في عدد «الاقتصادية» الصادر في 06/11/2009 ورد خبر بعنوان «دعوة إلى رفع سن التقاعد الإلزامي في الخليج.»، وفي الأسبوع الماضي صدر خبر منسوب إلى مجلس إدارة المؤسسة العامة للتقاعد مفاده أنها توصي برفع السن التقاعدية للمدنيين والعسكريين لتخفيض تكاليف التمويل. وقد كانت ردات الفعل على تلك الأخبار (التي يمكن قياسها من وحي ملاحظات وتعليقات القراء) سلبية ومفاجئة بصفة عامة، لذا وددت أن أبحث في دوافع هذه التغييرات وما قد ينتج عنها فيما يخص مدخرات الأفراد ومستقبلهم المالي.
لا شك أن أنظمة التقاعد في المملكة تعدّ من الأنظمة الكريمة إذا ما قورنت بالعديد من الدول الأخرى من حيث أقساط التقاعد، وسن التقاعد، وإمكانية التقاعد المبكر، والمنافع المالية بعد التقاعد، والتي تمتد إلى ما بعد وفاة المتقاعد في كثير من الأحيان فتستمر لورثته. والحقيقة أن هذه البنود الكريمة يمكن تمويلها بشكل أساسي عن طريق ما يعرف بالـ (هرم السكاني)، حيث يقوم السكان المشتركون في أنظمة التقاعد والدافعون لأقساطه في وقت ما بتمويل رواتب المتقاعدين في تلك الفترة. وهذا النظام يمكن الاستمرار به طالما كان عدد المشتركين في أنظمة التقاعد والدافعين لأقساط التأمين يزيد بشكل كاف على المتقاعدين الحاصلين على منافع التقاعد.
ولشرح هذه النقطة دعونا نقسم السكان السعوديين لثلاث فئات: فئة المتقاعدين (أي من هم فوق سن 60 عاماً)، وفئة العاملين الحاليين (ما بين 20 و60 عاماً)، وفئة الصغار أو عاملي المستقبل (من هم دون 20 عاماً). ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار المتقاعدين هم المستفيدون الحاليون من نظام التقاعد، والعاملون هم الممولون لمنافع التقاعد التي يحصل عليها المتقاعدون، أما العاملون المستقبليون (والذين نسميهم أطفال اليوم) فهم الذين سنتوقع منهم تسديد أقساط التأمين عندما يتقاعد العاملون الحاليون.
فإذا نظرنا لهذه الفئات الثلاث سنجد أنه في عام 1999 كان عدد فئة المتقاعدين وفق المفهوم أعلاه نحو 5 في المائة من مجموع السكان السعوديين، والعاملين 38 في المائة، وعاملي المستقبل 57 في المائة (وهي النسبة الكبرى). وفي عام 2007 بقيت نسبة المتقاعدين نحو 5 في المائة، ولكننا نلاحظ زيادة عدد فئة العاملين إلى 47 في المائة، وانخفاض نسبة عاملي المستقبل إلى 48 في المائة. وهذا التطور على ظاهره قد يبدو جيداً حيث يوجد عدد أكبر من المشتركين في أنظمة التقاعد لتمويل معاشات المتقاعدين بشكل أكبر. ولكن المشكلة تكمن في الانخفاض الكبير في نسبة الأطفال أو عاملي المستقبل من 57 في المائة في 1999 إلى 48 في المائة في عام 2007، مما قد يرجع جزئياً لانخفاض معدلات الإنجاب في السنوات الأخيرة، هذا يعني أن فئة عاملي المستقبل بالكاد أن تبلغ عدد فئة العاملين اليوم، وبالتالي ففئة العاملين الحاليين قد تعاني عدم كفاية أنظمة التقاعد نظراً لعدم وجود مشتركين كافيين في وقت تقاعدهم بعد عدد من العقود للوفاء بمتطلباتهم التقاعدية. ومع الاستمرار في انخفاض معدلات الإنجاب فإن المشكلة قد تتسارع. كما قد يزيد من حدة الأمر الازدياد المطرد في الأعمار من سنة لسنة نتيجة التطور في مجال الطب والرعاية الصحية، مما قد يزيد نسبة المتقاعدين ومعدلات أعمارهم. هذه التطورات بطبعها ستؤدي للضغط على أنظمة التقاعد لتخفيض بعض ميزاتها وتخفيف تكاليفها، مما قد يعني زيادة الأقساط التأمينية، أو إلغاء التقاعد المبكر، أو تأجيل سن التقاعد أو تخفيض المستحقات التقاعدية. وقد واجهت العديد من الدول هذه المعضلة مع انخفاض معدلات الإنجاب فيها وزيادة عدد المستفيدين من التقاعد بالمقارنة بالدافعين لأقساطه. بل إن هذه المعضلات سببت أزمات سياسية في بعض الأحوال، مما حدا بالعديد من الدول التحول إلى نظام «الحسابات المفصولة» حيث يستلزم أن تفي أقساط المرء التأمينية على مدى مدة اشتراكه بمستحقاته التقاعدية، بدلا من أن يقوم كل جيل بتسديد مستحقات التقاعد للجيل الذي يسبقه.
