لعل الكثير من ابناء وطننا العربى الكبير يتسأل ماهو مستقبل الاقتصاد العالمى خلال هذا العام ؟!!... ويرجع السبب الى هذا التساؤل الى انهم يريدون الاطمئنان الى اقتصاداتنا ... فقد لاحظنا وتأكدنا ان اى مشكلة تتعلق بالاقتصاد العالمى لابد ان يصيبنا من تداعياتها الكثير .. ان لم يكن بصورة اكبر .. وبتأثيرات اشد..!!
وقد شهد عام 2009 تقلبات كبيرة في الأسواق المالية العالمية . فالمراقبون كانوا يتابعون أخبار هذه الأسواق بحذر وترقب بالغين، أما بالنسبة للمستثمرين والمضاربين في تلك الأسواق فقد كان الأمر أصعب بكثير .
ومع نهاية العام 2009، فمن الواضح أن مسيرة الأداء المتقلب للأسواق المالية العالمية ستتواصل خلال عام 2010 . وإذا ما كانت الصعوبات في الفترة المقبلة تشبه بشكل أو بآخر تلك التي مرت في عام 2009، فذلك بحد ذاته يعد سبباً جوهرياً لبث مشاعر الاطمئنان . فقد تمت الحيلولة دون انهيار النظام المالي العالمي الذي بدا وشيكاً مع نهاية 2008 ومطلع العام الماضى وعلى مدار العام، شهدت عمليات الاكتتاب العالمية وإصدار السندات تحسناً مطرداً، كما انخفض نطاق التقلب السعري للأسهم في الولايات المتحدة وبدأت معظم اقتصادات الدول الكبرى بالتوسع مرة أخرى .
والحدث الأبرز الذي شهدته هذه السنة كان نجاح برنامج إغاثة الأصول المتعثرة في الولايات المتحدة بقيمة 700 مليار دولار . وكان البرنامج، الذي تم إقراره بشكل طارئ من قبل الكونغرس في أكتوبر 2008 أي بعد شهر من إفلاس بنك ليمان براذرز، إجراء احترازياً للحيلولة دون انهيار النظام المصرفي . ومع بداية عام ،2009 نجح البرنامج إلى حد كبير في المهمة التي وجد لأجلها . وفي فبراير2009 حذر أوباما الرئيس المنتخب حديثاً انذاك، من أن المبلغ المخصص للبرنامج غير كاف، الأمر الذي قد يستوجب مضاعفته، إلا أن البرنامج قام، مدعوماً بتدابير أخرى بمهمته على أكمل وجه بحيث كانت العديد من المؤسسات التي حصلت على التمويلات، بما في ذلك بنك غولدمان ساكس وبنك أوف أمريكا، قادرة على إعادة تسديد تلك التمويلات .
وفي شهر ديسمبر، توقع تيموثي غايثنر، وزير الخزانة الأمريكي أن يسترد البرنامج 175 مليار دولار بحلول نهاية العام المقبل . وبالرغم من أن برنامج إغاثة الأصول المتعثرة تسبب في تسجيل عجز في الميزانية الأمريكية بلغ 9 % من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية،2009 ويتعين تلافي هذا العجز في السنوات المقبلة، إلا أنه قام في الوقت نفسه بدور مهم في درء وقوع أزمة بشكل فوري.
مؤشر آخر حقق صدى إيجابياً تمثل في الانتعاش الجزئي لسوق الإصدارات العامة الأولية العالمي . فقد ارتفعت الاكتتابات الأولية في أوروبا بقيمة 6 .2 مليار دولار في الربع الثالث من 2009، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف القيمة التي سُجلت في الربع الثاني، وأكثر بقليل مما كانت عليه في الربع الثالث من العام الماضي، كما شهدت السوق الأمريكية تحسناً مع ارتفاع حجم عمليات الاكتتاب بقيمة 8 .5 مليار دولار في الربع الثالث من2009، أي أكثر من أربعة أضعاف قيمة الارتفاع المسجلة في الفترة نفسها من عام 2008.
