نعم.. وأين موازنة البحث العلمي؟!

07/01/2013 1
سعود الأحمد

أحد كبار المسؤولين المخضرمين، لاحظ مقالي الأسبوع قبل الماضي، الذي كان بعنوان «الموازنة العامة ماذا ينقصها»، والذي اقترحت فيه ميزانية بحجم ميزانية وزارة لمشروع رفع مستوى الوعي العام،مذكرا بأن هناك أمرا له شأن عظيم لا يقل أهمية عن رفع مستوى الوعي العام يستحق (أيضا) أن يُخصص له باب في الموازنة العامة للدولة! وأن هذه الملاحظة (للأسف) تنطبق على جميع الدول العربية! ألا وهو «البحث العلمي»! والحقيقة أن البحث العلمي يستحق أن يُفرد له باب في الموازنة العامة،وأمره لا يقل شأنا عن قضية رفع مستوى الوعي العام. ولن أتطرق للملاحظات التي أشار إليها البرنامج، لأن البرنامج غطاها بالصوت والصورة.

لكنني أشير هنا إلى الموضوع من باب أننا في وضع مالي ممتاز (ولله الحمد والشكر)، ولأن نفقات البحث العلمي نوع من الاستثمار في المستقبل القريب والبعيد، ومن قبيل البنية التحتية للوطن. فالبحث العلمي ينتج عنه مشاريع ودخل قومي قامت عليه الدول الصناعية. ناهيك أن علم البحث يتطور، ويتطور معه الباحثون بمهارات وتجارب تعتبر ثروة للوطن في حاضره ومستقبله.

ولا يفوتني أن أشيد بمطالبة أعضاء مجلس الشورى السعودي برفع نفقات البحث العلمي من مليارين إلى 30 مليار ريال سعودي (8 مليارات دولار). ويكفينا هذا النقص في مجال الإنفاق على البحث العلمي، فمما يحزُ في النفس أن تشير الإحصائيات إلى أن إسرائيل تنفق 26 مليار ريال (قرابة 7 مليارات دولار) مع العلم أن عدد سكانها قرابة 6 ملايين نسمة، وعلى الرغم مما تعانيه من أزمات اقتصادية! في حين تنفق السعودية ملياري ريال (قرابة 533 مليون دولار) مع أن السعودية تفوقها 4 مرات في عدد السكان.

كما أن إسرائيل تنفق أكثر من الدول العربية مجتمعة على مجالات البحث العلمي! واستكمالا لفكرة رفع مستوى الوعي العام، وفي نقطة مَن الغني ومَن الفقير؟ أود أن أتحدث عن أهمية التوعية بمسألة مهمة، وهي ماهية «جودة الحياة» وماهية السعادة. وهل تكمن جودة الحياة في العيش بدخل مرتفع؟ وكيف نستخدم هذا الدخل لنحقق السعادة؟ وكيف نثقف عامة المجتمع في المجال الرياضي والصحة البدنية والنفسية والتعامل مع الآخرين ومع البيئة والأنظمة والجهات الرسمية والإعلام؟

وما الأهداف التي يجب أن تجمعنا من باب التعاون لخدمة الوطن وأمنه واستقراره ؟ وعن ماهية عبارة «الشأن العام» أو الصالح العام! وواجباتنا كأفراد ومسؤولين ومعلمين وتربويين وأرباب أسر وسفراء للوطن في الخارج. أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا، ونحتاج إلى الإنفاق عليها في مشاريع توعية. وكل ذلك تحت مظلة ومعنى «جودة الحياة» وتحقيق السعادة.

وختاما، قد يأتي من يقول: إن للبحث العلمي مراكز في جامعاتنا ومعاهدنا وبعض المؤسسات والشركات، وإن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تتولى هذا المجال؛ فلماذا نقترح جهة متخصصة للبحث العلمي؟! والحقيقة أنه سؤال ظاهره مقنع لولا أن هذا الشأن (ولأهميته) يحتاج لجهاز يسمى بهذا الاسم تكون أهدافه محددة خاصة بالبحث العلمي تتولى مبادرات الباحثين والأكاديميين الصغار والكبار؛ يكون لها ميزانية بأبواب وبنود بحسب نوع البحث ومجاله ومستواه والجهة القائم عليها. ومن ثم تتولى الإنفاق على التجارب العملية والتدريب ونفقات السفر والتنقلات للقائمين على البحوث.