نستمع جميعا الى اخبار أوتوقعات عن مشاريع وافكار باستحواذ شركة على اخرى او اندماج شركة مع شركة اخرى او شراء شركة كبرى لشركة تعمل فى نفس مجالها ولو فى بلد اخر كما حدث مؤخرا بين كرافت وكادبورى فى صفقة تجاوزت 19 مليار دولار.
وهذا امر عادى ولكن الملفت للانتباه ان الكثيرين من الخبراء والمراقبين يتوقعون عودة نشاط الاستحواذات والاندماجات بالأسواق العالمية خلال العام الجارى 2010 بصورة كبيرة واستند الخبراء فى ذلك على العديد من العوامل والأسباب التى من شانها تدعم عودة النشاط فى هذا المجال تحديدا .
ويقول هؤلاء الخبراء أن تراجع نشاط الاندماجات والاستحواذات فى أسواق العالم سواء العربية او الأوروبية إنما كان أمرا طبيعيا يرجع إلى الأزمة المالية العالمية التى أربكت خطط ومشروعات العديد من الشركات بالعالم .
وأشاروا إلى انه على الرغم من إن الأزمة المالية العالمية كانت بمثابة فرصة جيدة لإتمام استحواذات واندماجات فان تعثر الشركات وانشغالها بالأزمة العالمية وانغماسها فى الهروب من التبعات السلبية للازمة العالمية جعل رؤساء الشركات فى العالم يفكرون فى كيفية الهروب من التداعيات السلبية للازمة العالمية بدلا من التورط فى استحواذات جديدة لاسيما فى ظل عدم وضوح الرؤية بالنسبة للاقتصاد العالمي.
وعلى سبيل المثال فقدبلغت حصيلة صفقات الاستحواذ التي شهدتها البورصة المصرية خلال العام الماضى نحو 42 مليار جنيه تمت من خلال تنفيذ 11 صفقة وذلك مقابل 28 صفقة قيمتها 105 مليار جنيه في عام 2008 .
ومن المعروف إن نشاط الاستحواذات والاندماجات كان قد توقف تماما خلال العام الماضي واعتبر ذلك أمر طبيعي ومنطقي نظرا إلى إن الأزمة المالية العالمية كانت السبب فى هذا التراجع ومن ثم توقع عودة النشاط للاندماجات والاستحواذات من جديد خلال العام الجاري 2010 .
ومن الواضح ان الأزمة أجبرت العديد من رؤساء الشركات في مختلف أنحاء العالم على تغير إستراتيجيتهم المستقبلية والخطط الخاصة بشركاتهم كما إن الأزمة جعلتهم ينشغلون وبشكل كبير في كيفية الهروب من تبعات الأزمة المالية العمالية هربا من شبح الإفلاس أو التورط في تعثرات خوفا من ركود في بضاعتهم أو منتجاتهم وخوفا من أن يكون مصيرها الركود في المخازن وصعوبة توزيعها وهو ما جعل الشركات تنشغل عن برنامج الاستحواذات والاندماجات إلا انه من المتوقع فى الوقت نفسه عودة النشاط للاستحواذات من جديد بدعم من العوامل الايجابية أهمها ظهور مؤشرات ايجابية عن عودة الانتعاش إلى الأسواق العالمية والخروج من الركود مع تعافى الأسواق.
والجدير بالذكر ان الاستحواذ أو الاندماج ظاهرة طبيعية خاصة في الأسواق الكبيرة والقوية إذ تعود الفائدة على الاقتصاد الوطني في المقام الأول خاصة في المشروعات التنموية أو الزراعية التى تعتبر جزءا من الأمن الغذائي .
ومن المؤكد أن هناك قطاعات ما زالت بحاجة إلى اندماج أو استحواذ من أهمها قطاعا الزراعة والتامين إذ إن القطاع الزراعى ما زال يدعم من الدولة وهو ما يتطلب إيجاد إستراتيجية لعملية العدم وبشكل محدد حتى تحقق نتائج جيدة أو الاندماج مع الشركات الكبيرة ووصف الاستحواذات أو الاندماجات بأنها ظاهرة صحية فى الأسواق الكبرى وأشار إلى إن القطاع الزراعى ما زالت به الكثير من عوامل النمو متوقعا أن يشهد استحواذات واندماجات كبيرة خلال العام الجارى.
ومن المؤكد إن العام الماضي شهد تراجعا كبيرا في حصيلة الاستحواذات والاندماجات فى جميع أسواق العالم وليس فى السوق المصرية فقط بسبب الأزمة المالية إلا انه فى الوقت نفسه انه وعلى الرغم من ذلك فإن الأزمة العالمية كانت بمثابة فرصة ذهبية للعديد من الشركات لدخول فى استحواذات واندماجات لاسيما في ظل تراجع الأسعار على نحو لن يتكرر مرة أخرى وإن الخطط التوسعية للعديد من الشركات تأثرت بشدة بسبب الأزمة المالية العالمية وهو ما جعل الشركات ترجئ خططها ومشروعاتها المستقبلية إلى أن تتحسن الظروف وتعود الأسواق إلى استقرارها من جديد.
