تنتظر الأوساط المالية بفارغ الصبر صدور نظام الرهن العقاري للأفراد الذي تعهد المصرف المركزي بإصداره قبل نهاية يونيو المقبل.
ولم تتجاوز أوساط المستثمرين والبنوك بعد حالة البلبلة التي أحدثها تعميم «المركزي» الشهير في ديسمبر الماضي بتقييد سقف الإقراض العقاري، رغم إرساله لاحقاً استبياناً يستطلع فيه آراء البنوك حول اقتراحاتها لإقرار النظام المرتقب، وهو ما عده مراقبون حينها تراجعاً من المصرف.
وبغض النظر عن ملابسات إصدار تعميم ديسمبر، وما إذا كان الاستبيان اللاحق عدولاً عنه أم لا، فإن عمليات الرهن العقاري تحتاج إلى تقنين، يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني أولاً، ومصلحة أطراف المعادلة الثلاثة: المستثمرون الأفراد، البنوك، والشركات العقارية تالياً.
وتبدو الاقتراحات المقدمة من البنوك عبر مظلتها الجامعة اتحاد مصارف الإمارات منطقية، وخصوصاً أنها تربط بين إجمالي دخل المستثمر الفرد وقيمة القرض، إذ اقترحت ألا يزيد مبلغ التمويل عن إجمالي الدخل لمدة ثماني سنوات للمواطنين، وسبع سنوات للمقيمين.
كما أن الاتحاد لم يذهب بعيداً عندما توافق أعضاؤه على تحديد نسبة التمويل عند 80 في المئة من قيمة العقار للمواطنين، و75 في المئة للمقيمين، بالنسبة للمنزل الأول، و65 في المئة للمواطنين و60 في المئة للمقيمين للمنازل اللاحقة.
ومن شأن اعتماد هذه المقترحات لجم عمليات المضاربة العقارية إلى حد بعيد، وتشجيع الشراء بغرض السكن وليس المتاجرة، ما يضمن ألا يعيد التاريخ نفسه وتتكرر الفقاعة العقارية التي انفجرت في وجه جميع الأطراف المعنية مع وصول تداعيات الأزمة المالية العالمية عبر البحار إلى شواطئ السوق المحلي في صيف العام 2008.
ولا شك في أن «المركزي» كانت نياته طيبة، عندما أصدر تعميم ديسمبر المثير للجدل، والذي أثار لأسباب عدة، ومازال، اعتراضات للبنوك أقلها أنها لم تستشر فيه، وأنه جاء مباغتاً.. ولكن التجربة أثبتت أنه ليس بالتعاميم دائماً تدار السياسية النقدية.
إن تراكم الودائع في خزائن البنوك بشكل مطرد في ظل تراجع شهية المقرضين ورغبتهم في تمويل القطاعات الأكثر تعطشاً، مثل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وغيرها، يؤكد أهمية استخدام المصرف المركزي للأدوات المالية المتاحة لتحفيز البنوك وتوجيهها وفقاًَ لمعطيات السوق وآلياته إلى ضخ الأموال في الأنشطة الاقتصادية الأكثر احتياجاً، بعيداً عن القرارات الإدارية والتعاميم التي تتعارض أحياناً مع روح حرية السوق.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع