تقترب اسبانيا كل يوم من اعلان طلب المساعدة (bailout) وأصبح الجميع يترقب الوقت الذي تعلن فيه اسبانيا طلبها المساعدة عوضاً عن التفكير في طلبها من عدمه , وقد كانت اسبانيا قد رفضت المساعدات المقدمة لها من صندوق الاستقرار المالي الأوروبي (EFSF)في جون الماضي وذلك بعد ان استجاب السوق لتلك الخطة برفع اسعار الفائدة التي يجب ان تدفعها الحكومة الاسبانية مما دعى لاحقاً لموافقة قادة منطقة اليورو طلب اسبانيا التمويل المباشر لبنوك اسبانيا دون زيادة الديون السيادية (وقد يؤدي استخدام اسبانيا لمجمل مبلغ الصندوق 100 بليون يورو الى رفع نسبة الديون الى الناتج المحلي الإجمالي ب10% اذا استخدمت كديون سيادية) وذلك بإعادة رسملة تلك البنوك لمعالجة مشاكل المراكز المالية للبنوك والمتضررة بشكل كبير من الفقاعة العقارية في اسبانيا والتي كونت الكثير من الاصول المسمومة في تلك المراكز لكن تلك المساعدات كنت مشروطة بوضع تلك البنوك تحت اشراف هيئة من البنك المركزي الاوروبي للحصول على اموال الصندوق , وفي وضع ربما يكون مشابها ً وضعت اغلب الدول مثل اليونان ,ايرلندا والبرتغال في برنامج المساعدة بعد ان تعدت تكلفة الاقراض الطويلة الاجل لتلك الدول حاجز ال 7% بفترة قصيرة . لكن اسبانيا لديها الكثير من الاختلافات عن دول منطقة اليورو المتعثرة فاسبانيا تعد رابع اكبر دولة في منطقة اليورو اقتصاديا و تبلغ نسبة ديونها الى الناتج المحلي الاجمالي 68.5% وهي نسبة منخفضة اذا قورنت بكثير من دول منطقة اليورو فاليونان مثلا لديها نسبة ديون الى اجمالي الناتج المحلي تبلغ 165% ,والبرتغال 108 % وحتى المانيا عند 81% , كما ان الديون السيادية الأسبانية ذات مدى متوسط الاجل في الإجمال ولذلك لا تواجه اسبانيا مشكلة نقص السيولة في المدى القصير.
لكن الخطر الاكبر الذي يواجه اسبانيا هو ارتفاع تكلفة الاقراض وليس حجم الديون نفسها مما يحملها تكاليف اضافية بدفع نسبة اكبر مقارنة بالناتج المحلي الأجمالي لخدمة الفوائد فقط ,في الوقت الذي تحتاج فيه الى تقليص الإنفاق وتكمن اهم اختلافات المشكلة الأسبانية في ان اسبانيا ستوجه تلك المساعدات للقطاع البنكي وليس على غرار الدول الاخرى المتعثرة في منطقة اليورو التي استخدمت اموال المساعدات لمواجهة مشكلة الديون السيادية الناجمة عن الانفاق العام ,والشيء الأخر انه مع مزيد من ارتفاع نسبة البطالة فان المزيد من المقترضين سيتوقفون عن سداد الرهون والقروض مما يجعل البنوك الاسبانية عرضة للمزيد من الاصول المسمومة والقروض المتعثرة ويجعلها بحاجة اكثر لتلك المساعدات .
وكما يبدو ان أول المؤشرات الى قرب طلب اسبانيا للمساعدة هو التسريبات عن عزم الحكومة تقليص انفاقات التقاعد ب 4 بليون يورو سنويا وذك برفع سن التقاعد الى 67 سنة من 65 سنة وأيضا احتمال فرض الضرائب على عمليات التداول في الاسواق المالية ,وتأتي تلك الترتيبات بعد وصول نسبة البطالة في اسبانيا الى 25% وتصريحات وزير الخزانة الاسباني بان العجز وصل الى اكثر من 4.77 % من الناتج المحلي الاجمالي وهو اكثر من النسبة المستهدفة لعام 2012 عند 4.5% وذلك حتى قبل انتهاء السنة, ويضاف الى ذلك تباطؤ النمو وانكماشه في عام 2012 بنسبة 1.7% وأيضا تقديرات السلطات الاسبانية لانكماش الاقتصاد بنسبة 0.6 % في عام 2013 ,اضف الى ذلك تصريح فرنسيسكو جونزيلز رئيس بنك BBVA احد اكبر البنوك الأسبانية بأنة يجب على الحكومة الاسبانية ان تطلب المساعدة بأسرع وقت في اشارة الى حجم المشاكل التي يعاني منها القطاع البنكي الأسباني .
بقي ان نعرف اخيرا ان طلب اسبانيا للمساعدات سوف يساعد على ارتفاع العوائد على السندات الاسبانية بعكس اهداف البنك المركزي الاوروبي لبرنامجه الأخير بخفض منحنى العوائد على الديون في منطقة اليورو والشيء الأخر ان طلب المساعدات سوف يدير اتجاه المستثمرين لايطاليا وهي ثالثا اكبر اقتصاد في منطقة اوروبا بعد المانيا وفرنسا مما سيزيد من ضغوط ارتفاع اسعار الفائدة لإقراض إيطاليا مستقبلا ً.