والجميع حائرون .... يتسألون ... يتعجبون... يترددون... يقررون...يتراجعون.. يتفألون .. يتشأمون..!! هل بعد ان وصلت طفرة النمو الاقتصادي الأخيرة في منطقة الخليج الى نهاية مفاجئة، العام الماضي وسط موجة من حالات التعثر والتراجع الحاد في أسعار العقار، وانخفاض الإيرادات النفطية والاضطرابات التي شهدتها الأسواق المالية.
فبينما كانت السنة تتجه الى نهايتها، شجع ارتفاع أعلى من المتوقع في أسعار النفط، وتبني سياسات مالية توسعية، حدوث انتعاش مبدئي، غير انه مع حلول أواخر نوفمبر الماضى، تداعت الثقة بعد قرار دبي اعادة هيكلة بعض من الديون ذات الصلة بشركات تابعة للإمارة.
وعلى الرغم من أن البورصات الخليجية الأخرى، خارج الامارات، تعافت بسرعة من آثار الصدمة الأولى، فإن دبي المثقلة بالديون كانت بمثابة جرس الانذار الذي ذكر الجميع بأن منطقة الخليج لم تخرج من الأزمة المالية العالمية متعافية او سالمة.
وقد ذكر بعض الاقتصاديين ان سنة 2009 كانت سنة سيئة للغاية بالنسبة إلى المنطقة، أسوأ مما توقعنا وأسوأ مما كان ينبغي أن تكون عليه!!
لقد انتهت خمس سنوات من الازدهار بنهاية شديدة الانحدار، وبلغ متوسط النمو الاقتصادي قرابة صفر العام الماضي.
ومع ذلك، يقول الاقتصاديون إن النظرة المستقبلية لعام 2010 تبدو أفضل كثيرا.. اذ يتوقع المحللون أنه وبفضل الارتفاع في الإيرادات النفطية وخطط الانفاق الحكومية القوية، فإن الانتعاش الوليد سيكتسب قوة دفع مع مرور الوقت.
ومن الأمور التي ستؤدي دورا حاسما، أنه في الوقت الذي ستبدأ فيه دول أخرى، ربما، في جميع أنحاء العالم في تقليص الانفاق وزيادة الضرائب لخفض عجز الميزانيات العامة، فإن الاحتياطيات المالية لدول الخليج ستسمح لها، على الأرجح بمواصلة دعم المشروعات والنمو الاقتصادي، وفق ما يؤكده هؤلاء الاقتصاديون.
ففي نهاية ديسمبر الماضى وبعدأقرار المملكة ميزانية 2010، وهي الأكبر على الاطلاق، متوقعة أن يحفز الانفاق الحكومي البالغ 144 مليار دولار النمو الاقتصادي، وأن يعمل على تحفيز الاقتصاد و توفير الوظائف في أكبر اقتصاد خليجى بل وعربى .
وعلى الرغم من أن المملكة تتوقع أن تسجل عجزا في الميزانية لثاني سنة على التوالي، بدلا من الاقتراض، لكن بمقدورها أن تلجأ الى احتياطياتها الكبيرة من العملات الأجنبية، المقدرة من قبل بعض الاقتصاديين عند بحوالى 400 مليار دولار.
وحذت عمان هي الأخرى حذو المملكة حيث أعلنت مؤخراعن زيادة بنسبة 12 %في ميزانياتها العامة لعام 2010،
ومع توقعات الاقتصاديين أن تتبع أبوظبي وقطر الخطى نفسها وتتبنيا خطط انفاق قوية مماثلة.
وكما يقول الاقتصاديون ان الإنفاق الحكومي يشكل دافعا رئيسا للاقتصاد في الخليج في الآونة الأخيرة، كما يشكل حماية للتراجع في الطلب في القطاع الخاص .
وتتوقع تقارير اقتصادية أن تضمن الزيادة في انفاق الدول الخليجية نمو اقتصادات الخليج مجتمعة بنحو 4 % - 5 % خلال هذا العام، على أن تتفوق قطر في الأداء وأن تتخلف الامارات بعض الشىء بسبب مشكلة ديون دبي.
