مع الارتفاع الكبير في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات، اصبح متوسط الأجور والرواتب لدينا لا يكفي لسد الحاجات الأساسية التي تحقق الرخاء الاقتصادي لأفراد المجتمع، مما جعل البعض ينادي بزيادة في الأجور والمرتبات للقطاع الحكومي. وكما هو الحال انقسمت الآراء إلى قسمين؛ الأول يرى أن زيادة الأجور والرواتب ستعمل على تحسين الأوضاع المالية والاقتصادية للأفراد، بينما يرى الفريق الأخر بأن الزيادة ليست في صالح المجتمع وذلك لان الزيادة ستولد ضغوط تضخمية ستصاحبها زيادة في الأسعار بمعدلات أعلى من الزيادة في الأجور والرواتب وبالتالي ليست هناك أي جدوى من الزيادة.
بعبارة أخرى، سنعيش حالة "توهم النقود" الكنزية (Money Illusion) ، أي إن الزيادة في الرواتب لن تعمل على رفع القوة الشرائية للأفراد وأنما زيادة أسمية في دخول الأفراد. في المقابل حتى الآن لم يتم مناقشة تأثير هذه الزيادة (فيما لو حدثت) على استدامة اوضاع المالية العامة (Fiscal Sustainability) .
يُعتبر مفهوم استدامة أوضاع المالية العامة من مفاهيم الاقتصاد الكلي المرتبطة بالعجز المالي الحكومي المستقبلي وتطور الدين العام في الأجل الطويل، وقدرة الحكومة على تمويل العجز المالي وتخفيض عبء الدين العام، بدون إحداث أي تغييرات جوهرية في السياسة المالية الحكومية بطريقة تؤثر على الاقتصاد الوطني بشكل سلبي. وبالتالي تعتمد استدامة أوضاع المالية العامة على التطورات والاتجاهات المستقبلية للإيرادات والنفقات الحكومية.
حسب البيانات المنشورة في تقرير صندوق النقد الدولي لمشاروات المادة الرابعة مع المملكة لعام 2013م وصلت الأجور والرواتب الفعلية للقطاع الحكومي لعام 2012م حوالي 317 مليار ريال، أي ما نسبته 35 في بالمئة من إجمالي المصروفات الحكومية و 28 في المئة من إجمالي الإيرادات النفطية. فيما وصل الأنفاق الاستثماري الحكومي لنفس الفترة حوالي 262 مليار ريال، أي ما نسبته 28 في المئة من إجمالي المصروفات. أي ان بند الأجور سيتأثر بالنصيب الأكبر من ميزانية الحكومة.
لنفترض أن الحكومة قامت بزيادة الرواتب والأجور بنسبة 50 في المئة. مع فرضية بقاء الإيرادات النفطية عند نفس المستويات وافتراض أن معدل النمو في القوى العاملة في القطاع الحكومي يساوى صفر (عدد الموظفين الجدد يساوى عدد المتقاعدين) سيشكل بند الأجور والرواتب للقطاع الحكومي بعد الزيادة نحو 42 في المئة من إجمالي الإيرادات النفطية. أي أن حوالي النصف من الإيرادات النفطية سيذهب لتغطية نفقات غير إنتاجية لا تحقق أي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
وبالتالي فأن النتائج ستكون أما أن تقبل الحكومة بتحقيق عجز سنوي في موازنتها المالية بمقدار الزيادة هذه أو تخفيض الإنفاق على العناصر الأخرى للموازنة العامة خصوصاً النفقات الاستثمارية. وهذا ما حدث فعلاً في التسعينيات من القرن الماضي، عندما انخفضت أسعار النفط العالمية. فقد عانت الحكومة من عجز في ميزانيتها على مدار 22 سنة، ووصول الدين العام كنسبة من إجمالي الناتج المحلي لحوالي 120 في المئة. فأول الضحايا كان الإنفاق الاستثماري الحكومي الذي وصل إلى حوالي 7 في المئة من إجمالي المصروفات الحكومة عام 2000م.
كما إن منشأ أزمة الديون العامة في اليونان، بالإضافة إلى التلاعب في البيانات، هو قيام الحكومة في السنوات الأخيرة التي سبقت الأزمة بزيادة الأجور والرواتب لموظفي القطاع العام دون محاولة رفع إنتاجية الموظفين مما ولد ضغوطا كبيرة على استدامة أوضاع المالية العامة والتي نتج عنها عدم مقدرة الحكومة في النهاية من تمويل عجزها المالي وخدمة أعباء ديونها الخارجية.
لاشك أن دخل الأفراد قد نخفض بشكل كبير خلال السنوات الماضية. فلو استخدمنا الرقم القياسي لأسعار المستهلكين لوجدنا أن الأجور بالأسعار الثابتة لعام 1999م قد انخفضت بحوالي 40 في المئة، وبالتالي لرفع الدخل الحقيقى للأفراد ليكون مساوياً لمستويات الدخول عام 1999م، يجب زيادة الأجور بنسبة لا تقل عن 40 في المئة. ولكن هذه الزيادة قد تخلق مشاكل اقتصادية أخرى.
