ضعف المنشآت الصغرى (2-2)

18/10/2012 8
عبد الحميد العمري

أكمل ما انتهيتُ إليه بالأمس، من ارتداد وزارة العمل على المنشآت الصغرى لترغمها على توطين مواطن على أقل تقدير، بعد أن صرّحتْ قبل نحو عام في بداية تدشين برامجها الملونة والمتعددة الأسماء! وما ذلك كما أشرتُ بالأمس إلا لأن بوادر انسداد الطرق نحو توظيف المزيد من العمالة الوطنية بدأت تلوح لها في الأفق القريب!

لايزال هاجس (النتائج الأسرع) ووجوب تحقيقها بأي طريقةٍ كانتْ مسيطراً على كامل تفكير وزارة العمل، وقد ظنّتْ خطأً (وما أفدح النتائج المستقبلية لهذا الخطأ الأخير) أن عشرات الآلاف من المنشآت الصغرى ستكون حلاً لامتصاص العاطلين والعاطلات! لن أتحدّث عن فشله المحتمل، بل سأتحدّث عن أثره كونه الأخطر!

ما سيحدث أن فشل تلك المنشآت (التي تتهمها وزارة التخطيط والاقتصاد بأنها موطن التستر) في تحقيق معدلات التوطين المفروضة من وزارة العمل، سيؤدي إلى توقّفها عن العمل لعدد من الأسباب، لعل من أبرزها السببين التاليين:
(1) ألا قدرة لديها على دفع راتب شهري يعادل 3000 ريال للمواطن.
(2) أن العاطلين (%86 منهم من حملة الشهادة الثانوية فأكثر) لايرغبون بالعمل في مثل هذه المنشآت. وبالطبع فإن انسحاب تلك المنشآت الصغرى من الوجود سيؤدي إلى:
(1) زيادة أعداد العاطلين عن العمل لانقطاع مصدر العيش لملاكها المغلوب على أمرهم (وكأنك يا أبو زيد ما غزيت).
(2) انتقال الحصص السوقية الصغيرة المتناثرة لتلك المنشآت وتجمعها في يد المنشآت الأكبر كياناً، وحتى العمالة الوافدة التي كانت لديها ستنتقل بدورها أيضاً لتلك المنشآت، بما سيؤدي إلى زيادة التركّز التجاري والاحتكار وانعدام المنافسة.

الحديث حول هذه القضية الخطيرة ذو شجون طويلة ومؤلمة، وكما فات وقت الحل سابقاً من لدن وزارة العمل، بأن تعيد بناء فهمها لواقع مشكلات سوق العمل المحلية، وأنها مرتبطة بالتشوهات الاقتصادية الكلية، علينا من الآن التأهب لتلك النتائج المدمرة! صلّوا يرحمكم الله على المنشآت الصغرى..