من يتابع أسوق الأسهم الأمريكية لا بد أنه لاحظ سرعة تحرك جميع الأسهم في وقت واحد، خاصة فور صدور أخبار اقتصادية مؤثرة، ونتكلم هنا عن تحرك فوري خلال جزء من الثانية لجميع الأسهم تقريبا. هذه التحركات الآنية بطبيعة الحال لا يمكن أن تتم بطرق يدوية أو بتدخل مباشر من قبل المتداولين، فهي تتم من خلال أنظمة إلكترونية مبرمجة لاتخاذ قرارات معينة بحسب عوامل محددة دون أي تدخل بشري.
كيف يعمل التداول الآلي وهل يمارس في المملكة؟
لا يوجد ما يمنع من ممارسة التداول الآلي في المملكة، ولا غيرها من الدول، فبالإمكان برمجة أي جهاز كمبيوتر لإجراء عمليات بيع وشراء، لكن العبرة هنا في سرعة التنفيذ ومدى جدوى القيام بذلك. فمن حيث الأنظمة، تسمح إجراءات التداول الصادرة عن شركة تداول السعودية باستخدام عدة قنوات لإدخال الأوامر، وتشمل أنظمة الوسطاء المعدة للعملاء سواء من خلال مواقع الإنترنت أو تطبيقات الهواتف المحمولة، أو حتى أجهزة الصراف الآلي وخدمات الرسائل القصيرة، إضافة إلى إمكانية القيام بذلك من خلال الأوامر الآلية المبرمجة سواء من قبل صناع السوق أو غيرهم من أعضاء السوق.
تتيح السوق المالية في المملكة واجهات برمجية APIS لأعضاء السوق، حيث يمكن تطوير برامج كمبيوتر تستخدم هذه الواجهات لإجراء عمليات البيع والشراء دون أي تدخل بشري. ومثل هذه الأدوات تستخدم في الأسواق المالية بكثرة، إلى درجة أن نسبة كبيرة، اختلفت التقديرات بشأنها من 25 إلى 60 في المائة من حجم التداول اليومي في الولايات المتحدة، تتم مباشرة بطرق آلية دون تدخل بشري. لكن الجدوى المالية من القيام بذلك في المملكة قد تكون محدودة بسبب حجم السيولة اليومية وارتفاع تكاليف التداول.
السبب في أن الأسهم الأمريكية تتحرك أحيانا وكأنها كتلة واحدة خلال جزء من الثانية هو أن هناك عدة فئات من المتعاملين يحتاجون إلى مثل هذه الأدوات، وتكون قرارات الشراء أو البيع مبنية على حركة وسائل مالية أخرى، فيقوم الكمبيوتر بتنفيذ ما يطلب منه بسرعة عالية ولعدة أسهم في الوقت نفسه. فمثلا هناك طرق المراجحة على مؤشرات الأسهم، التي تسمى عمليات "آربيتراج"، حيث يقوم البرنامج بمقارنة أسعار عقود مؤشر الأسهم مع أسعار المؤشر نفسه، كمقارنة عقود داو جونز المستقبلية مع مؤشر داو جونز.
من المفترض ألا يكون هناك تباين كبير بين الوسيلتين، لكون هناك علاقة قوية بين سعر مؤشر داو جونز للشهر المقبل مقارنة بسعره اليوم، وإن حدث هناك أي تباين في السعرين، فيقوم البرنامج على الفور بإجراء عمليات معاكسة تضمن تحقيق ربح فوري بلا أي مخاطرة. بمعنى لو أن عقود المؤشر في اللحظة الحالية مبالغ في سعرها، بسبب تقلبات قوى العرض والطلب، هنا يقوم البرنامج خلال جزء من الثانية ببيع هذه العقود على المكشوف، وفي الوقت نفسه شراء مكونات مؤشر داو جونز بنسبة وتناسب مع أوزانها في المؤشر.
هناك مؤسسات مالية كثيرة لديها استراتيجيات معينة تقوم بتنفيذها آليا لتتمكن من استغلال الثغرات بأسرع الأوقات. هناك استراتيجيات مختصة بالتداول المبني على إعلانات النتائج المالية، وأخرى عملها فقط موجه إلى الفروق في أسعار الصناديق المتداولة مقارنة بمكوناتها من الأسهم أو أيا كانت مكوناتها، كالسندات والعقود المستقبلية والعملات. مؤسسات أخرى تترقب الفروق السعرية الناتجة عن عمليات الاندماج الاستحواذ، حيث تستطيع البرامج الإلكترونية تحليل الأسعار العادلة للشركات التي لديها مثل هذه العمليات المالية ومن ثم التدخل الفوري لاستغلال أي تباين في الأسعار لتحقيق أرباح فورية بلا أي مخاطرة.
من المهم التأكيد هنا على الفارق بين عمليات المضاربة المعرضة للمخاطرة وعمليات المراجحة الخالية من المخاطرة، أي: تلك الطرق التي تبحث عن ثغرات وفجوات في الأسعار لاستغلالها في تحقيق أرباح مضمونة.
