مما لا شك فيه أن الشركات العائلية هي الغالبة والمتسيدة في السوق السعودي، وأي إصدار في القرارات المتعلقة بالاقتصاد الداخلي يأخذ التغيير في مدى استجابة الشركات العائلية لها كأحد المقاييس لنجاح القرار أو عدم فاعليته في قراءة ردود الفعل، وفي ظل التغيرات الاقتصادية محليا ودوليا وجب أن توجد دراسة شاملة لوضع السوق ومدى استمرارية وقوة الشركات العائلية.
عند النظر لهذا الجانب سنجد أن أخر دراسة تحليلة للشركات العائلية كانت في عام 2003م، وكانت مركزة بالذات على جانب معين وهو الجيل الثالث، وما تلا ذلك كان عبارة عن مقالات فردية أو دراسات من مؤسسات ماليه أو مصرفية أخذت شريحة صغيرة من السوق للبحث والتحلي.
هذا المقال وما يليه سيكون عبارة عن محاولة لتحديث التحديات التي تواجه الشركات العائلية وهي وجهة نظر قابلة للخطأ والصواب والمناقشة بالطبع، لكن في النهاية أرجو أن تكون شيئا ذا قيمة، حيث انها من واقع مشاهدة ونتاج خبرة عملية متوسطة لفترة كانت مليئة بالتغيرات.
التحديات سوف تتلخص في تطبيق نظام السعودة , الحوكمة الداخلية واستقراء الاحتياجات, الجيل الثالث والرابع,الاستثمارات الخارجية وأخيرا الفساد الاداري في القطاع الخاص.
بداية سيكون الموضوع هو نظام السعودة. السعودة - وهي كلمة أصبحت معروفة للجميع - أخذت منحى مهما في زرع مفهوم التوطين والاستفادة من الكوادر المتاحة والمهملة في الأغلب من أجل تطوير المنشأة وإدارتها.
في بداية العمل على القرار وكان ذلك من عام 2005/ 2006 وضمن جهود وزير العمل ان الدكتور غازي القصيبي - يرحمه الله - واجه تعنتا في تطبيق السعودة خاصة من الشركات التي كانت محكومة تماما من قبل موظفين أجانب، لكن ما زرعه القصيبي في ذلك الوقت وما أكمله الوزير الحالي كان له الأثر الملموس والواضح في السوق السعودي الذي يحصده ومازال موظفو القطاع الخاص، فأصبحت التجربة محكوما عليها بالنجاح عندما وظف السعودي/ السعودية بما هو عادل ولائق له بما يحمله وما يمتلكه من مؤهلات.
تغير المفهوم لدى الكثير من الشركات العائلية في المنطقة لأهمية السعودة ولما أثبته الموظف السعودي من ولاء وانتاجية اذا أخذ بمحمل الجد وليس رقما في قائمة، ومن واقع المشاهدة فقد تعدى كثير من الشركات العائلية هذه المرحلة التي كانت تعد عقبة وما تبقى من ذلك إلا ما كان قائما على جهود مجموعة من الاجانب تماما دون اشراف من المالك كمقاولة أو تشغيل من الباطن، وهؤلاء أخذوا في التناقص تدريجيا للتغيرات الاقتصادية والمسائلات من أكثر من جهة منذ عام 2008 الى الآن، وهؤلاء البقية مع واقع القرارات الاخيرة الخاصة بالعمالة والوافدين فلا بقاء لهم من غير تصحيح.
نقطة أخيرة يجب ذكرها: لا شك في ان بعض الأمور المتعلقة بالسعودة لابد أن تراجع خاصة في بعض النشاطات أو المهن خاصة ما يتعلق بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، لكن شواهد سوق العمل في نجاح التجربة موجودة ودلالاتها في أشياء كثيرة كمثال منه تزايد أعداد المديرين الماليين السعوديين في القطاع الخاص مقارنة بين 2006 والآن، وإن لم توجد احصائية رسمية لذلك.
نقلا عن جريدة اليوم