ولعل حالة الرعب التى انتابت رؤساء الشركات هربا من شبح الإفلاس أو التورط فى وحل الأزمة العالمية كل هذه الظروف جعلت المنتجين ينشغلون بكيفية تصريف منتجاتهم فى ظل الأزمة وتوفير النفقات .
وبالنسبة لأبرز الاستحواذات التي شهدتها البورصة المصرية فى العالم الماضى منها صفقة استحواذ شركة ارواسكوم للصناعة على 100 % من المصرية للأسمدة والتى تصدرت تلك الصفقات بقيمة بلغت 19 مليار جنيه ، وجاءت فى المرتبة الثانية صفقة بيع 54 % من شركة لافارج للاسمنت – مصر لشركة لافارج بلدنج بقيمة بلغت 15 مليار جنيه تلتها صفقة استحواذ شركة سامكريت للاستثمار الهندسي على 98.8 % من شركة سامكريت مصر بقيمة 4 مليارات جنيه.
وكشف تقرير لشركة ارنست اند يونج عن أن عمليات الاندماج والاستحواذ المعلن عنها فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تراجعت 54.4 % بنهاية العام الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام قبل الماضي 2008 حيث بلغت عائدات الربع الثالث 7.14 مليار دولار فيما كانت 15.64 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2008 وقال التقرير أن عدد هذه الصفقات تراجع خلال الفترة نفسها 26 % وان الإمارات والكويت جاءتا في المركز الثاني بعد السعودية من حيث عدد الصفقات وان المستثمرين ركزوا على الصفقات متوسطة الحجم بين 100 و 500 مليون دولار في الربع الثالث وان الصفقة التي قامت بها شركة استثمار التكنولوجيا المتطورة الإماراتية كانت الأكبر بقيمة 1.8 مليار دولار.
وتوقعت ارنست اند يونج في تقريرها أن تنفض الشركات الإقليمية آثار الأزمة الاقتصادية العالمية عن كاهلها في العام الجديد 2010 ، حيث ستندفع هذه الشركات نحو بيع الأصول التي لا تحقق الأداء المرجو وستبحث عن صفقات استحواذ فى القطاعات التي تتميز بالكفاءة فيها وقالت ارنست اند يونج إن عدد صفقات الاندماج والاستحواذ فى الربع الثالث من العام الماضي انخفضت بنسبة 26 % حيث تم الإعلان عن 97 صفقة مقارنة بنحو 134 صفقة فى الفترة نفسها من العام قبل الماضي 2008 ومن ضمن هذه الصفقات المعلنة انخفض عدد الصفقات الصادرة بنسبة 40 % حيث كان عددها فى الربع الثالث من عام 2008 و 42 صفقة فيما وصل فى الربع الثالث من عام 2009 الى 25 صفقة.
وفى الإطار نفسه شهدت الصفقات المحلية تراجعا حيث انخفض عددها من 75 إلى 53 صفقة وفى المقابل ارتفع عدد الصفقات الواردة على نحو طفيف حيث بلغ 19 صفقة فى الربع الثالث من العام الماضي مقارنه بـ 17 صفقة فى الفترة نفسها من العام قبل الماضي 2008 اى بزيادة بلغت 12 % وتراجعت قيمة الصفقات المحلية في الربع الثالث من العام الماضي بنسبة 60 % لتصل إلى 2.55 مليار دولار مقارنة بـ 6.3 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2008.
ويشير التقرير إلى انخفاض عدد الصفقات التي لا تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار بشكل طفيف من 64 % في الربع الثالث من عام 2008 إلى 63 % في الفترة نفسها من العام الماضي 2009 كما لوحظ توجه المستثمرين بشكل متزايد نحو الصفقات متوسطة الحجم التي تتراوح قيمتها بين 100 و 500 مليون دولار التي شهدت نموا من 27 % في الربع الثالث من العام قبل الماضي 2008 إلى 30 % في الربع الثالث من عام 2009.
وفى هذا الإطار فان السعودية جاءت في المركز الأول بالنسبة لعدد صفقات الاندماج والاستحواذ حيث تم انجاز 14 صفقة خلال الربع المالي الثالث لتأتى دولتا الإمارات والكويت في المرتبة الثانية بـ 11 صفقة وشهدت الأردن ومصر 10 و 8 صفقة على التوالي فيما جاء قطاع الخدمات المصرفية والمالية والمنتجات الصناعية المتنوعة فى صدارة القطاعات التي تمت فيها عمليات الاندماج والاستحواذ حيث تم تنفيذ 9 صفقات فى كل قطاع على حدة ليأتي قطاع صناعة النفط والغاز في المركز الثاني بنحو 8 صفقات في الوقت الذي شهد فيه قطاع إدارة الأصول 7 صفقات.
ومن هذه المعطيات نتسأل هل سيكون 2010 عاما للاستحواذ والاندماج ؟!! ام ستظل تداعيات الازمة العالمية تطل علينا برأسها وتجعل البعض متخوف من الدخول فى هذه الصفقات وخاصة الكبيرة منها .... هذا ما سوف تسفر عنه الايام القادمة من عام 2010 !!!