بقلم: خالد المناصرة وجد حاليا بالأسواق نوعان أساسيان من الصفقات: صفقات خوض المخاطرة (Risk-taking) و صفقات تجنب المخاطرة (Risk-averting). يمكن تلخيص صفقة خوض المخاطرة بالمثال التالي: عند هبوط الدولار الأمريكي والين الياباني، تنخفض السندات، ومن هنا فأن على الأرجح أن يرتفع كل شيء آخر.
تجنب المخاطرة هي على العكس تماما. وبالطبع، فأنت تجد الأسهم العرضية تهبط بسبب سوء إدارة واضح للمؤسسة، ولكن الأسهم عموما سوف ترتفع إذا هبط الدولار. وبهذا، فإنه ما يدهش بالفعل هو أن يتحدث الناس عن أساسيات شركات فردية عند تحليل الأسهم كما لو كانت مهمة. وفي الواقع، الشيء الوحيد الذي يجب على المرء حقا أن ينظر إليه هو قوة الدولار الأمريكي.
فواقع أمر تحليل العملات هو أنها لا تتاجر مقابل لا شيء، ولكن مقابل بعضها البعض. فكر فيها كمسابقة "أجمل إمرأة في الكون"، حيث أن الفائزة ليست بالذات الأجمل، ولكنها الأجمل على خشبة المسرح في ذلك الوقت ومقارنة بالأخريات. أحد الأقوال المفضلة عندي بالنظر إلى السوق هي للمتنبأ الشهير رودني دانجيرفيلد (Rodney Dangerfield) والتي قال فيها: "إذا كنت تريد أن تبدو نحيفا، أقم مع الأشخاص الممتلئين"!
إذا، دعونا نقارن بين عملتين "افتراضيتين":
العملة أ: عملة هذه الدولة ضعيفة جدا، لا تحقق أي أرباح تقريبا أو ما يسمى بـ- "سياسة المعدل الصفري للفائدة" (zero interest rate policy - ZIRP)، وبنوكها موضع شك من حيث إيفائها بالمديونات، واقتصادها يترنح على حافة الهاوية، وتتعامل مع الدين كما لو كان شيئا بعيدا عن الموضة، والثقة بها ضعيفة في جميع الأوقات.
عملة ب: هذه الدولة لم تتأثر بشكل كبير بأزمة القروض العقارية والكساد الكبير، لكنها رفعت فقط معدل الفائدة 25 نقطة لتصل إلى 3.25% وهي على وشك رفع الفائدة مرة أخرى 25 نقطة، وهي قلقة حاليا من التعافي السريع والتضخم، ويبدو أن مؤسستها المالية ملائمة.
فما هي العملة الأكثر "مخاطرة"؟
إذا قلت العملة أ، فأنت مخطئ! أو على الأقل هذا ما تخبرك به أسواق العالم. في المثال السابق، العملة أ هي الدولار الأمريكي والعملة ب هي الدولار الأسترالي.
وهكذا يبدو الأمر مضحكا في بعض الأحيان أنه لتفادي المخاطرة، فإنك تبيع عملة عالية الربحية لدولة ذات صيت مالي جيد، لصالح حطام متداعي بدون فائدة من الدولة ذات الموقف المالي الأسوأ على وجه الأرض.
هكذا إذا تسير الأمور، حتى الآن. ولكن عند أي نقطة ينفصل هذا؟
من الواضح أن الدولار الأمريكي يستفيد من موقفه كعملة الإحتياطي العالمي، ولكن حاليا وبحسب الكثير من المحللين الإقتصادين فإنها أحد الأصول الأكثر عرضة للخطر، وكون حكومة الولايات المتحدة لم تخلف أبدا إلتزاماتها بالدين، لا يعني أنه لا يمكن حدوثه. ففي النهاية، أليست هي نفس الهيئة الاستشارية بالبنوك الإستثمارية وواشنطن التي ظنت أن لعبة القروض الممنوحة سوف تستمر إلى الأبد؟ قد تكون هذه واحدة من أضخم أحداث البجع الأسود التي يمكن تخيلها.
مع المقدار الهائل للدين بسجلاتها حاليا، ما لم يستطع البنك الفيدرالي أن يستحث التضخم الزائد، فربما واجهت الولايات المتحدة وقتا عصيبا للإيفاء بديونها. لماذا يريد الجميع خوض هذه المخاطرة؟ وبينما يحافظ برنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وآخرون على معدلات الفائدة منخفضة جدا وقيمة الدولار تستمر في الإنخفاض، فربما أحتفظ بالأسترالي. يمكنك أن تدعوني "مخاطر"، ولكني أعتبر نفسي متجنب لها.
ولكن بعيدا عن المصطلحات والألفاظ، طالما أن العملات الحكومية موجودة، فلا يوجد سبب يجعل الدولار الأمريكي يستفيد من صفقة "رحلة إلى الأمان" .
وحيث أن الدولار الأمريكي هو وسيط الإختيار للنفط والذهب والبضائع الأخرى، فإنه لا يعني أن الوضع سيظل هكذا. في الواقع، فإن الدولار الأمريكي هو وسيط تبادل فقط وليس بقيمة.
هل ستأخذ الدولار الأسترالي الذي يمكنك من إبقائه بأوراق مالية أسترالية لعامين بعائد 4.71% لبضائعك أو خدماتك، أم الدولار الأمريكي الذي يمكنك أن تحتفظ به بأراق مالية لعامين بعائد 1.02%؟
جوابك معروف مسبقاً، وهكذا أنا أيضا!