بين صفعات دبى وجنون طاووس العملات …التقرير الاسبوعى للاسواق العالميه

30/11/2009 0
خالد أبو شادي

بعد عام من سقوط ليمان برذارز وما تلاه من تداعيات حول العالم،نجدنا وجها لوجه امام احد توابع الزلزال الذى كان مركزه امريكيا ،لكن ما احدثه من خلل انتشر كالسرطان ليحتوى العالم اجمع. فهاهى دبى تنغص على الجميع بما اعلنته من تأخير سداد ديونها التى تتفاوت ارقامها، فما هو معلن من الواضح انه ليس نهايه المطاف "تتراوح الديون المطلوب سدادها 80 مليار دولار حسب ما ذكرته محطه سى سى ان الامريكيه على موقعها الاخبارى" .

فهل يا ترى كان لتقرير ستاندر اند بور دخل فى الامر؟؟ ام انه مجرد تزامن فقط فى طفو الاحداث على السطح؟ ومهما تكن الاجابه فان دبى اوقعت العالم فى مأزق وربما تسارع الجميع فى اعلان عدم تعرضه لديون دبى وانكشافه بسببها ،وربما اتت هذه التطمينات -المؤقته- بمفعولها كى نرى على الشارتات شموع يابانيه بذيول سفليه طويله بعض الشىء،لكن واقع الامر يقول ان حل مشكله 80 مليارا لن يكون بين عشيه وضحاها،ولا يُعرف فعليا من الاكثر تعرضا لتلك الديون على الرغم من كثره الاصابع التى تشير نحو البنوك الانجليزيه،رغم ان الامر فى النهايه لايخلو من سيناريو متسلسله الدومينو.

ربما كان اعلان دبى بمثابه الشراره التى اخذتها الاسواق كمبرر كى تدخل -فعليا- عمليه التصحيح التى تأخرت كثيرا "حسب وجهه نظرنا" وخصوصا اسواق الاسهم ،لكننا فنيا نعرف تماما قسوة النتائج المترتبه على تأخير التصحيحات السعريه ،والتى تجر الكثيرين الى افخاخ"ثيرانيه"Bull traps قبل ان تتركهم معلقين عند مستويات سعريه مرتفعه. وتجرنا مشكله دبى الى مشكله اكبر لم تأخذ حقها من المعالجه من قبل المحللين والتى ركزت عليها ميريدث ويتنى Meredith Whitney -المحلله الامريكيه المعروفه- والى كان لها السبق فى توقع الازمه الماليه العاصفه ،وهذه المشكله تتمثل فى وضعيه البنوك الامريكيه وحاجتها الى زياده رؤس اموالها التى لم تعد كافيه.

وهذا الكلام يعتبر منطقيا بعد ازمه السيوله الطاحنه والتى اثرت بعنف على ائتمان المستهلك ،والصعوبات التى صار يواجهها كل من اراد الاقتراض بسبب تضييق الخناق بعد الهزات العنيفه التى واجهتها البنوك من جراء السحوبات دون ضمانات حقيقيه ودخول البنوك فى عمليات متاجره اشبه بالانتحار المالى قى المشتقات-ان صح التعبير- ان هناك 552 بنكا امريكيا اصبحت فعليا عرضه لمشاكل بعد نهايه سبتمبر 2008 ،وكان افلاس ما يقارب 124 بنكا منها حتى الان قد دفع مؤسسه التأمين على الودائع الامريكيه FDIC الى جمع رسوم 3 سنوات مقدما ،حتى تضمن ولو مؤقتا عدم وقوع المزيد من البنوك فى الطريق خصوصا مع بدايات عام 2010. لكن هل هناك فعلا ضمان حقيقى من عدم حدوث ذلك؟؟؟ ان رئيسه هذه المؤسسه تجيبنا بطريقه غير مباشره من خلال استيائها من ضعف عمليه الاقراض التى تقوم بها البنوك خصوصا للشركات الصغيره والذى نعاينه فنيا فى ضعف مؤشر Russell 2000 الامريكى وتأخره فى التحرك مع داو جونز وبقيه المؤشرات الاخرى ،على اعتبار ان هذا المؤشر يضم اسهم اصغر 2000 شركه داخل السوق الامريكى.

