الإدارة الناجحة لاقتصاد الدول تستند إلى سياسات مالية ونقدية ناجحة ونجاحها يعكس إدراكا عميقا لمقاصد تلك السياسات وما يفصل بين الاثنين وما يجمع فى الادوار ليتكاملا مع بعضهما البعض لتحقيق هدف اقتصادي مثل تنمية الثروات المحلية واستقرار الاقتصاد وتوجيه نتائج النجاحات الاقتصادية لصالح الأفراد بتوزيع الثروة الوطنية على مكونات الدولة. ولهذا يصح الاستنتاج بأن السياسات المالية والنقدية من أهم عوامل نجاح اقتصاد الدول واستقرارها ولذلك توصف السياسات المالية والنقدية على أنها دليل مادي على الإداره الفعالة للاقتصاد وتجسدها والعكس صحيح.
ونعني بالسياسات المالية تلك التوجهات الاقتصادية التي تعتمدها دولة ما في الصرف أو الانفاق العام وفي الضرائب وما يتصل بها وأيضا كل ما يحقق أهداف الاستقرار الاقتصادي ورفع معدل نموه. أما السياسات النقدية فهي تؤثر على الناتج وعلى الدخل باستخدام عرض النقود في الاقتصاد بحيث نجد بلدا كالولايات المتحدة يعتمد سياسات نقدية ولكن عبر الكونغرس حيث نجد فيها آليات اقتصادية تؤثر على عرض النقود بتفعيل استخدام سياسة السوق المفتوح والتى تتمثل ببيع أو شراء السندات بغرض تخفيض أو زيادة عرض النقود وأيضا تُعنى السياسة النقدية بأسعار الفائدة خفضا ورفعا وبالعمليات النقدية عموما ولكن لكي تنجح يُشترط أن يكون عمل الأجهزة متزامنا وهذا ممكن لأن من طبيعة هذه السياسات أنها لا تفعل بمجرد اعتمادها من مجلس النواب حين تتكامل أدوار المؤسسات التشريعية والتنفيذية فعلى سبيل المثال ينهض مجلس النواب الأمريكي بمسئولية تحديد حجم كمية الدولارات في الاقتصاد الأمريكي ووضع سياسات صرفها اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا أو في مجالات تحقق الاهداف الاجتماعية والاقتصادية وفي الوقت والمكان والكم الصحيح وفي تناغم تام مع السياسات الضريبية الفعالة في ظل رقابة من أجهزة مختلفة ومتابعه لوسائل تحقيق تلك الأهداف.
ومسئولية الجهاز المصرفي الفيدرالي عن العمليات النقدية تنبع من طبيعته كأي بنك مركزي لحكومة وطنية ولهذا تنحصر مسئولية الحكومة الأمريكية في التنسيق مع الجهاز المصرفي الفيدرالي في حدود صلاحياته لإدارة الميزانية العمومية للدولة الأمريكية وسلطة البنك الفيدرالي الأمريكي في هيكل الحكم الأمريكي تبدو في بعض الاحيان مبهمة ولكن ذلك ناشيء من خلط بشأنها وبمدى استقلالية البنك الفيدرالي عن تحكم الكونغرس وتدخله في تصرفاته لأنه مع وضوح صلاحية كل مؤسسة إلا أنه من ناحية فعليه يظل الكونغرس مهيمنا ومتحكما في قرارات البنك الفيدرالي لأنه من يشرع القوانين ويفعل الأنظمة لمراقبة أجهزة الدوله وهناك تكامل بين دور الفيدرالي والكونغرس في تنظيم كل ما يعتبر مؤثرا في أسواق الأسهم والقطاع المالي
ومع ذلك هناك مساحة لتحرك البنك الفيدرالى الأمريكي من حيث حرية التصرف في سياسات القطاع المالي وفق المرونة وفي إطار فصل الصلاحيات ولهذا من سلطاته تعديل كمية الاحتياطات داخل الجهاز المصرفي أو استبدالها بالصكوك متى رأى أن في ذلك فائدة ومن صلاحياته تفعيل سياسات التيسير الكمي رغم أنه يضخم من سوق وول ستريت المالي بينما يظل السوق العام (مين ستريت) هو من يوفر الوظائف في الاقتصاد ومن يضيف قيمة له ويصح الاستنتاج في هذا المقام بأنه بقدرما تكون تشريعات الكونغرس موضوعية ومتفقه مساحة تحرك البنك الفيدرالي الأمريكي بقدرما يكون الاقتصاد الأمريكي بصحة و(هناء) والعكس صحيح. إن السياسات المالية والنقدية للدول حاسمة لنجاح العملية الاقتصادية لأنها تجسد عافية القرارات الاقتصادية أو تؤكد خطلها وخطئها.