في الأسبوع الماضي وردني سؤال مفاده: «ما الأفضل: الأسهم أو العقار أو الصناديق؟». وقد وجدت في هذا السؤال المتكرر بعض اللبس بين الفئات الاستثمارية المختلفة وبين الصناديق الاستثمارية، فرغبت أن أسوق عرضاً موجزاً لكل فئة استثمارية (من الأقل إلى الأكثر مخاطرة) ومن ثم أفّرق بينها وبين الصناديق الاستثمارية:
أولاً – الودائع الزمنية وودائع المرابحة أو المضاربة: عبارة عن إيداع نقدي تضعه في مؤسسة مالية لفترة محددة سلفاً (شهر، أو ثلاثة أشهر...إلخ). وعند الاستحقاق تحصل على المال الذي أودعته أصلاً بالإضافة إلى الأرباح المتراكمة عليه. ويلحق بها ودائع المضاربة أو المرابحة التي تمثل البديل الشرعي للودائع الزمنية. وهذه الفئة مصمّمة للحفاظ على رأس المال من الخسارة في معظم الأحوال، ولكنها تشترط إيداع مبلغ كبير (عادة ما يفوق 50 ألف ريال)، كما أنها أقل سيولة. ونظراً لهذين العيبين تم ابتكار صناديق المرابحة التي يمكن الاستثمار فيها بمبالغ أقل وبسيولة أكثر.
ثانياً – السندات والصكوك: هي التزامات مالية تصدرها الحكومات والشركات تقترض بموجبها المال من المستثمرين لترده إليهم بعد أجل معلوم مع قدر محدد من الربح. هذه القروض يتم تقسيمها لوحدات متساوية، كل وحدة منها يتم إثباتها بسند (لذلك تُسمى سندات) ليتم بيعها على المستثمرين وتداولها بينهم. والسندات تُعد التزامات على مُصدرها بدفع الأرباح الثابتة في أوقات محددة وبردّ مبلغ القرض في تاريخ محدد سلفاً. فإذا أخلّ المُصدر بأي من هذه الالتزامات يجوز لحامل السند مقاضاته أو الحجز على أصوله أو حتى دفعه للإفلاس. وفي حالة الإفلاس فإن حاملي السندات يحتلّون موقع الصدارة في استرداد حقوقهم قبل مالكي الأسهم. ونظراً لقوة الوضع القانوني لحامل السند بالمقارنة مع حامل السهم فإن نسبة المخاطرة على السندات أقل من نسبة المخاطرة على الأسهم (ولكن ذلك يعني أيضاً أن العائد المتوقع من السند، وإن كان مضموناً، يكون عادة أقل من العائد على السهم، وإن كان متغيّراً). ونظراً لأن الفائدة التي تدفعها السندات موضع شبهة شرعية فقد تم تطوير الصكوك والتي تُعد صيغة شرعية من السندات، حيث إنها لا تَدفع أي فائدة بل تُدِرّ أرباحاً دورية على مجموعة من الأصول الثابتة التي تشتريها الشركة المُصدرة للصكوك بثمن مؤجل.
ثالثاً – العقارات: وهو تملّك الأراضي البيضاء، أو العمائر السكنية أو المكتبية أو المساكن أو المستودعات أو المحال التجارية، وذلك إما بشراء هذه العقارات ككل أو بتملك حصص مشاعة فيها عن طريق المساهمات العقارية أو صناديق الاستثمار العقاري. والعقارات (وبالأخص العقارات المُنتجة التي لا تحتاج لتطوير) تجمع عادة بين خاصيتي الدخل الثابت من الإيجارات (مما يجعلها تشبه السندات)، بالإضافة إلى خاصية الزيادة في قيمة الاستثمار مع ارتفاع أسعار العقار (والذي يجعلها تشبه الأسهم). هذا يجعلها أكثر استقراراً وأقل تذبذباً من الأسهم ولكنها تظل أقل سيولة (في حال الرغبة في البيع)، وكذلك تتطلب عادة مبالغ أكبر (إلا إذا تمكن المرء من الاستثمار عبر المساهمات أو الصناديق العقارية).
رابعاً – الأسهم: هي طريقة للأفراد لامتلاك أجزاء من المشاريع والمؤسسات التجارية الإنتاجية. وتُمثل الأسهم حِصصاً متساوية من الملكية في شركة معينة. وهي تخول مالكها الحق في أرباح الشركة، وحق التصويت في الجمعيات العمومية، وتعيين مجلس الإدارة، والحق فيما يتبقى لدى تصفية الشركة بعد استرداد حقوق الغير كافة. وعلى عكس السندات فإن قيمة الأسهم أو العائد المتوقع منها غير مضمون، فكلما تغيرت قيمة الشركة بتغير أرباحها أو توقعات أدائها فإن قيمة السهم في تلك الشركة ترتفع أو تهبط، وبالتالي فهي أكثر مخاطرة من السندات. ولكن نظراً لأن العائد غير مضمون ونسبة المخاطرة أعلى فإن العائد المتوقع عليها، وإن لم يكن مضموناً، إلا أنه من المتوقع أن يكون أعلى من السندات.
