قيل الكثير عن دور القطاع الخاص في خطة التنمية الحكومية. منهم من اعتبر أنه غير قادر على تنفيذ المشاريع المنوطة به، وآخرون أشاروا إلى صعوبة التمويل، فيما ألقى البعض الضوء على صعوبات وتحديات الوضع الحالي. لكن ماذا تقول خطة التنمية الرباعية التي وضعتها الحكومة وأقرها مجلس الأمة عن دور القطاع الخاص؟
يحتل القطاع الخاص ثاني أهم الأهداف الاستراتيجية للتنمية حتى عام 2035 حسب خطة الحكومة، بعد الهدف الأول الذي ينص على زيادة إجمالي الناتج المحلي ورفع مستوى معيشة المواطن. ويحمل الهدف الثاني عنوان «القطاع الخاص يقود التنمية وفق آليات محفزة». إذ تسعى الخطة إلى «تهيئة الظروف والبيئة المؤاتية والآليات المحفزة ليمارس هذا القطاع دوره المرتقب».
تقسيم الكعكة
وتُقدر كعكة استثمارات القطاع الخاص من مشاريع التنمية بحوالي 13.8 مليار دينار، أي %46 من قيمة الخطة الإجمالية البالغة 29.7 مليار دينار. وتنقسم استثمارات القطاع الخاص على 4 أعوام بمتوسط قيمة سنوية تبلغ 3.5 مليارات دينار، مقارنة مع متوسط قيمة الاستثمارات الحكومية السنوية البالغة 3.9 مليارات دينار، ليصل حجم الإنفاق الحكومي على مشاريع التنمية 15.9 مليار دينار خلال 4 سنوات، وبحصة %54 من الإجمالي. وبدورها، تنقسم الاستثمارات الحكومية بين نفطية (%22.4) وغير النفطية (%31.6). ومن الجدير ذكره أن القطاع الخاص سيستفيد أيضا من الإنفاق الاستثماري الحكومي المتوقع من خلال المناقصات والمقاولات وتقديم الخدمات المختلفة.
وحسب الخطة الحكومية، يعكس حجم الاستثمارات الضخم للقطاع الخاص سعي الدولة لتحويل الأنشطة الاقتصادية الرئيسية إليه. ففي عام 2007، بلغت استثمارات القطاع الخاص 2.6 مليار دينار، وقد انخفضت إلى 1.9 مليار في عام 2009. وتهدف الخطة إلى الارتفاع التدريجي لهذه الاستثمارات حتى تصل 5 مليارات دينار في السنة الأخيرة من الخطة. أي بمعنى آخر، سيتم تخصيص استثمارات ضمن الخطة في أول سنة للقطاع الخاص بنسبة %26 من الإجمالي، وترتفع هذه الحصة في السنة الرابعة (2014) إلى %54.
وحسب أوساط المجلس الأعلى للتخطيط، تتوزع استثمارات القطاع الخاص بين طرح مبادرات B.O.T. وشراء مشاريع معروضة للخصخصة والاكتتاب في شركات مساهمة عامة ستطرح لتنفيذ مشاريع مثل شركة لإنجاز مدينة الحرير، وشركة للمستودعات والمنافذ الحدودية شمال البلاد، وشركة للمباني منخفضة التكاليف، وشركة للخدمات التعليمية وأخرى للخدمات السياحية وثالثة للخدمات الإعلامية وعشرات الشركات المشابهة. وتقدر الأوساط حجم أعمال الشركات المساهمة العامة - إذا تأسست هذه الشركات - بـ7 مليارات دينار سنويا.
ووفقا للخطة التنموية، تسعى الحكومة لتحفيز القطاع الخاص على زيادة استثماراته المحلية، لأن «دور القطاع الخاص في التنمية لا يزال دون المستوى المأمول»، حسب الخطة. فنسبة مساهمة هذا القطاع في إجمالي الناتج المحلي انخفضت من %37 في 2002 إلى %32 في 2007. كما أن النشاط الخاص يتركز في 3 قطاعات فقط: قطاع التمويل والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال، وقطاع النقل والمواصلات والاتصالات، وقطاع تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق. إضافة إلى ذلك، يُعتبر نصيب القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات ضعيفا.
أطر محفزة
وتضع الخطة أطراً عامة لتحفيز القطاع الخاص على المشاركة بفعالية بالتنمية، وهو مطلب أصحاب الأعمال والشركات والبنوك والمستثمرين منذ عقود. وأبرز هذه الأطر العامة: • التقليص التدريجي لهيمنة القطاع العام على الأنشطة الاقتصادية. • تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وأبرزها التخصيص. • توفير احتياجات القطاع من الأراضي اللازمة. • تطوير الأطر التشريعية التجارية والاقتصادية. • إزالة جميع المعوقات الإدارية والتنظيمية في بيئة الأعمال. • تسهيل وتبسيط إجراءات الاستثمار. • استكمال مشاريع البنية التحتية بما يضمن سهولة استخدامها من جانب المستثمرين. • إتاحة فرص تطوير أو إقامة بعض مشاريع البنية التحتية للقطاع الخاص. • دعم المشاريع والأعمال الصغيرة والمتوسطة والعمل على تنويع أنشطتها، وتوفير كل أشكال الدعم اللازمة لها سواء التسويقية أو الإدارية أو الإجرائية أو التمويلية. • تهيئة البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة. • الاستفادة من خبرات وتقنيات الشركات العالمية بالمشاركة المباشرة مع الشركات المحلية بما يعزز القدرة التنافسية للدولة.
إلى ذلك، تستهدف الخطة أن ينمو القطاع الخاص %9.9 في 2010 بعد انكماشه بنسبة %3.7 في 2009. وأن يسجل معدل النمو هذا %12.6 و%13.7 و%12.7 في السنوات 2011 و2012 و2013 على التوالي. فهل ستنجح الخطة في ذلك؟ وهل سيستغل القطاع الخاص الفرصة المتاحة؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة على هذه الأسئلة.