء عقار أو غيرها من الانشطة التي لا توضحة بيانات مؤسسة النقد.
مما سبق يدعونا الى القول أن الانفراج في الأسباب بعالية وسرعة ودقة تطبيقها سيؤدي الى انتعاش حركة البيع والشراء في السوق العقارية، خصوصا وأننا أوضحنا أن القدرة الفردية في الحصول على تمويل مازالت قوية.
قد يرى البعض أن ذلك يتعارض مع المفهوم السائد لدى الغالبية العظمى من الناس في ارتفاع مديونية الافراد،وغلاء أسعار العقارات، الا أن قدرة البنوك وشركات التمويل العقاري، في اعادة هيكلة مديونية الاشخاص المتقدمين للقروض العقارية، ستساهم بشكل كبير في ارتفاع مستويات التمويل العقاري الى اجمالي الناتج المحلي الى النسب العالمية المتعارف عليها، والتي تصل الى 60% في امريكا، وتتجاوز 15% و20% لدى بعض دول الخليج، وهذه النسبة لم تتجاوز 2% في السعودية.
نقلا عن جريدة الرياض
اللهم اجرنا في مصيبتنا