فكما يقول البعض :لا نتوقع سنة بنمو مذهل، لكنه سيكون نموا سيزداد قوة مع مرور الوقت خلال سنة 2010. ومع ذلك سيواجه انتعاش المنطقة بعض العقبات التى تختلف من بلد لاخر بنسب متفاوتة .
فالمفاجآت التى نجمت عن تعثّر مجموعتين كبيرتين سعوديتين واعادة هيكلة ديون دبي شكلت مصدر قلق للبنوك.. كما أن ما نتج عنهما من تشديد للائتمان سيؤدي على الأرجح الى تقليص النمو، لا سيما في الكويت والامارات، حيث لدى شركات الاستثمار فيهما مشاكلها الخاصة بالديون التي يجب أن تتعامل معها. وفي مختلف أنحاء المنطقة، فإن تزايد حجم الديون المتعثرة السداد بدأ يأكل من الأرباح، وكذلك ما فعلته بعض البنوك السعودية من رفع حجم المخصصات بصورة ملفتة للنظر وأدى هذا بالمؤسسات المالية الى التعاطي بمزيد من الحذر مع الاقراض، لا سيما الى الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والمجموعات المملوكة للعائلات التي هي المحرك الأساس للقطاع الخاص..
فضلا عن أنه ورغم أن دبي لا تشكل سوى جزء ضئيل من اجمالى الاقتصاد الخليجي، الا أن المتاعب المالية للامارة ستلقي بتبعاتها على جميع أنحاء منطقة الخليج، ووفقا للمحللين الاقتصاديين فان الكثيرين في جميع أنحاء منطقة الخليج استثمروا في عقارات دبي وأسواقها المالية مما يجعل للتأثير نصيب على المنطقة ككل .
وتواجه منطقة الخليج بعض الأخطارالخارجية أيضا.. اذ يخشى بعض الخبراء من أن يخفت الانتعاش العالمي عندما تبدأ الدول الغربية بتخفيض التدابير الخاصة بدعم الاقتصاد، و التي يمكن أن تكون لها تداعيات عنيفة على المنطقة خاصة اذا عرفنا ان معامل الارتباط بين الاسواق الخليجية والعالمية أكبر فى حالة الانخفاض منه فى حالة الارتفاع مما يستتبع حدوث انخفاض بصورة اكبر فى منطقة الخليج اذا حدث هبوط بالاسواق العالمية ، وكذلك اذا ما عادت أسعار النفط للانخفاض.
الا أن الكثير من الاقتصاديين على ثقة من أن منطقة الخليج لن تشهد عودة قريبة للتضخم بمعدلات مرتفعة، وهو الوباء الاقتصادي الأساسي الذي عانت منه المنطقة في السنوات الخمس الاخيرة.
وهو ما حذر منه البعض بقولهم : نرى صعودا في التضخم من المستويات الدنيا التي بلغها في نهاية 2009، لكننا لن نشهد ضغوطات مثل التي شهدناها في 2007 - 2008.
ان دول الخليج والولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية ستسعى للابقاء على أسعار الفائدة عند معدلات منخفضة لدعم النمو في المستقبل .
وبشكل عام، فان المتوقع لعام 2010 أن يشهد على الأرجح تزايدا في التباين بين اقتصادات الدول الخليجية ، لا سيما بين الدول الأكثر سلامة وغنى مثل السعودية وقطر وأبوظبي، في حين أن الكويت والامارات عموما، ستشهدان ضعفا في اقتصاداتهما، وفقا لتوقعات الاقتصاديين.
ولعل البعض يتنبأ.. ويتوقع .. ويظن .!! ولكن الجميع حائرون .... يتسألون ... يتعجبون... يترددون... يقررون...يتراجعون.. يتفألون .. يتشأمون !! فماذا أنتم فاعلون ؟!!