أمننا الغذائي من خلال التواجد بضفتي السوق

05/06/2013 4
محمد العنقري

تعاقدت صوامع الغلال هذا الأسبوع على شراء أكثر من نصف مليون طن من القمح وتستورد المملكة سنويًّا ملايين الأطنان من مختلف أنواع الحبوب وتبلغ تكاليفها ما يفوق العشرة مليارات ريال ويتغيَّر الرقم تبعًا للأسعار العالميَّة لكن الثابت هو نمو الاستيراد المستمر نتيجة لارتفاع الاستهلاك المحلي المقرون بالنمو السكاني الذي يعد من أعلى النسب عالميًّا الذي يعني أن الاستيراد سيتضاعف عن الأرقام الحالية إلى الضعف على الأقل خلال عقدين خصوصًا أن الخطة الحكوميَّة تهدف للتوَّقف عن زراعة القمح عام 2016 بسبب شح المياه.

وبدأت الجهود الحكوميَّة لتوفير احتياجات المملكة من الحبوب بِشَكلٍّ أساسيٍّ وغيرها من السلع الغذائيَّة عبر مبادرة الاستثمار الزراعي الخارجي التي أطلقها خادم الحرمَيْن الشريفَيْن قبل أعوام قليلة وتشرف عليها وزارة الزراعة مع عدَّة جهات حكومية ذات علاقة بخلاف دعم دور القطاع الخاص بالشراكة بمشروع الأمن الغذائي وأسست شركة سالك للاستثمار الزراعي كذراع حكومي لتلعب دورًا محوريًا بالاستثمارات الزراعيَّة الخارجيَّة مع البنك الزراعي الذي يتولى التمويل الداخلي للمزارعين. 

ومع كل هذه الجهود إلا أن الأسلوب الذي ستتحرك به الاستثمارات الخارجيَّة سواء لشركة سالك الحكوميَّة أو القطاع الخاص سيكون له الدور الأكبر الذي يحدِّد آفاق تحقيق الأمن الغذائي من الدور الخارجي للاستثمار الزراعي وكذلك دور البنك الزراعي محليًّا الذي يَتطلَّب التنوّع بالأساليب والأفكار الاستثماريَّة والتمويليَّة على حدِّ سواء. 

فالاستثمار الخارجي يفترض أن يكون بقنوات مُتعدِّدة لا تقف فقط عند حدود الاستثمار المباشر بالزِّراعة من خلال الاتفاقيات مع دول على تخصيص أراضٍ للزِّراعة فهو أمر متذبذب من ناحية الإنتاج مما يعني أن التوزيع الجغرافي ضروري للاستثمار الزراعي ليكون قاريًا وليس مقصورًا على دول محدَّدة تتأثر بمناخ متشابه كدول إفريقية مثلاً ويكون الإنتاج عرضة للتقلب ولذلك يجب أن تتوزع الاستثمارات بقارات إفريقيا وأمريكا وآسيا وبنسب ترتكز على معدلات الإنتاج بحسب الاحصائيات التاريخيَّة المعروفة. 

كما أن الاتجاه لتملك شركات تجارة السلع الغذائيَّة الرئيسة التي تُعدُّ هي اللاعب الأكبر بحركة الأسعار للسلع عالميًّا يعد متطلبًا مهمًا يحقِّق عدَّة فوائد بوقت واحد من حيث العوائد التي تعوض جزءًا من دعم الحكومة للحبوب والسلع الغذائيَّة الرئيسة وكذلك يعزِّز من دور المملكة بتأمين ما تحتاجه من الحبوب دون اللجوء لطرح المناقصات التي قد تستغلها تلك الشركات لرفع الأسعار بخلاف مكاسب إستراتيجيَّة عديدة تربط ما بين ما تمتلكها هذه الشركات من إمكانات وما نحتاجه بالاستثمار الزراعي الداخلي 

فإذا كانت المملكة مستوردًا استهلاكيًّا كبيرًا لأغلب السلع الغذائيَّة الرئيسة فهذا يعني أن نكون موجودين على ضفتي السُّوق بما يعنينا بالعرض والطَّلب فالعرض لا يمكن لمناخنا أنْ يُوفِّرَه إلا بتقدم تقني هائل إلا أن تأثيرنا فيه ممكن بالاستثمار بمثل هذه الشركات وفق قواعد تقليل المخاطر سواء بالأسهم الممتازة وبحصص مؤثِّرة بقراراتها وكذلك بالسندات لنكون ممول قوي لها ومنتفع من عوائدها بأكثر من طريقة 

العلاقات التجاريَّة التي تربط المملكة بالعالم كبيرة واستثمار ظروف الاقتصاد العالمي واحتياجات التمويل الدوليَّة وبما أننا عضو بمنظمة التجارة العالميَّة ومجموعة العشرين بخلاف الاحتياطيات الماليَّة الضَّخمة فكلها عوامل قوة لا بُدَّ من الاستفادة منها بأكبر نسبة ممكنة خصوصًا بالقطاعات الأساسيَّة واختزال عامل الزَّمن الذي نحتاجه للأمن الغذائي لنكون مؤثِّرًا لا متأثرًا فقط كما الحال بقطاع الطَّاقة والمنتجات البتروكيماوية الذي نتميز به.

نقلا عن جريدة الجزيرة