فأول هذه المشاكل إحداث ضغوط تضخمية في حالة عدم استجابة العرض الكلي لمواكبة الزيادة في الطلب الكلي الناتجة عن الزيادة في الرواتب والأجور. تعتمد احتمالية حدوث ضغوط تضخمية على مدى ديناميكية الاقتصاد من حيث مدى استجابة العرض والأسواق للزيادة في الطلب الكلي. والمشكلة الثانية والأهم هي خلق حالة من عدم اليقين في استدامت اوضاع المالية العامة، حتى مع عدم زيادة الرواتب والأجور وذلك لقيام القطاع الحكومي بعملية التوظيف المستمر فأن بند الأجور والرواتب سيرتفع في المستقبل. فما الحل إذاً؟
في تصوري تكمن المشكلة الأساس لأغلب المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها اقتصادنا هو استمرارية الاعتماد على مصدر وحيد للدخل وعدم المقدرة على تنويع القاعدة الإنتاجية حتى الآن. فعلى الرغم من محاولة جميع خطط التنمية الخمسية المتعاقبة على تقليل الاعتماد على مصدر واحد للدخل، ما زالت تشكل الإيرادات النفطية حوالي 93% من إجمالي الإيرادات الحكومية في عام 2012م، والصادرات النفطية حوالي 88% من إجمالي الصادرات.
وبالتالي يجب صياغة سياسات واستراتيجيات جديدة للخروج من هذه الحلقة المفرغة. فبدون تنمية القطاع الخاص بحيث يستوعب الجزء الأكبر من طالبي العمل في المستقبل، والعمل على زيادة الإيرادات غير النفطية، ستبقي الخيارات أمام صانعى القرار محدودة جداً.
أبي أفهم فقرة تنويع مصادر الدخل ، يعني نفتح مرقص مثلا.. بلدك صحراوي وتعليمك جاهلي من وين تبي تنوع مصادر دخلك.. وليه أصلا ودخل النفط يروي العالم كله
شكرا للمقال
what kind of analysis is this? increasing salaries can increase saudi incomes ,savings and investments and solve many problems for the government it also will increase growth and diversify economy
increases in prices will be minimum because the whole world is in stagnation also the government job is to control prices and punish greedy traders
الزبدة تريدهم يرفعون الرواتب أو لا ؟ ليت الكاتب يتجه إلى ما ينتظره القارئ وهو معرفة رأيه في القضية المطروحة ..
تتجه الدول للحفاظ على القوة الشرائية للمواطن بطريقتين تثبيت الرواتب ويقابله تثبيت الزيادة في السلع الإستهلاكية وخاصة السلع الإساسية مع ترك السلع الكمالية حرة ، الطريقة الثانية رفع الرواتب بنسب تعادل الزيادة في نسب الزيادة للسلع الأساسية ، لكن للأسف ما حدث عندنا ارتفعت السلع الأستهلاكية الاساسية والكمالية ارتفاع جنوني ولم يقابله زيادة في دخل الموظف الحكومي وبعض موظفي القطاع الخاص
في ظل عدم وجود اصلاحات وضبط للاسواق بأنواعها التجزئه والعقار ومؤشراتها فرفع الرواتب سيسبب مزيد من التضخم
للأسف كلامك صحيح ويارب ما تتم زيادة في الرواتب في ها البلد أبد لأننا جميعاً يتذكر آخر زيادة في الرواتب بسبة 15% خمسة بالمائة لمدة ثلاث سنوات وللأسف كل شيء تضخم بشكل جنوني ولا يوجد تنظيم من الجهات المعنية نهائياً .
