قبل نحو أربعة أعوام وبالتحديد في 1/4/2006 أقدم سوق دبي المالي على خطوة ما زالت محل جدل تمثلت في تقسيم الأسهم المدرجة فيه إلى فئتين هما فئة الأسهم النشطة – الأكثر تداولا – وفئة الأسهم غير النشطة – الأقل تداولا- وحدد نسبة التذبذب للفئة الأولى بـ 15 % صعودا وهبوطا وبـ 5% لأسهم الفئة الثانية على أن تحصل مراجعة دورية- كل 6 أشهر - لنقل الأسهم من الفئة الأولى إلى الثانية والعكس، وقد برر السوق هذا الإجراء يومها بأسباب عديدة كان أهمها على الإطلاق منع المضاربين من التأثير على المؤشر العام هبوطا وصعودا بصفقات صغيرة – 100 سهم مثلا أو أقل – وقد نجح هذا التوجه نوعا ما في تقليص حدة تذبذب المؤشر العام ، لكنه لم ينجح في إنهاء تأثير بعض الاسهم الثقيلة الوزن كسهم بنك الإمارات دبي الوطني الذي ما زال يستخدم أحيانا في رفع أو خفض المؤشر العام وتغيير اتجاهه بصفقات صغيرة قد لا يتجاوز عدد الأسهم فيها عشرات الأسهم .
إن التذكير بما أقدم عليه سوق دبي قبل بضع سنوات وما زال مطبقا حتى الآن كان ضروريا للإنتقال إلى الحديث عما جرى يوم أمس في سوق أبوظبي حيث تفاجأ المتداولون بحركة نشطة وغير عادية على سهم البنك التجاري الدولي لم تكن لتخطر ببال أحد قبل أيام قليلة حيث ارتفع حجم التداول على السهم من بضعة آلاف سهم إلى سبعة وسبعين مليون سهم ومن قيمة تداولات لا تتعدى عشرات الآلاف إلى أكثر من مئة مليون درهم – هي الأعلى على الإطلاق منذ إدراج السهم - علما أن السهم من الاسهم الخاملة التي لا تتحرك في السنة الواحدة أكثر من عدة مرات ..
وهذا الأمر يقودنا إلى السؤالين التاليين : هل وراء الأكمة ما وراءها ؟! .. هل سنشهد أخبار سلبية أم أخبارا إيجابية ؟! لا شك أن الحركة النشطة لسهم البنك التجاري الدولي أمس كانت مفاجأة ومحيرة للجميع خاصة مع غياب الأخبار الجوهرية المؤثرة ، فهل هي الشائعات ؟.. نعم ربما هي الشائعات أو التسريبات ، إذ من يجرؤ الآن على نفي وجود وتأثير الشائعات والتسريبات بعد الضربة الموجعة التي تعرضت لها الشفافية خلال الأسبوع الماضي على يد كل من سهمي آبار وأرابتك ،وما الذي سيمنع كبار المضاربين "الهوامير " من تحريك الاسهم الراكدة أو الخاملة بل وحتى الاسهم "الميته" طالما كانت لهم مصلحة في ذلك .
طالما تمكنت قيم وأحجام التداول غير العادية على سهم البنك التجاري الدولي أمس من لفت نظر المتداولين إليها إذن من باب أولى أن تكون جذبت انتباه مسؤولي الأوراق المالية والجهات الرقابية ، وأن تكون دفعت هؤلاء المسؤولين للإستفسار من إدارة البنك عن أسباب هذا النشاط الكبير والمفاجئ لأن مثل هذا السؤال قد يبرد حمى الغضب المنتشر بين أوساط المتداولين على خلفية قناعتهم باستمرار عمليات التسريب، وإن لم يوجه هؤلاء المسؤولون سؤالهم حتى الآن فمن المفترض أن يوجهوه سريعا وأن يحظوا بجواب سريع ايضا كي يكون المتداولين على بينة من أمرهم قبل أن يقدموا على أي قرار بالبيع أو الشراء وإذا كان لدى هؤلاء المسؤولون تفسير لتداولات أمس فمن المفترض بهم نشر ما لديهم من معلومات متاحة على الفور حتى ولو كان في هذه المعلومات إشارة إلى قيام عدد من المالكين بتبادل أسهم البنك فتحريك سبعة وسبعين مليون سهم على سهم خامل أمر ليس بالهين على الإطلاق والجميع يصلي كي لا تُضربَ مبادئ الشفافية والإفصاح مرتين في شهر واحد.
إن المطلوب من مسؤولي الاسواق والجهات الرقابية ليس متابعة تطورات تداولات أمس فقط بل وتشديد الضوابط المتعلقة بالأسهم الخاملة وفصلها كليا ووضعها في سوق مواز آخر بعيدا عن الأسهم النشطة بحيث لا يكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر على اتجاه المؤشر العام بل ويذهب البعض إلى المطالبة بأن تلغى هذه الأسهم من قوائم الإدراج في السوق كي لا تكون محل استغلال يفيد فئة قليلة ويضر بفئة كبيرة خاصة وأن الكثير من المتداولين يتساءل عن أهمية وفائدة الاسهم المهجورة المدرجة في الأسواق المحلية والتي قد لا يتجاوز عدد صفقاتها على مدار العام عدد اصابع اليد الواحدة .
بارك الله فيك ... الشفافية في أسواق المنطقة معدومة فلا ترجي خير من إدارات هذي الأسواق