بالنظر إلى هذه المعضلة السكانية والمالية، فإني أتقدم بالتوصيات التالية لعلها تساعد القراء الأعزاء على ضمان عيش كريم لدى بلوغ سن التقاعد:
أولاً: لا تكتف باشتراكك في مؤسسة التقاعد أو في التأمينات كضمان لك في سن التقاعد. فهناك العديد من المتغيرات التي قد تؤثر فيه من الآن إلى سن تقاعدك. وفي كثير من الأحوال، قد يحصل تغيير في أنظمة التأمين في آخر مدة اشتراكك، كما أنه لا يتطلب موافقتك في كثير من الأحيان. لذا فالوصية هي أن عليك اتخاذ تدابير إضافية بادخار مبلغ لتقاعدك عن طريق البدائل الاستثمارية المتعددة المتاحة. والأمر يزداد أهمية إذا كنت شاباً في مقتبل العمر.
ثانياً: على الشركات كذلك عدم الاعتماد على برامج التقاعد الحكومية بشكل كامل لموظفيهم، والمحاولة للاستزادة ببرامج خاصة لتوفير الطمأنينة والادخار لهم، خصوصاً أن الشركات أكثر قدرة وحزما في هذه المسألة من العديد من الموظفين عندما يتعلق الأمر بالادخار.
ثالثاً: ومن منظور معاكس فإن المزايا التأمينية اليوم تعد كريمة بشكل كبير، لذا فإني أنصح جميع الأشخاص الذين يعملون في مهن حرة ولا يلتزمون بنظام التأمينات الاجتماعية أن يشتركوا في التأمين الاختياري، خصوصاً إذا كانت لهم خدمات سابقة يمكن الإضافة لها.
رابعاً: لعل من الأفضل لأجهزة التقاعد الحكومي (سواء مؤسسة التقاعد أو التأمينات الاجتماعية) الانتقال لنظام الحسابات المفصولة حيث يتم فصل الأقساط التأمينية لكل مشترك والأرباح المتراكمة عليها على شكل رصيد للمشترك يتم استنفاده تدريجياً بمجرد بلوغ التقاعد دون أن يدخل في مدخرات وأقساط الغير. كما أن من شأن ذلك أن يعطي مصداقية وراحة أكبر للمشتركين من استقرار مدخراتهم.
الله الرزاق لا شك ان العمل بالاسباب مع التوكل على الله من اهم الأمور الواجبه على المسلم لكن لا بد ان يتحرى المسلم الرزق الحلال ... سمعت من العديد ان انظمة التأمين لدينا محرمة (لم أسمع من شيخ) لذلك الشخص غير المجبر على التأمين يفضل له عدم الدخول في هذه الصناديق والمعاشات ... والحمد لله بما ان الشعوب العربية تتمتع بالتكافل الاجتماعي فان الابناء يرعون ابائهم عند الكبر وهذا من فضل الله علينا
اااااقول السلام عليكم ينبغي علينا الكد والاجتهاد في كل الظروف ووالعمر والرازق ربك ....نساله تعالى ان يصلح اعمالنا وابناءنا جميعا