سوق دبي .. ماذا بعد حفلة المليار

15/05/2013 5
محمد سليمان يوسف

تمكن سوق دبي المالي في خمسة أشهر  من  إشباع شهوة المتداولين المتعطشين إلى مضاربات الخطف ،كما حقق للمستثمرين مكاسب لم يكن أكثرهم تفاؤلا يحلم بتحقيقها قبل سنة  من الآن، فالمؤشر العام لسوق دبي قفز بسرعة من مستويات ألف وستمئة نقطة في شهر يناير الماضي ليغلق أمس  - الثلاثاء 14 مايو 2013 -  عند ألفين ومئتين وخمسين نقطة أي عند أفضل إغلاق له منذ النصف الثاني من عام ألفين وتسعة وليصبح أداؤه خلال الربع الثاني من عام  2013 الأفضل على مستوى العالم  حسب وكالة بلومبيرغ التي تراقب  أربعة وتسعين مؤشرا استرشاديا حول العالم.

المستثمرون والمضاربون في سوق دبي سعداء هذه الأيام ، كيف لا وقد حقق بعضهم مكاسب وصلت لأكثر من مئة في المئة خلال الأشهر الخمسة الماضية ، بل ويمكن القول أن الكثير من المستثمرين نسى كل الآلام التي تعرض لها -  خلال الأزمة المالية العالمية،  وأزمة ديون دبي ، وأزمة الديون السيادية الأوروبية – وأصبح سعيدا بما حقق من مكاسب أو استرجع من خسائر ، وهو جاهز اليوم  للمخاطرة والدفع بالمزيد من أمواله في آتون البورصة طمعا في المزيد من الأرباح وقد يكون على حق فالبورصة عودتنا خلال السنوات الخمس الماضية على لا منطقية الهبوط والصعود ، والذكي هو الذي يركب موجة الصعود ويهرب قبل الهبوط.

خلال الأيام الماضية ارتفعت معدلات التفاؤل بين أوساط المتداولين في سوق دبي إلى مستويات لم نشهدها منذ خمس سنوات ، بدليل أن المؤشر الفني  RSI على الإطار الزمني الأسبوعي أعلى من مستوى 80 وهذا الأمر لم يحصل منذ عام 2008 ، كما أن المؤشر الفني  MACD على الإطار الزمني الأسبوعي عند مستوى  127 وشقيقه DEA عند مستوى 100 وهذا الأمر أيضا لم يحدث منذ منتصف عام 2008 ، وبالرغم من تشبع هذه المؤشرات صعودا فإن الشراء ما زال مستمرا.

بعد إغلاق السوق أمس أجريت تحليلا بسيطا لأعرف من اللاعب الرئيسي في السوق هل هم صغار المستثمرين أم المحافظ والصناديق الاستثمارية ، وركزت على الأسهم الثلاثة الأعلى تداولا  وفق التالي :

 من الجدول السابق يتضح لنا أن اللاعبين هم كبار أي هوامير أو صناديق و محافظ استثمارية فقيمة الصفقات كبيرة وقيمة صفقات صغار المستثمرين بالعموم لا تتجاوز 50 ألف درهم  . للوهلة الأولى الأمر مفرح ، ويسعد ،ولكن بعد التأمل قليلا ، علينا  افتراض أمرين ومناقشتهما قبل التأكد من أن فرحنا وسعادتنا في مكانهما أم أن  وراء الأكمة ما وراءها ،  الفرضية الأولى إيجابية ومبنية على أساس أن سوق دبي أصبح مؤهلا للترقية من سوق مبتدئ إلى سوق ناشئ على مؤشر مورجان ستانلي وأن المحافظ والصناديق تتأهب لهذا الأمر وتحتل مراكز استثمارية استباقية قبل أن يأتي الأجانب بقضهم وقضيضهم.

الفرضية الثانية سلبية -  قائمة على الظن – ومفادها أن المحافظ والصناديق جمعت ما تريد من أسهم خلال الأشهر الستة الماضية وهي اليوم جاهزة لتصريف مقتنياتها بعد أن حققت أهدافها ، وإذا صدق ظني   فإن المحافظ والصناديق تقوم حاليا بعملية تدوير محترفة  استعدادا لتصحيح مقبل  قد يكون مؤلما للغاية.

بالنسبة لي ، أرى التصحيح مقبل في الحالتين السابقتين،  والفرق أنه في الحالة الأولى علينا الانتظار نحو شهر من الآن حتى يبدأ التصحيح أما في الحالة الثانية فإن التصحيح قد يكون هذا الأسبوع أو الأسبوع القادم ، فارتفاع قيمة التداولات في حفلة اليوم إلى مليار ومئة  ألف درهم لا يسعدني كثيرا خاصة أنه يتزامن مع مؤشرات فنية مشبعة شراءً وصعوداً ، ويتزامن أيضا مع ارتفاع أسعار الأسهم إلى مستويات أعلى من سعرها العادل  ،صحيح أن مفاجآت السوق كثيرة وأنا لا أستبعد أن نرى خلال اليومين القادمين تداولات بمليارين أو ثلاثة أو حتى خمسة ولكن ماذا بعد ؟!..

لا أعتقد أن السوق قادر على  تنمية قيم وأحجام التداول  فوق مستوى مليار ونصف المليار درهم لفترة تتجاوز الأسبوع ، وبعدها ستعود حليمة لعادتها القديمة وسيبدأ صراخ صغار المستثمرين  وتحميل تبعات خسائرهم لوسائل الإعلام وإدارة السوق والمحللين .. الخ ، وما أكتبه هنا ليس للمخضرمين في السوق فلهؤلاء خبرتهم وقادرون على تدبر أمرهم ،  وإنما هو موجه  لهؤلاء الأغرار ممن اشتروا  خلال الأيام الماضية على وقع التفاؤل ويمنون النفس بالربح الوفير والثروة السريعة.