خامساً – السلع والمعادن: وهو الاستثمار في شراء المحاصيل الزراعية والحيوانية (مثل: القمح، الأرز، الذرة، المواشي...إلخ)، أو المواد الأولية (مثل: الحديد، الألمنيوم، النفط...إلخ)، أو المعادن النفيسة (مثل: الذهب، الفضة، البلاتينيوم...إلخ) وبالتالي بيعها متى ما ارتفعت أسعارها. والاستثمار في المعادن والسلع يكون إما بشرائها مباشرة (الأمر الذي يتطلب مستودعات واسعة وبعضا من سعة الصدر أيضاً)، أو بالتعاقد على شرائها والتسليم في فترة آجلة (الأمر الذي لا يستلزم شراءها، ولكنه موضع شبهة شرعية)، أو بالاستثمار في أحد الصناديق الاستثمارية التي تستثمر فيها.
سادساً – الاستثمار في المشاريع: وهو الاستثمار في ملكية الشركات الخاصة (أي غير المسجلة في سوق الأسهم)، وذلك إما بإنشاء مشاريع جديدة والتملك فيها (ما يعرف بمبادرات الأعمال) أو الشراء في مشاريع قائمة بشكل جزئي أو كلي. هذا النوع من الاستثمارات يشترك في العديد من خصائص الاستثمار في الأسهم (لأنه استثمار في أسهم بنهاية المطاف) ولكنه يتسم بسيولة أقل وبمبالغ استثمار أكبر وبتركيز أكبر على التفاوض بشأن الشراء والبيع والعمل المباشر على إنجاح المشروع وازدهاره.
سابعاً – الاستثمارات البديلة: هي من وحي اسمها، الاستثمارات التي لا تقع ضمن أي من الفئات الاستثمارية المذكورة بعاليه. وهي تشمل المشتقات المالية (كعقود الخيار وعقود الآجال)، والتحف والمقتنيات الثمينة (كالأعمال الفنية، والتحف...إلخ). والحقيقة أنني ترددت قليلاً في مدى الحاجة للتطرق لهذا النوع من الاستثمارات، لا لأنها ليست استثمارات ناجحة، ولكن نظراً للمبالغ الكبيرة التي تتطلبها، والخبرة المتخصصة التي تحتاج إليها، إضافة إلى صعوبة تسعيرها أو تسييلها في كثير من الأحيان، كما أنها تستخدم ذريعة في كثير من الأحيان لابتكار استثمارات ما أخرج الله بها من سلطان (كمساهمات سوا، ومكينات الخياطة «سنجر» وغيرها مما بدد مدخرات الأفراد).
وعلى عكس الرأي الدارج لدى الكثير من الناس، فإن صناديق الاستثمار لا تُعتبر فئة استثمارية مستقلة بذاتها (كما هو الحال بالنسبة للفئات الاستثمارية الموضحة بعاليه) لأن الصندوق الاستثماري ما هو إلا تشكيلة من الاستثمارات ضمن فئة استثمارية معينة، إذ إن الصندوق الاستثماري ما هو إلا أداة للمستثمرين لتجميع أموالهم لشراء الأسهم أو السندات أو أي فئة استثمارية أخرى، ولكن بدلاً من أن يدير كل منهم أمواله بنفسه فإنهم جميعاً يضعونها في بوتقة واحدة تسمى (صندوقاً استثمارياً) وتُدار من قِبل شخص محترف يسمى مدير الصندوق. ولذا نجد أصنافاً مختلفة من الصناديق الاستثمارية كصناديق المرابحة وصناديق الصكوك وصناديق العقارات وصناديق الأسهم السعودية ...إلخ.
من هذا العرض الموجز، لنا النتائج التالية:
* عالم الاستثمار عالم واسع، فعلينا استغلاله بأكمل وجه عن طريق تنويع استثماراتنا وعدم حصرها في فئة استثمارية واحدة أو في سوق واحدة.
* رغم اتساع عالم الاستثمار فإنه يظل محصوراً على الفئات الاستثمارية الواردة بعاليه، لذا فعليك أن تمتنع عن الاستثمار الذي لا يمكنك فهمه أو رده إلى أحد الفئات الواردة أعلاه (فالغموض هو في كثير من الأحيان اسم آخر للنصب).
* الصناديق الاستثمارية ليست فئة استثمارية بذاتها ولكنها وسيلة ممتازة للوصول والاستثمار في الفئات الاستثمارية التي قد لا يتمتع فيها المستثمر بخبرة كافية (كأسهم الدول النامية أو الصكوك)، أو التي تحتاج مبالغ كبيرة للاستثمار فيها مباشرة (كالمرابحة والعقار).
الأستاذ الفاضل ؛ موضوع اكثر من رائع ,, جزاك الله خير وبارك الله فيك شخصياً انا اؤيد الأستثمار فقط فى الأسهم شرط ان اشترى السهم واعتبره معادل لمتر الأرض المطورة ,, فإذا كان السعر فى النازل ,, فالتوزيعات ,, تكون مجزية ( مكرر اقل من 10 ) اما اذا ارتفع المكرر بحدود 15 الى 18 مره ,, فاالله يوفق من اشترى السهم منى !!
شخصياً اعتبر الاستثمار بشراء سهم بعد دراسة بيانات الارباح التاريخيه افضل فا مميزات الاستثمار بالاسهم اكثر منمميزات الاستثمار في العقار