وهكذا تفسر الاحداث بعضها والتى تدفعنا فى النهايه الى اعاده القول القديم:ان البنوك فى حاجه الى زياده رؤس اموالها حتى تواجه مشاكلها الحقيقيه ليس فقط على مستوى الولايات المتحده بل فى انحاء شتى ومتعدده من العالم، بالاضافه الى حاجتها فعليا لتغيير سياساتها تجاه ضمانات الاقراض وضرورة وجود اصول حقيقيه لان هناك قواعد ارستها "حريه الرأسماليه" تحتاج الى مراجعه ،وهذا ما تحتاجه دبى وبنوكها.

ويأتى طاووس العملات -الين- كى يكون فاعلا ومؤثرا بشده خلال هذا الاسبوع ،فلقد اطاح باسواق الاسهم الاسيويه بشده جراء صعوده العنيف امام معظم العملات والدولار تحديدا كى يذكرنا بارتفاعات عام 1995 العنيفه.

وفى نظرى فان الين ليس جانيا بل مجنى عليه ،بعد ارتفاع تلال الدولار التى تم ضخها فى ازقه الاسواق ،وتصريحات الفيدرالى غير المبرره بكون هبوط الدولار غير مقلق ،ولم يتسارع بأكثر من اللازم بالاضافه الى ابقاء معدلات الفائده على حالها دون زياده،بالاضافه الى تصريح البنك المركزى الروسى الذى اعلن انه سيجعل الدولار الكندى احد عملاته الاحتياطيه ،الامر الذى زاد من ضعف وشيخوخه الدولار الامريكى .

انه ليس منطقيا ان نرى انخفاض الدولار وارتفاع الين بعنف فى ذات الوقت ،هذا يبدو غير صحى للاسواق وعلى ما يبدو فان عرش الدولار يتزعزع بشده ،والذى ربما يلقى نفس مصير الجنيه الاسترلينى السابق،والذى كان يوما ما عمله العالم الاولى ،والامر لايعدو كونه مسأله وقت لمن يعرف الصبر. لدينا ايضا بيانات ايجابيه عن ارتفاع ثقه المستهلكين فى الولايات المتحده الامريكيه وارتفاع الانفاق الشخصى وكذلك الدخل الشخصى على اساس شهرى. لكن على مستوى الربع الثالث فان معدلات الانفاق الشخصى لاتزال اقل من سابقتها عند مستوى 2.9% مقابل 3.4%.

واختصارا للارقام ومتاهاتها لدينا تفاؤلا فى المدى القريب من قله اعداد طلبات الاعانه وبيانات الثقه ومبيعات المنازل الجديده ،والتى استفادت بشده من خطط التحفيز لكن الامر لايبدو كذلك فى المدى الابعد خصوصا مع ارتفاع معدلات البطاله والقيود المكبله لعمليه الاقراض وارهاصات التضخم ،فنحن على قناعه ان خطط التحفيز تدفع الاسواق للتحرك ،والحكم المنطقى يكون بعد انتهائها ونحن حاليا لايمكننا الاقرار بوجود نمو حقيقى ،فالنمو الحالى اشبه بنمو النباتات فى الصوبات الزراعيه فى غير اوانها ، علينا التريث اذاً لان المريض لايزال يتنفس تنفسا صناعيا ،فاذا جاء وقت الخروج من العنايه المركزه ،فان هذا هو الوقت الحقيقى لاختبار مدى كفاءه الجهاز المناعى.

اللافت للنظر خلال هذا الاسبوع هو ضعف تحرك البترول بالتوازى مع ضعف الدولار ،وهذا كان امرا واضحا تماما حتى قبل الانخفاض الشديد الذى تعرض له الدولار. وهذا يدفعنا الى تساؤل يبدو منطقيا:هل هو ضعف فى مستوى الطلب بما يعنى ضعف الانتعاش الاقتصادى؟؟ام محاوله لفصل تحرك البترول عن الدولار ؟؟؟؟؟ والاجابه ستكون صعبه لان كلا الاحتمالين قائما على الرغم من ضعف نصيب الثانى فعليا ،لكننا فى كل الاحوال لا نختلف على معاناه البترول ومنذ فتره خصوصا فى تقاريرنا اليوميه،والتى اكدنا فيها على اهميه دعم 73.50 للبترول.