يا هلا وسهلا فيك د. علي الله يردك سالم مشاركا فعالاً في مسيرة الوطن، مقال جميل من دكتور متخصص،، اتفق معك قلبا وقالبا على وجود آثار سلبية على اقتصادنا في حالة زيادة الرواتب ولا يختلف أي عاقل على هذه السلبيات، من جهه أخرى غير متطرق لها وهي من عوامل كبح جماح الأسعار هي مراقبة الأسواق بجدية وبفعالية، فلو نظرنا إلى أصحاب الأعمال والتجار، نجد أنهم لايرضون بربح صافي ومعقول كـ 5% أو 10% أو حتى 20% بل غالبا يكون الربح من مضاعفات 100% 300% 500% وهكذا وهذا السلوك إن لم تضبطه الحكومة بصرامة فالحال يبقى على ماهو عليه من جشع التجار وترك المستهلك لعبة لعناوين جاذبة كتخفيضات تصل إلى 70% وأكثر ،، وأن أتسائل وأستغرب بالوقت نفسه أين تفعيل الدور المهم والتي كانت تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع العصور الاسلامية السابقة!!! ومراقبة الأسواق هو من أهم أعمالها المنوطة بها، حتى في وقتنا الحاضر ونجده في نظام تأسيس الهيئة من عهد المؤسس، ولكنهم للأسف آثروا أعمال معينة على هذا العمل الذي يمس حياتنا،،، ولا تنسى يادكتور أيضا احتكار كثير من الأنشطة الاقتصادية على قلّة قليلة وهذا مايؤدي بدوره إلى إرتفاع الاسعار بلا شك على المواطن، كوكلاء السيارات، والأرز وغيرها الكثير من الأنشطة المحتكرة والتي للأسف يجدون أنظمة تحمي هذا الاحتكار،، وقد سمعت قصة من زمن ولا أعلم عن صحتها ولكنها منطقية وليس فيها شي من الخيال حتى أحجم عن طرحها وهي : أن شخص سعودي استورد كميات لابأس بها من الأرز ليبيعها في السوق المحلي (وهو نصف تاجر وجديد على السوق)، فلما علم التاجر والهامور الكبير في سوقنا لمحلي للأرز،، أرسل من يشتري منه ولكن صاحبنا لم يبع وفضل اقتحام السوق،، ولكن الهامور الكبير لم يرق له ماحدث، فأنزل سعر الأرز في السوق وبالتعاون مع الهوامير الآخرين كسبا للرضا بسعر أقل من تكلفة صاحبنا أو حتى أقل من تكلفتهم،،، فما كان منه إلا أن خضع لرغبات الهامور وباع كل وارداته من الأرز على الهامور وبسعر يحدده الهامور نفسه!! وخرج من السوق نهائي،،، وهذا مايريدونه ليتحكموا بالأسعار،، ومثل هذه القصة لاتخدم المنافسة الشريفة على كسب المستهلكين وبأقل الأسعار،،،، عبدالرحمن القحص
الأسعار زادت بنسب تجاوزت ١٠٠ و ٢٠٠ و٣٠٠ ٪ بينما الأجور لم تزيد اطلاقاً فقضية ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية بسبب زيادة الرواتب حجة ممجوجة وغير مقنعة ... زيادة الأجور امر متبع في جميع دول العالم عندما ترتفع اسعار المعيشة ... الحاصل الان ان الدولة لاتتضرر من انخفاض اسعار الدولار وبالتالي الريال لان ذلك يتم تعويضه بارتفاع اسعار البترول بينما المواطن ينقص اجره كلما ضعف قيمة الدولار .
فكو ارتباطنا بالدولار وارفعوا قيمة عملتنا راح ينخفض التضخم سياستنا العقيمة يجب تغيرها لمصلحة بلدنا ومواطنينا وليست لمصلحة دول اخري الرواتب يجب ان ترفع بنسبة معقولة ويجب كبح جماح التجار ووضع نظام صارم للحد من تلاعبهم او انشاء شركة حكومية لاستيراد المواد الاساسية مباشرة من الدول
يعملوا إحصائية ومقـــــــارنة لرواتبنا مع ( 3 ) دول من دول الخليج ( كالكويت وقطر والأمارات ) ، وبكم تبتدئ رواتبهم في ( 3 ) مرافق هي : 1) موظفوا الحكومة 2) موظفوا البنوك3) موظفوا شركات البترول بشهادة ( بالمتوسطة ، وبالثانوية ، وبالشهادة الجامعية ) ...وسوف تتضح الأمور لنــا أكثر (عن مدى تقارب رواتب السعوديين من عدمها مع تلك الدول) ... حيث أن جميع هذه الدول (متقاربة) في الإعتماد على الدخل فكلها تعتمد على النفط ، كمغا أن جميع هذه الدول لهم نفس العادات في المصاريف و تستورد معظم حاجياتها من نفس المصادر تقريبا أيضا ... فالتأثرات متقاربة ... فهل الرواتب متقـــاربة أيضا ؟ ، فإن كانت .. لا ... فالتعديل في الرواتب ... في نظري ... واجب ؟!؟!
كـــانت رواتب المبتعثين السعوديين في نهاية 70s وبداية 80s ( أعلى ) من رواتب المبتعثين من دول الخليج العربي ، كمــا أنها كانت أعلى من دخول كثيرمن الأمريكان والأوربيين أيضــا .
موظفين كسالى وغير منتجين اطلاقا والدولة تدفع لهم 370 مليار ربال ستويا لابد من تتخلى الدولة عن الدور الابوى الذى تقوم به لانها لن تستطيع مارسته الى الابد بسبب الزيادة في عدد السكان ولابد من وجود نظام ضريبى حديث مهما كانت تكلفته لكى يتم عمل احصائيات دقيقة عن القطاع الخاص والرشاوى والتستر ورواتب العمالة الاجنبية
مقال رائع وكلام على قد الكلام. . ما نبي من الحكومة زيادة رواتب. نبي سكن ملك لكل مواطن فلايجار ياكل الرواتب
نريد اقل حاجة بطاقة دعم لكل فرد حتى يستفيد جميع المواطنين وبفعل يكون دعم متساوي للجميع ولا يستفيد منه المقيم