هناك مؤسسات مالية مختصة بالتداول الآلي وتستخدم من قبل صناديق التحوط وغيرها من الصناديق الاستثمارية لإجراء عمليات البيع والشراء، فمثلا بعض الصناديق الكبيرة يكون لديها طلبات شراء لكميات كبيرة ولعشرات الأسهم وتود تنفيذها بسرعة وبأفضل الأسعار، فتحتاج إلى طرق إلكترونية لاقتناص الوقت المناسب لإدخال مثل هذه الأوامر.
وهناك مؤسسات التداول المتكرر السريع HFT، وهي مؤسسات تحاول استغلال عامل السرعة لإجراء عمليات تداول قبل الآخرين من أفراد أو حتى برامج آلية. هذه المؤسسات تعتمد على سرعة الإرسال وليس على سرعة معالجة البيانات، لذا في وقت من الأوقات كان هناك تنافس كبير لإقامة مقار لهذه المؤسسات بالقرب من مراكز الأسواق المالية ليتمكنوا من إيصال أوامرهم قبل غيرهم في أجزاء صغيرة من الثانية. ثم قام البعض منهم باستخدام أطباق الميكروويف للاتصال بمراكز الأسواق المالية، بدلا من الكابلات الأرضية بسبب تفوق موجات الميكروويف على كابلات الألياف الضوئية نتيجة قدرتها على تجاوز أي أجهزة وسيطة، كالمقاسم وموجهات البيانات.
لا يوجد أي تنظيم في أي بورصة يمنع من استخدام أحدث التقنيات لإجراء عمليات التداول، بل إن هناك مؤسسات مالية لديها حاسبات آلية فائقة السرعة تعمل بخوارزميات متقدمة تستطيع معالجة ملايين الأصناف من البيانات المبعثرة حول العالم في أجزاء بسيطة من الثانية، وتتخذ قرارات استثمارية في أجزاء من الثانية وتقوم بتنفيذها.
ورغم ذلك هناك بعض الدول التي تحاول الحد من استغلال السرعة في تحقيق أرباح لا يستطيع المتداول العادي تحقيقها، مثل السوق الإيطالية التي في وقت من الأوقات منعت البيع خلال أقل من نصف ثانية، وذلك من أجل إفساد ما يمكن تحقيقه من عمليات التداول السريع المتكرر.
السوق المالية السعودية تمر بمرحلة تطوير واسعة من حيث الأنظمة والتشريعات والوسائل الإلكترونية والأدوات اللازمة للتداول، إلى جانب تنوع الوسائل الاستثمارية وتعدد الشركات والصناديق المدرجة، ومن المتوقع أن ترتفع وتيرة التداول في ظل وجود صناع سوق نظاميين سيلتحقون قريبا في السوق، وكذلك بسبب إطلاق وسائل جديدة كعقود الخيارات وتفعيل آلية البيع على المكشوف.
نقلا عن الاقتصادية
سؤال: هل عقود الخيارات والبيع على المكشوف جائزة شرعاً ؟؟
الله أعلم لكن بحكم إنه تم إقرارها واطلاقها، أظن إنها حلال. https://alphabeta.argaam.com/article/detail/45291/%d9%87%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%8a%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a8%d9%82-%d8%ad%d8%b1%d8%a7%d9%85
شكرا على المقال بخصوص التداول الآلي
( ثم قام البعض منهم باستخدام أطباق الميكروويف للاتصال بمراكز الأسواق المالية، بدلا من الكابلات الأرضية بسبب تفوق موجات الميكروويف على كابلات الألياف الضوئية نتيجة قدرتها على تجاوز أي أجهزة وسيطة، كالمقاسم وموجهات البيانات. )...........الجملة اعلاه تتعارض مع قوانين الفيزياء ياباعبدالله .........اي مهندس كهرباء مبتديء يقول لك ان الاشارات تسري بالكابلات بسرعة اعلى بكثير عنها في الهواء .........شيء اخر ...لايمكن للـ algo trading .. ان يشتغل لدينا بكفاءة ابدا بسبب ضعف السيولة لدينا .......معظم الاسهم لدينا من الصعب الخروج منه بدون slippage كبير .......ربما الانماء والراجحي وربما سابك ...واربع خمس شركات فيها سيولة الباقي صعب جدا ...سيولتهم ضعيفة كثير
كلامك صحيح الألياف الضوئية أسرع، ولكن تخيل إذا كيابل الألياف تمر بثلاثة أو أربعة مقاسم قبل أن تصل إلى وجهتها! بالمناسبة، رسالتي في الدكتوراة كانت عن كيف نستطيع الاستفادة من هذه السرعة القصوى في ظل وجود مقاسم وراوترات وهابز وغيرها في الطريق!
عموما شكرا على المقال ياباعبدالله .......وارجو الله ان لانرى high frequency trading عندنا ....المستفيد الوحيد سيكون شركة تداول .....بعدين في هذا النمط يكثر العروض والطلبات الوهمية المخادعة والتي لا تنفذ ...فقط مصممة لاعطاء انطباعات خاطئة ..... شكرا لكم يابو عبدالله ......وبالتوفيق