أعلن رئيس هيئة السوق المالية الدكتور عبد الرحمن التويجري عن النية لإدراج صناديق الاستثمار في التداول قبل نهاية العام الحالي.. وتعتبر هذه الخطوة اتجاهاً نحو توسيع قاعدة المنتجات الاستثمارية المقدمة بالسوق للمتداولين بعد أن تم إنشاء سوق للصكوك والسندات قبل عدة أشهر.
من المعلوم أن سمعة الصناديق لدى المتعاملين بالسوق لا تحظى بشعبية كبيرة نتيجة الخسائر الكبيرة التي حققتها خلال السنوات الاخيرة والتي تأثرت بأداء السوق كونها تتماشى مع حركته لأنها تحوي مكوناته بنسبة توازي حجم كل شركة أو قطاع بالسوق.. مما يعني حتمية التأثر الكبير بأي اتجاه للسوق وكون ثقافة الاستثمار كانت محدودة بشكل عام فقد وضعت الصناديق في خانة الفشل وترسخت بذهنية المتعاملين تلك الصورة لأن القاعدة تقول: (تُقاس الأعمال بالنتائج).. ولكن الهيئة ومن خلال إشرافها على السوق سعت في السنوات القليلة الماضية لترسيخ العمل المؤسسي فيه حتى تضبط حركته وتوجهه نحو العمل الاستثماري المحترف.. وكان من بين أهم النقاط التي تم التركيز عليها هو فصل وحدات الاستثمار عن البنوك وتكوينها كمؤسسات مالية حتى لا تتضارب المصالح والترخيص لمؤسسات مستقلة عن البنوك لفك الاحتكار وتوسيع قاعدة المنافسة من أجل تقديم خدمات أفضل للسوق والمتعاملين فيه وأصبحت الهيئة هي من يرخص لإنشاء الصناديق ووضع ضوابط لأدائها مما أوصل عددها الى ما يفوق 50 صندوقاً تستثمر بالسوق المحلي بخلاف الصناديق الخليجية وغيرها.
ومما كانت تعانيه الصناديق هو الثقة بالمديرين المسيرين لعملها وبدأت الهيئة تنظيم تلك الكوادر التي تدير أموال المساهمين من خلال اشتراطات معينة يجب أن يتمتع بها القائمون على إدارة الصناديق ولكن لب المشكلة سابقاً كان يكمن بأن الصناديق تعمل في سوق محدود الكفاءة والعمق ولا يحكم أداؤها ضوابط حقيقية خلاف أنها مرتبطة بقرار المشترك الذي إذا ما قرر تصفية وحداته فسيتم تحصيل أمواله من خلال بيع جزء من مكونات الصندوق وغالباً ما تكون أسهماً لشركات كبيرة مما ساهم بقوة الهبوط الذي صاحب السوق خلال الفترة الماضية اضافة لعوامل أخرى كالتمويل وغيرها وانعكاس الأزمة المالية على الاقتصاد العالمي ككل.
لكن خطوة الهيئة الجديدة تحمل في طياتها جوانب غاية في الأهمية لخدمة السوق فإدراج الصناديق سيسهم بزيادة الشفافية في طريقة عملها وتقييم أدائها ويصبح من السهل المقارنة بينها من خلال إدراجها الذي سيسهل من عمليات الاطلاع عليها كما ستتضح مكونات كل صندوق مما يعني مؤشراً إرشادياً للمتعاملين حتى يتبعوا حركة الصناديق وهذا سيوجه السيولة مستقبلاً نحو الشركات والقطاعات الاستثمارية بشكل عام.
وسيساهم إدراجها في حفاظها على السيولة دون الحاجة للتسييل عند طلب المشترك لأنه يستطيع بيع وحداته من خلال السوق ولن يلجأ للبيع من خلال مدير الصندوق إلا عند تعثر البيع عبر السوق وبالتالي إذا ما تمكن من تداول وحداته عبر السوق المالية فسيساعد ذلك في استقرار أسعار الشركات الكبيرة المؤثرة باتجاهات المؤشر وكما سيتيح إدراج الصناديق في تدفق الاستثمار الأجنبي كون رئيس هيئة السوق المالية سُئل عن إمكانية السماح للمستثمر الأجنبي للدخول المباشر في السوق بخلاف اتفاقية تبادل المنافع فأجاب بأنه من الممكن السماح لهم من خلال الصناديق.
وهذا يعني أن المستثمر الأجنبي سواء أكان أفراداً أو صناديق يستطيع أن يدخل السوق من خلال الصناديق المدرجة كونه سيشتري بمكونات السوق المهمة دون أن يكون له دور بالتأثير عليها ولكنه سينشط طرح صناديق جديدة تديرها مؤسسات مالية عالمية رُخص لها العمل هنا لتقوم المؤسسات الخارجية بالاستثمار عبرها من خلال المساهمة برأسمال الصندوق أو شراء وحداته وهو الأقرب كونها تعرف أكثر من يديرونه وتستطيع تقييم الأداء بشكل أفضل.
لكن بالمقابل طرح الصناديق لن يحقق الفائدة الإيجابية الكبيرة دون أن تقوم الهيئة بدراسة مجالات تطوير عملها بفتح آفاق لها كالدخول بتأسيس شركات منوي طرحها للتدول على سبيل المثال لكي تلعب دوراً تمويلياً مؤسسياً أكبر يسهم بجذب الاستثمار المنظم لأنها ستكون ممنوعة من البيع أسوة بباقي المؤسسين حسب نظام السوق المالية بدلاً من عمليات الاكتتاب التي وسعت رقعة نوعية المضاربين وسببت خللاً بأسعار الشركات المطروحة للتداول سابقاً.. بخلاف قيام المؤسسات بتقليل المخاطر من خلال تنويع استثمارات الصندوق بإدخال الصكوك في مكوناتها وكذلك تنويع الصناديق كدخل ونمو وغيره بشكل أكثر فاعلية من المعمول به الآن ويبرز ذلك لعموم المتعاملين حتى تشبع رغباتهم ويحددوا خياراتهم من خلال شاشة التداول التي ستكشف واقع الصناديق وجودة عملها.
إن طرح الصناديق للتداول لا شك أنه خطوة إيجابية معمول بها في أسواق كثيرة وأثبتت نجاحها فبشراء وحدة من الصندوق والتي تعتبر ورقة مالية تكون قد ساهمت بعشرات الشركات وهي خطوة من الخطوات المساهمة بتنظيم تدفق النقد للأسواق المالية ولعب دور باستقرار السوق مستقبلاً وتقليل هامش التقلبات الحادة التي مر بها وتنوع استثماري للعموم لكن تبقى مسألة الحكم عليها من خلال الضوابط التي ستحدد معايير طرحها وكيفية تداول وحداتها والمجالات المفتوحة لها بالحصول على تقييمات وتصنيفات مالية ستسهم بتحديد خيار التعامل معها لأن قوائمها المالية ستنشر كباقي شركات السوق بشكل فصلي وسنوي مما سيكشف جانباً من الحقائق الغائبة عن السوق ويسهم بذات الوقت بتطوير العمل المؤسسي بالسوق المالية مستقبلاً.
لاشك ان الهيئة ساهمت بشكل ملموس في تطوير السوق السعودي بعد ان كان النظام غائباً فيه ... نتمنى من الهيئة المزيد من القرارات التطويرية شكرا لك استاذ محمد