بعد مقاساة ومعاناة من مناخ الحرب العالمية الثانية وفقرها ودمائها خرج شعب نيوزيلندا برؤية اقتصادية مثلما يخرج طائر الفينيق من الرماد قوياً ، اعتمدت استراتيجية التوظيف الكامل لكل نيوزيلندي قادر على العمل.
وعندما حل عام 1956م حققت نيوزيلندا ثراء جعلها على رأس قائمة أغنى دول العالم ، في وقت قياسي.
وكانت المعادلة فى غاية البساطة إذ تقوم على الحق المطلق لكل قادر على العمل لأن الوظيفه تعني العيش بكرامة ومستوى إنساني لائق.
ونتج عن ذلك التزام المواطن النيوزيلندي بإنتاجية عالية ودرجة من الانضباط.
لكن بقاء الحال من المحال اذ تغيرت الأجيال و مناخ الاقتصاد العالمي وارتفعت أسعار الطاقة ولكي تواكب نيوزيلندا هذه التقلبات ولتبحر باقتصادها بعيداً عن ما يؤثر سلباً في رفاهية مواطنيها زادت من التحكم في التخطيط المركزي للاقتصاد وهو ما خلق ردة فعل لدى أجيال جديدة تربت في الثراء الهائل الذي أوجدته سياسات التوظيف الكامل.
وعندما جاءت انتخابات 1984م نفذ حزب العمال النيوزيلندي من خلال ردة فعل الأجيال الجديدة بشعارات تجديدية براقة حاولت أن تثبت أن ما كان يجري في نيوزيلندا ليس بثراء وإنما ممارسات اقتصادية أضرت بالأمة ..وبالطبع في الانتخابات يختلط التهريج باستغباء الناس وتهيجهم وخاصة إذا كانت الأجيال تفتقد ذاكرة الأجيال التي كافحت وناضلت من أجل إيجاد الثراء.
في المُـحصِلة تم انتخاب دايفيد لانغي رئيساً للوزراء وقام بتشكيل وزارته.
ثم طارت سكرة الانتخابات وجاء وقت تطبيق الفكرة.
عين رئيس الوزراء السيد روجر دوغلاس وزيراً للمالية ومن فرَط خفة سياساته الاقتصادية استخف به الناس واسموا سياساته (روجرنوميكس) لأنه ظل يهندس رؤية للحكومة الجديدة جعل على رأسها ركوب موجة الخصخصة وإطلاق الحرية لرأسمالية سوق متوحشة مع إغفال تام للأبعاد الاجتماعية و سرحت الشركات التي تم تخصيصها العمال وأعادت هيكلة الإدارات مما رفع نسبة البطالة في الاقتصاد.
ان الحكم على تلك السياسات متروك للتاريخ ولكن نتائجها على الأرض عكست واقعاً مريراً بحيث جعلت 90% من الثروة الوطنية في تلك البلدان تذهب لصالح 1% من الأمة بينما تركت السوق يسحق البقية بالإضافة لمايحدث اليوم من اضطرابات مالية ومنها أزمة 2008م التي أطاحت بأسواق المال الأمريكية والمصارف لذلك تظل فكرة التوظيف الكامل في الاقتصاد المحلي تظل صحيحة حتى يثبت العكس.
وكل ما طرح يؤكد أن على القطاع العام تقع مسئولية النهوض بالتوظيف الكامل لأن شعارات الخصخصة وتقليل الأنظمة أجهزت على ثراء دولة مثل نيوزيلندا وأكدت دائماً أنها مجرد قناع من أقنعة الرأسمالية الليبرالية.
عادة عندما اقرء لك اجد فكرتك واضحة إلا اليوم مالذي تريد إيصاله للقاريء ؟ هل تريد الدولة تقوم بكل الجهد ممثله بالقطاع العام أم تريد القطاع الخاص يقوم بكل الجهد .
معالجة الفقر و البطالة: ١) إلتزام التوظيف الكامل ٢) مسؤلية التوظيف الكامل يقع على عاتق الدولة ٣) و لئن الدولة تحتكر حق إنتاج العمله لديها الإمكانيات المادية للتمويل،،،
ولكن الا ترى اقتراحك فيه نوع من الاشتراكيه أليس اقتصادنا يتبع السياسات الرأسماليه .
الرأسمالية أنواع عديده، النوع السائد اليوم هو اللبرالي الجديد الذي شعاره تخصيص و تقليل القيود و تحرير السوق و هذه خدعه لتكديس الثراء. بدون دور حكومي قوي يحمي المواطن من طمع و جشع البيروقراطيين و ملاك الأصول ٪٩٠ من الثراء سيقع في أيدي ٪١ من الناس.
اتفق معك اخي سعيد في ان وراء الكثير من نداءات الخصصة هو الاستئثار بالكعكة الاقتصادية لصالح الـ 1%، وهذا يتمثل اليوم في ابشع صوره في الولايات المتحدة الامريكية، تلك القارة الضخمة والغنية بالثروات كالغاز والنفط والمعادن والمياه، الان ان كل تلك الثروة الاسطورية هي (ملكية خاصة) وليست ملكاً للشعب (الحكومة)، لذلك نجد ان الارض الامريكية غنية بمختلف الثروات الا ان الحكومة الامريكية مديونة بتريليونات الدولارات والتي تتعاظم يوماً بعد يوم. اما اغلب الشعب فهو يعيش على (الكريدت كارد) والتي بدونها سيكون شخاذاً على الارصفة. الحكومة الامريكية تقترض من الـ 1% و الشعب الامريكي يقترض من الـ 1%. والـ 1% بدأوا ينقلون اعمالهم لخارج بلاد الحلم الامريكي نحو اسيا وامريكا اللاتينية الى حيث فقراء العالم ليستغلون رخص الاجور هناك، ليأكل الشعب الامريكي بعد المزيد من التبن الرأسمالي.
ستجد أخي سعيد بعد كم يوم ؛ بواحد معاه قصة في دولة أخرى تثبت نجاح الخصخصة !! كل تيار سيدافع عن فكره وبشدة ؛ ولا نستطيع أن نطبق النظريات الإقتصادية في دول يكون أمراؤها وحكامها هم أيضا تجارها وشركاء ورؤساء مجالس إدارة في قطاعها الخاص !! أليس كذلك ؟ ولازلنا نتعلم منكم .. دمتم بود وشكرا