المشاريع الكبيرة، التي تنفذها الشركات المساهمة السعودية، ومنها مشاريع البتروكيماويات، وقبلها مشاريع الأسمنت، كلّها تتطلب رؤوس أموال كبيرة، لا تقل عن 25% من كلفة كل مشروع، والباقي يدبّر عادة من صناديق التنمية الحكومية، ومن البنوك. ولكن تاريخياً، فإن عملية تدبير رأس المال من سوق الأسهم السعودية، كانت هي العملية الأسهل، وذلك بسبب توفر سيولة عالية في السوق، بالإضافة إلى تفضيل المساهم السعودي لامتلاك أسهم، حتى ولو كان ذلك على حساب العائد النقدي المباشر. ولذلك السبب وجدنا شركات تلجأ إلى توزيع أسهم، وتحتفظ بالسيولة، وهو مخالف لنفسية المساهمين في الأسواق الناضجة والذين يفضلون الأرباح النقدية، على حساب زيادة عدد الأسهم المطروحة.
ومما ساهم في نمو عدد الأسهم المصدرة في السوق السعودية، هو حقيقة أن وسائل التمويل البديلة، وأعني السندات، والصكوك، قد نمت ببطء شديد، والأسباب هي أن إصدار السندات يتطلب تقييماً عالمياً للشركة المصدرة للسندات، أما الصكوك، وأغلبها إسلامي، فهي تتطلب أن تكون الصكوك مدعومة بأصول، تعادل قيمة الإصدار.
المحصلة النهائية لكل ذلك هو أن شركات مساهمة سعودية كبرى، أصدرت عدداً كبيراً من الأسهم، ستبدو بعد حين وكأنها مثقلة برأسمال كبير، لا تحتاجه، وبافتراض أن تلك الشركات تحقق أرباحاً جيدة، مثل شركات الأسمنت اليوم، أو شركات البتروكيماويات في المستقبل القريب، فإن ذلك سيضع مجالس إدارة تلك الشركات، وإداراتها التنفيذية، أمام قرارات هامة، يلخصها السؤال التالي: "عند تحقيق أرباح، فهل الأفضل أن توزع الشركة أرباحاً نقدية، أم أن تخفض رأسمالها؟"
أعترف بأن هذه المشكلة هي مشكلة مرحبٌ بها من قبل أي شركة تواجهها، لأنها تعبّر عن متانة المركز المالي للشركة. ولذلك لو كنت مستشاراً لشركة تعاني من تلك المشكلة الجميلة، فسأوصي بتوزيع أرباح نقدية لا تتجاوز 5%، واستخدام أي أرباح إضافية لخفض رأس المال، وإعادة تلك الأموال إلى المساهمين. والأسباب هي:
أولا: نظام الشركات الحالي يشترط تجنيب 10% من الأرباح السنوية، للاحتياطي النظامي، حتى يصل ذلك الاحتياطي نسبة تعادل 50% من رأس المال الموزع، وذلك يمثل عبئاً، وأرباحاً غير قابلة للتوزيع، لذلك يؤدي تخفيض رأس المال إلى تخفيض الاحتياطي النظامي.
ثانياً: يتوقع أن تشهد عملية إصدار السندات، والصكوك تطورات إيجابية من حيث تنظيمها، وتقبلّها، وذلك سيقلل الحاجة لزيادة رؤوس المال، وستسد تلك الصكوك، والسندات فجوة التمويل، التي تم تمويلها تاريخيا بزيادة رؤوس الأموال.
حسب علمي، فإن الشركة المساهمة السعودية، التي طبقت خطوة خفض رأسمالها، من مركز قوة أرباحها، وليس لتحاشي حالة إفلاس، هي شركة أسمنت اليمامة، وكان ذلك فكراً متقدماً، ولا أعلم لماذا لا تلجأ الشركات التي توزع أرباحاً اليوم إلى تقسيم توزيعات أرباحها، إلى توزيعات نقدية، وتخفيض لرؤوس أموالها؟! وقد يكون السبب هو في الحقيقة أن نظام الشركات الحالي، يسمح بمنح أعضاء مجالس الإدارة مكافآت سنوية، عند توزيع أرباح نقدية، ولا شيء عند تخفيض رأس المال، وإعادة الأموال للمساهمين!! وإن كان ذلك هو السبب فعلاً، فأتمنى أن يضّمن النظام الجديد للشركات فقرة تعامل عملية تخفيض رأس المال، مثل عملية التوزيعات النقدية، من حيث المكافآت، وبذلك نشجع الشركات على تخفيض عدد الأسهم المصدرة، لصالح رفع عائد كل سهم.
بارك الله فيك استاذنا العزيز .... فعلا رؤوس اموال بعض الشركات ضخمة خيث تقوم بتوزيع اسهم بدلا من النقد مثل دار الاركان وطبعا المساهم فرحان بكم سهم طلع له من الزياده. لكن ايضا التوسع في الاقتراض مخاطره عاليه جداً خصوصا اذا زاد عن حده وابسط مثال شركة زين اللي اخذت قروض كبيرة لتمويل عملياتها وفي النهاية الشركة تعثرت عن السداد ونفس الامر كان سينطبق على دار الاركان. اعتقد ان المشكلة لدينا هي ضعف امكانيات المدراء الماليين لشركاتنا وايضا وجود مجالس إدارة من العصر الحجري ولا تريد ترك فرصة للشباب وتعمل بطريقة بدائية جدااااااااا