ويأتى الذهب كى يهبط بأكثر من 50 دولارا يوم الجمعه الماضيه بعد صعود متواصل من تحت 1030 الى مشارف 1200 دون التقاط حقيقى للانفاس ، ورغم اغلاق الذهب قرب 1177 الا اننا على قناعه انه لم ينه تصحيحه بعد. والذهب يعد من اقوى السلع التى جذبت السيوله اليها فى المرحله الاخيره وربما اكان اعلان الهند هذا الاسبوع عن نيتها فى شراء 200 طنا اخرى بما يعادل 6.7 بليون دولار حافزا جديدا الا ان الذهب يتقافز الى اعلى بفعل عنف السيوله القادمه اليه ،بالاضافه الى النظره الفنيه المتفائله له ومنذ فتره بسبب مخاوف التضخم وانخفاض قيمه الدولار. ضع ما يحلو لك من اسباب لصعود الذهب وفى النهايه فانه يصعد ببساطه..لكن من كان اسبق فى قراءه الاحداث؟؟ ومن سيكون كذلك اذا اقترب وقت تغيير الاتجاه العام من صاعد الى هابط؟؟؟ هذا هو الاهم فى الامر. واذا اردنا ان نضع ترتيبا لتعافى الاقتصادات سنجد ان اسيا الشرسه تأتى فى المقدمه ،تليها اوروبا ثم الولايات المتحده الامريكيه. فنمو الدول الاسيويه وتعافيها يعد اسرع واقوى من واقع البيانات الوارده ،فعلى سبيل المثال سجلت سنغافوره هذا الاسبوع نموا فى انتاجها الصناعى على اساس سنوى بمعدل 3.6% مقابل 7.7%- ،وفى اليابان ارتفع فائض الميزان التجارى للبضائع فى شهر اكتوبر الى 807 بليون ين يابانى مقابل 520 بليون ين ،يأتى هذا فى الوقت الذى ارتفعت فيه قيمه الين اليابانى بشكل لافت ،لكن هذا لم يمنع اليابان من زياده الفائض فى الميزان التجارى . ويبدو الامر متفائلا ايضا داخل القاره الاوروبيه وان كان بوتيره اقل خصوصا مع ارتفاع الثقه فى الاقتصاد الى 88.8 مقابل 86.2 كقراءه سابقه.

وتأتى ارقام الناتج الاجمالى المحلى للكيان الالمانى مطابقه تماما للتوقعات وبلا تغيير عن القراءه السابقه عند0.7% ،فى الوقت الذى تراجعت فيه قراءه الناتج الاجمالى المحلى الامريكى بعد المراجعه من 3.5% الى 2.8%. ان الارباك الذى عاشته الاسواق هذا الاسبوع لا يبدو غريبا خصوصا مع تلكؤ اسواق الاسهم فى تصحيحها ,والتى نوهنا واشرنا اليها فى تقاريرنا السابقه. وستظل تداعيات ازمه ديون دبى مقلقه لانها احدى التوابع المنطقيه لازمه العام الماضى وتذكير قاس بان ازمه العقارات تحديدا لم تدخل غياهب النسيان، والتى لا نتوقع ان تتوقف تداعياتها وتوابعها عند هذا الحد فالامر لم ينته بعد ،ويكمن الفرق فقط في الاطارات الزمنيه التى ننظر من خلالها الى الامر فعلى المدى القصير تبدو الامور عاديه ومتفائله لكن بالنظر الى المدى الابعد نجدنا مجبرين على توخى الحذر -ان لم نكن غير متفائلين اصلا-حتى تكف الحكومات عن حقن الاسواق بالمنشطات والهرمونات الصناعيه التى تدفع مستويات " الطلب" الى التحرك المصطنع كى تدفع بدورها عجله الاسواق. دعونا لا نتعجل الاحداث ودمتم بخير