ولعل أكثر ما يميز عمليات الاكتتابات العامة في السوق هذه الأيام هو تفضيل الشركات في الأسواق الناشئة القيام بعمليات الإدراج في مناطقها عوضاً عن إدراجها في سوقي الولايات المتحدة أو لندن . فقد تم إدراج 13 اكتتاباً صينياً فقط من أصل 134 في2009، في أسواق الولايات المتحدة، في حين لم يتم إدراج أي من الاكتتابات الهندية التي بلغ عددها 15 اكتتاباً، بينما تم إدراج اكتتاب برازيلي واحد فقط من أصل خمس شركات . ويؤكد هذا التوجه على الثروة المتنامية في الأسواق الناشئة، والنضج المتزايد لهيكليات الأسواق المالية .
كما شهدت سوق السندات عاماً متميزاً، حيث حققت السوق ارتفاعاً قياسياً بلغ أكثر من تريليون دولار من ديون الشركات من الدرجة الاستثمارية التي بيعت 2009، حيث أسهم انخفاض أسعار الفائدة في استقطاب المصدرين إلى السوق .
وفي الوقت نفسه، شهدت توقعات السوق لتقلب سعر الأسهم الأمريكية انخفاضاً إيجابياً، حيث تم قياسها من خلال مؤشر تقلبات سوق شيكاغو للخيارات "، والمعروف أحياناً باسم مؤشر “الخوف” . وانخفض مؤشر "VIX" من 80 نقطة في نوفمبر 2008 إلى 57 نقطة في يناير 2009، وإلى 22 نقطة مؤخرا، على مقربة من أدنى مستوى تاريخي يسجله . ويعكس هذا الرقم المتدني مدى الثقة الكبيرة في استقرار السوق .
و قد بدأت اقتصاديات الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا بالتوسع مرة أخرى خلال العام ،2009 في حين نمت سوقا الصين والهند بمعدلات قوية . وتعد سوق المملكة المتحدة، التي لا تزال في حالة ركود، الاستثناء الملحوظ بين الاقتصاديات العالمية الرئيسية .
وبالرغم من موجة الأخبار الإيجابية في نهاية عام 2009 إلا أنه لا يزال هناك العديد من المخاطر المستقبلية . ومن ضمن القضايا المحورية التي تحتاج لحلول تبرز مسألة موازنة الإنفاق النسبي بين القطاعين الحكومي والخاص التي شهدت اختلالاً واضحاً خلال العام الماضي، وذلك مع قيام الحكومات بدور أكبر عن ذي قبل . ولا بد من استعادة التوازن بحيث يمكن للقطاع الخاص أن يعمل مرة أخرى كمحرك للنمو والابتكار وخلق فرص العمل في العالم، وهي الأنشطة التي يمكن للقطاع الخاص أن يحقق من خلالها نتائج أفضل بكثير على المدى البعيد مقارنة مع الحكومات .
أما ديون القطاع الحكومي الكبيرة التي يتعين سدادها فستمثل عاملاً يحد من مستوى نمو القطاع الخاص . ولذلك، من المهم أن يعمل القطاع الخاص والمستثمرون الذين يدعمونه بهدوء وتروٍ، وأن يواصلوا عملية تطوير الموارد والثروات من خلال دعمهم للأفكار الجديدة، ووضع رؤوس الأموال في مشاريع مجدية، والحفاظ على الثقة بالشركات الراسخة التي تمتلك إمكانيات جيدة على المدى الطويل . وفي حال قاموا بذلك، أعتقد أن الانتعاش الاقتصادي العالمي الذي بدأ في عام 2009 سيستمر خلال عام 2010 والذى بدأنا نرى مؤشراته مع ملاحظة ان التقلب فى ادأء الاسواق مازال قائما وينبغى الحرص على استمرار عوامل الاستقرار حتى يمكن تحقيق معدلات اداء ايجابية خلال عام 2010 .
وهنا نطرح هذا التساؤل نفسه :
هل سيكون 2010 عاما للاداء المتقلب والاسعار المرتفعة؟!!
ام هل سيكون 2010 عاما للاستقرار والاداء الايجابى والتحسن الواضح فى المؤشرات الاقتصادية ؟!!