التفكير خارج الصندوق لتعزيز الاستثمار

11/09/2013 0
محمد العنقري

المنتديات الاقتصادية التي تُعقد سنوياً سواء لطرح الفرص الاستثمارية بالمناطق أو بالمملكة، تظهر حجم الفرص الكبيرة والعديدة وبشتى المجالات والقطاعات الاقتصادية، ولعل المنتدى الذي عُقد قبل أيام بمنطقة نجران دليل واضح على حجم الفرص المتاحة فيها والتي تحدَّث عنها رئيس الوزراء الماليزي الأسبق مهاتير محمد خصوصاً بالثروات المعدنية، وأعطى ملامح للأساليب التي يمكن من خلالها جذب المستثمرين لهذه الفرص الكبيرة..

إن مثل هذه الفرص الاستثمارية متاحة بكل منطقة في المملكة بحسب ما تمتلكه من مقومات وثروات مما يعني أن الانتقال لفتح المجال لقطاع الأعمال سواء المحلي أو الأجنبي بطرق مختلفة عن السائد حالياً أصبح ضرورة وهدفاً إستراتيجياً للتنوع الإنتاجي بالاقتصاد وتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة التي تقف بوجهها عقبات قد يكون أغلبها تشريعياً وتنظيمياً، فإذا كانت الدولة تنفق بسخاء على مشاريع البنى التحتية فإن الانتقال لجذب رؤوس الأموال يجب أن لا يتأخر لأي سبب، فالفرص كالسحاب لا تستمر دائماً ونعني بها حماس المستثمر لتوطين استثماراته والانتقال بمشاريعه لقطاعات متنوعة بعيداً عن الأساليب التقليدية التي سادت بالاقتصاد لسنوات طويلة وأغلبها تركزت بالعقار وبنموذج لا ينتج فرص عمل تركز أغلبه بشراء الأراضي وتركها دون تطوير لسنوات طويلة ليرتفع سعرها ويحقق مكاسبه دون أي تكاليف وبما لا يضيف قيمة للاقتصاد أو بمشاريع تقليدية معروفة ومنتشرة بشكل واسع، خصوصاً بتجارة التجزئة.

وإذا كانت المنتديات تلعب دوراً تسويقياً يبرز الفرص الاستثمارية، فإن أثرها يبقى عند هذا الحد إذا لم يواكبها تطور بالتشريعات والأنظمة التي تيسر استخراج الرخص المطلوبة، وكذلك تزيد من مستوى الحماية للاستثمارات وكذلك ضرورة أن يكون لكل منطقة ذراع تجارية تؤسس لمفهوم جديد بدعم التنمية بكل منطقة يكون نواة لتطوير مفهوم العمل التجاري والتنموي الاستثماري ويتولى تنفيذ المشاريع التي تحمل طابعاً استثمارياً يمكن له أن ينفذ مشاريع تكون هي الأرضية التي تحتاجها المنطقة لجذب الاستثمارات وفتح فرص العمل، فإذا كانت عملية تطوير مهارات الكوادر البشرية استحوذت على نصيب الأسد من الإنفاق الحكومي بهدف تعليم الشباب وتطويرهم فإن عدم التحول نحو مفهوم جديد بتحريك التنمية باتجاهات مختلفة ذات طابع عملي يستند على دور القطاع الخاص سيبقي إعداد البطالة مرتفعة مهما كانت خطط وزارالعمل الحالية تحقق نسب توظيف عالية، فإن نوعية الوظائف ودخلها بصورتها الحالية سيبقى دون أثر ملموس بالناتج المحلي ولن يوجد بيئة لديمومة الموظف بعمله نظراً لعدم وجود تناسب كبير بين المؤهلات والفرص الوظيفية المتاحة.

وستعود مشكلة البطالة حتى لو تقلصت نسبتها خلال عامين قادمين لنسب مقبولة من جديد بعد عدة أعوام إذا لم تتوسع القاعدة الإنتاجية وتتنوع بمجالات عديدة وستبقى الهجرة للمدن الكبرى مستمرة مما يتطلب تركيزاً كبيراً بتطوير إمكانيات كل منطقة اقتصادياً بعيداً عن الإجراءات أو الأفكار التقليدية أو تحكُّم البيروقراطية بمسارات التحول الاقتصادي على مستوى المملكة من خلال المرونة والتحرك الذي يمكن لكل منطقة أن تقوم به مركزية التخطيط لتنويع مصادر الدخل والإنتاج بالاقتصاد لم تحقق النجاح المطلوب خلال العقود الماضية، مما يتطلب تفكيراً وتوجُّهاً مختلفاً يتيح لكل منطقة أن تلعب هذا الدور وفق ما تمتلكه من إمكانيات وفرص وبما لا يبقي الحاجة لإدراج المتطلبات التنموية ضمن الموازنات العامة الأمر الذي يُشكّل ضغطاً عليها ويُؤخر من تحقيق معدلات نمو اقتصادي تنعكس على المواطن فرصاً وظيفية واستثمارية ودخلاً جيداً وخدمات متكاملة.

 
نقلا عن صحيفة الجزيرة ..