تحولات إيجابية لأداء الاقتصاد الأميركي

11/07/2013 2
عامر ذياب التميمي

حل الرابع من تموز ( يوليو)، عيد الاستقلال في الولايات المتحدة، هذا العام والأوضاع الاقتصادية ومؤشراتها تؤكد تحولات إيجابية، بعكس ما كانت عليه خلال السنوات الأخيرة.

وهناك بيانات تؤكد ارتفاع أسعار المساكن وزيادة مبيعاتها، وأخرى تشير إلى أن مبيعات السيارات في تحسن مستمر من شهر إلى آخر.

وأوضحت تقارير ديترويت، عاصمة صناعة السيارات في الولايات المتحدة، أن عدد السيارات المباعة في حزيران الماضي(يونيو) من قبل جميع مصنعي السيارات، بلغ 1.4 مليون وبارتفاع نسبته 9.2 في المئة قياساً إلى ما كانت عليه في حزيران من العام الماضي.

هذا التحسن في مبيعات حزيران يعني، وفق تلك البيانات، أن شركات السيارات باعت 7.8 مليون سيارة خلال النصف الأول من العام الحالي، ما يشير إلى أن إجمالي مبيعات السيارات قد يصل إلى حدود 16 مليوناً هذه السنة.

ولا شك في أن مؤشر مبيعات السيارات يعتبر من أهم المؤشرات في الاقتصاد الأميركي، وهو يعني وفق هذه البيانات، أن ثقة المستهلكين عادت بقوة وإن إمكانات زيادة الإنفاق الاستهلاكي باتت محتملة.

هناك مؤشر مهم آخر هو مبيعات المساكن التي ارتفعت أعدادها وأسعارها، إذ تشير التقارير إلى أن نسبة ارتفاع الأسعار، كمعدل، بلغت 12.2 في المئة في أيار (مايو) الماضي مقارنة بما كانت عليه في الشهر ذاته العام الماضي.

ويعتبر هذا المؤشر أيضاً، من أهم المؤشرات التي تؤكد استعادة الثقة لدى المستهلكين حيث أن اقتناء المساكن، لغالبية الأميركيين، يمثل توظيفاً مهماً للمال وفي الوقت ذاته، اتخاذ قرار بالاستدانة الطويلة الأجل وتخصيص جانب من الدخل الفردي أو العائلي لخدمة هذا الدين.

وكما هو معلوم، فالأزمة المالية العالمية بدأت بأزمة الرهونات العقارية، عندما عجز كثير من المقترضين عن مواجهة التزامات تسديد تلك الديون والتي أدت إلى مشكلة مهمة لعدد كبير من المصارف والمؤسسات المالية، أمام ديون غير قابلة للتسديد، ومن ثم اضطرت الإدارة الفيديرالية إلى اتخاذ قرارات غير مسبوقة لإنقاذ النظام المصرفي وكثير من الشركات ذات الصلة، وحماية كثير من أصحاب المساكن من تبعات مسؤوليات الديون العقارية.

أدت تلك الأزمة إلى تراجع في أسعار المساكن والعقارات عموماً، ما مثل تراجعاً في قيم الأصول المملوكة من الأفراد والشركات.

فتحسن أسعار المساكن إذاً، يؤكد قدرة الشركات العقارية على تعديل أوضاعها التي تضررت على مدى السنوات الخمس الماضية.

كما أن هذا التحسن يشير إلى أن الجهات الممولة بدأت فعلاً، توفير القروض السكنية إذ أشارت تقارير إلى أن الفوائد عليها، ولأجل طويل، ارتفعت إلى 4.4 في المئة.

وهناك مؤشر آخر يضيف أن الطلبات على المنتجات الصناعية ارتفعت خلال أيار الماضي بنسبة 2.3 في المئة قياساً إلى الشهر السابق.

وشكلت الطلبات على الطائرات التجارية والمعدات الثقيلة وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة المنزلية أهم تلك الطلبات لدى القطاع الصناعي. فهذا التطور يؤكد أن قطاع التوزيع السلعي يتجاوب مع ارتفاع الطلب الاستهلاكي ويزيد طلباته لدى القطاع الصناعي.

ويمكن لأي زائر للولايات المتحدة أن يتيقن من أن قطاع الخدمات، بكل فروعه، يواجه ارتفاعاً حاداً في الطلب حيث يلاحظ تزايد أعداد المسافرين بين المدن الأميركية، خصوصاً في فترة الصيف الحالية، وازدحام المطاعم والمقاهي بالزبائن.

معروف عن الأميركيين أنهم يقلصون الإنفاق الاستهلاكي في أوقات الأزمات وتراجع الإيرادات وفقدان الوظائف، وعندما ترتفع معدلات الاستهلاك فإن ذلك يعني أن شعوراً بالقدرة على الإنفاق باتت سائدة في المجتمع الأميركي.

ومعلوم أن الإنفاق الاستهلاكي الخاص، العائلي والشخصي، يعتبر المحرك الأساس للاقتصاد الأميركي، وهو اقتصاد لا يمكن اعتباره معتمداً على التصدير، حيث أن بيانات التجارة الخارجية تؤكد أن الميزان مستمر في تحقيق عجز يؤدي إلى التزامات هيكلية تجاه العالم الخارجي.

من ناحية أخرى، أشارت تقارير إلى ارتفاع أعداد الوظائف الجديدة بزيادة 165 ألفاً في حزيران الماضي. أي أن المؤسسات الاقتصادية تمكنت من المحافظة على قدرتها على خلق وظائف جديدة ومن ثم إمكان تراجع معدلات البطالة في البلاد.

هذه أخبار جيدة للاقتصاد الأميركي انعكست إيجاباً على أداء الأسواق المالية، فاقترب مؤشر «داو جونز» من 15 ألف نقطة خلال الأسبوع الماضي بعد تراجعات في مراحل سابقة بسبب التخوف من ارتفاع أسعار النفط نظراً للأزمة المصرية.

لكن أسواق المال ستعتمد في أدائها خلال الأيام المقبلة على المؤشرات الاقتصادية داخل الولايات المتحدة، والتي سبق الإشارة إليها.

المهم الآن، هو مدى انعكاس هذه التطورات الإيجابية على الإيرادات الضريبية، ومدى إمكان خفض عجز الموازنة الفيديرالية بعد أن تتحسن الإيرادات وأرباح الشركات ومداخيل الأفراد.

فهل ستؤدي زيادة حصيلة الضرائب إلى توافق في الكونغرس على الإصلاح المالي بحيث لا يخفض الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية، وهما مرفقان يؤكد الرئيس أوباما أهميتهما للأميركيين؟ أخيراً، أن هذه البيانات المتفائلة بالاقتصاد الأميركي، لا بد أن تكون أخباراً سارة لكثير من المسؤولين في الدول الأخرى حيث يعتبر هذا الاقتصاد الأقدر على استيعاب صادراتها.

نقلا عن جريدة الحياة