حول مشروع الصكوك في مصر

17/01/2013 0
احمد سبح

بداية لا بد من الاشارة أنه لايوجد ما يعرف باسم الصكوك (الاسلامية) وانما هى صكوك فقط وان كلمة اسلامية اضافتها الحكومة المصرية الاخوانية فى اطار الممارسة المستمرة لاستغلال الدين فى تمرير القوانين والاجراءات حيث ان الصك أداة مالية تستخدم منذ زمن في الدول الاسلامية والغير الاسلامية وهى شكل اخر مختلف من اشكال السندات. 

وقد شهد العالم مؤخرآ نموآ كبيرآ في حجم اصدارات الصكوك ، حيث بلغ إجمالي الإصدارات نحو 131 مليار دولار ، وبلغت حصة ماليزيا من السوق الاولية “سوق الاصدار” 74% من اجمالي الاصدارات العالمية تلتها السعودية بنسبة 8% ثم الامارات بنسبة 4.7% وأخيرا اندونيسيا بنسبة 4.6% ، وقد استحوذت الصكوك على 49% من إجمالي إصدارات الدين في أسواق الشرق الأوسط خلال العام الماضي، بحسب تقرير لمؤسسة تومسون رويترز .

و قدر إجمالي إصدارات الصكوك في المنطقة بنحو37.1 مليار دولار ، ومن المتوقع أن الطلب العالمي على الصكوك سيبلغ 400 مليار دولار بحلول عام 2017 ، وتتوقع التقارير الاقتصادية المتخصصة ان تتجاوز اصدارات الصكوك العالمية خلال العام الحالي حاجز 165 مليار دولار امريكي بنسبة نمو تصل الي 25 % عن عام 2012.


والصكوك ليست آلية جديدة وانما هي ومتبعة فى كثير من دول العالم لالاسلامية وغير الاسلامية ،حيث تلجا إليها بعض الدول لتمويل بعض مشروعاتها العامة "ناهيك عن اصدارها من قبل القطاع الخاص فى هذه الدول "،حيث ان الصكوك تمثل عبء أقل من العبء الذى تمثله السندات على مصدرها حيث ان الصكوك لاتلزم مصدرها بفائدة محددة كالسندات ، ولكنها تظل ذات مخاطرة عالية بالنسبة لحامل الصكك حيث انه يصبح شريكا فى الربح او الخسارة ،و تعتبر الصكوك فكرة جيدة ومميزة حال اصدارها وادارتها فى بيئة سياسية واقتصادية مناسبة وذلك فى ظل ظروف سياسية مستقرة لاتتسم بالاستقطاب السياسى الحاد .

   فمن الضروري وجود بيئة صالحة لاصدار الصكوك والمتمثلة فى وجود رؤية شبه مشتركة لعلاج المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين الفاعلين السياسيين فى الدولة ،بجانب تحقيق معدلات نمو اقتصادى جيدة وعجز متوازن فى الموازنة العامة بالاضافة الى معدلات عالية في مكافحة الفساد والمفسدين .

 خاصة وأن من المعوقات التى تواجه الاقتصاد المصرى فى اصدار الصكوك هو ارتفاع معدلات الدين قياسيا بالناتج المحلى وغيرها من الامور التى تؤثر على قدرة الدولة فى الوفاء بتعهداتها وقدرتها على النمو المتواصل وسداد المستحقات.

وكلا الاصدارين " الصكوك والسندات "يتفقان على حق حاملهما بالحجز على الأصول المشاريع الصادر بضمانها هذه الصكوك وهو مايمثل خطورة كبيرة فى حالة ما اذا كانت هذه الصول ذات ملكية عامة  كالمرافق العامة و الصناعات الاستيراتيجية مما يعرض استقلالية القرار السياسى والاقتصادى للدولة لخطر المرهونية والارتهان لصالح حاملى الصكوك الاجانب فى حال عجز الدولة عن الادارة الناجعة لجملة المشاريع العامة الصادر بحقها تلك الصكوك.

 وعليه فمن الممكن ان يكون اصدار الصكوك لتطوير المرافق العامة مثلا دون امكانية الحجز عليها حال عدم استطاعة الحكومة سداد قيمة الصكوك ،حيث يكتفى فى تسويق هذه الصكوك بميزة ضمان واستمرارية عائد هذه الصكوك لارتباطها بخدمة استيراتيجية عامة لاغنى عنها ، وعلى سبيل المثال صكوك يتم اصدارها لانشاء وتطوير ورصف طرق والكبارى والانفاق وتحصيل رسوم المرور عليها ، وكذلك الموانئ والمطارات .

  مع عدم جوازاستخدام الصكوك فى تمويل عجز الموازنة أو الانفاق الخدمات الحكومية الجماهيرية كالتعليم او الصحة اوغيرها من أوجه الانفاق الحكومية التى لاتقدم عائدا ماديا جيدا وملموسا ،فلابد ان تكون هذه الصكوك صادرة بحقك مشريع معينة ومحددة تحقق أرباحا يتم بها سداد مستحقات حملة الصكوك .

وفي النهاية لا تسعنا الا الاشارة الى أهمية اتباع كافة الوسائل والسبل لضمان نجاح مشروع طرح الصكوك خاصة وان فشل الطرح أو العجز فى السداد سيحمل صورة سلبية بالغة السوء عن الاقتصاد المصرى ، فتكون الاداة المرجوة منها المساهمة فى إقالة الاقتصاد المصرى من عثرته هى نفسها  المشرط الذى يزيد عمق جراح ذلك الاقتصاد .