السعودة ودور الإمارات المفقود

26/02/2013 1
فواز حمد الفواز

إحدى حلقات سياسة السعودة الفاعلة هي مدى قدرة النظام على التنفيذ. المراقب العادي في المملكة يعرف أن هناك مئات الآلاف من مخالفي نظام الإقامة والعمل من المواطنين والمقيمين. هذه الحقيقة من أضعف حلقات سلسلة السعودة، فكما هو معروف قوة السلسلة من قوة أضعف حلقة فيها، ولعل أضعف حلقة هي مدى محدودية قدرة الإمارات والأجهزة الأمنية على تنفيذ سياسات وزارة العمل، والوقوف على سد الثغرات في احترام سياسة الحكومة العمالية. قبل عدة أسابيع انتقلت مهمة مراقبة التنفيذ من الوزارة إلى الإمارات في خطوة ظاهرها رغبة جديدة في التنفيذ، وفي عمقها عدم وضوح في الآلية وتجربة ضعيفة. لا بد من الإشارة إلى أن العوامل الاقتصادية أهم من الخطوات الأمنية، ولكن احترام النظام أحد مصادر القوة الاقتصادية.

التعبير عن مدى سلامة وصلاحية أي سياسة هو في مدى القدرة على التنفيذ، لأن التنظير والتخفي وراء لجان طريق سلكه الكثير وعرفنا تكلفته المادية والمعنوية. لا يمكن أن يبدأ الحل بلجنة عليا تعهد إلى لجنة أو لجان فرعية أقل نفوذا وقدرة وأبعد عن صناع السياسة والمسألة. بل إن مواصلة طريق مستهلك يقلص الرصيد المعنوي ويضعف المصداقية ويجرئ الآخرين علينا. الواضح أن وزارة العمل لا تستطيع، فهي منوط بها رسم السياسات والتخطيط وقياس الإنتاجية والبطالة ودراسة سوق العمل وتوفير المعلومات للجميع، وحتى تحديد تكلفة المخالفة. ولكن ملاحقة المواطن والمقيم المخالف ليست من مسؤولياتها. قوة النظام تبدأ من وضوح سلامة النظام قانونياً وتنفيذياً.

ما الحل؟

يتمتع القطاع الخاص في المملكة بفرص عمل مغرية، فهو دون ضرائب، وبنظام زكاة متعاون. تقابل ذلك رغبة الحكومة في أكبر توظيف ممكن، مما يشوه سوق العمل بما في ذلك خلل في أنظمة الحوافز والجزاءات. أول ما يأتي على ذهن رجال الأعمال في المملكة في حالة أقرب للانفعال تلك المقارنة الزائفة مع دبي، فمقارنة مركز خدمي للمنطقة مع إيجاد حلول للمسائل التنموية في بلاد نامية عالية النمو السكاني خطأ موضوعي.

فالمسائل الاقتصادية تحل فقط عن طريق إعادة التنظيم، حيث تكون الحوافز والتكلفة المالية هي المحرك الأساس. ولكن هذا لا يعفي أحدا من إيجاد حلول خاصة لمشاكل خاصة لدينا، وما دور الإمارات إلا أحدها. بما أن المسألة اقتصادية في عمقها فالأحرى بالإمارة أن تهتم بالمحتوى الاقتصادي. أقترح توظيف القطاع الخاص للوصول إلى المخالفين معلوماتيا كمرحلة أولى، ثم توظيف القطاعات الأمنية للوصول إلى المخالف. نقطة البداية إغلاق المحال المخالفة وغرامات مالية تتصاعد.

أحد عيوب المشروع التنموي في المملكة هو قلة الشجاعة والحيلة في التجربة. فلماذا لا نجرب في مدينة صغيرة على الكل ولو نظرنا لاحقا لتعويض بطريقة أو أخرى، وفي الوقت نفسه نطبق التجربة على قطاع بمفرده في مدينة أخرى؟ لعل السؤال: هل نحن جادون وقادرون على مواصلة المراقبة والمتابعة؟ على وزارة العمل قيادة الفكر والسياسة، وعلى الإمارات دور في التنفيذ تحت لجنة واحدة برئاسة أعلى سلطة في الإمارة، وليست لجنة صغرى مغمورة تبدأ وكأنها محاولة لتفادي المسؤولية.

نقلا عن جريدة الاقتصادية