المملكة محور التوازن الاقتصادي العالمي

04/11/2009 0
محمد العنقري

وصف اللورد ديغبي جونز وهو وزير دولة بريطاني سابق للاستثمار والتجارة المملكة بأنها نقطة التوازن بالاقتصاد العالمي في تصريحه للشرق الأوسط على هامش الملتقى الثاني للمعرض السعودي للنفط والغاز الذي أُقيم بالظهران.. وبيّن اللورد جونز أن وجود قوتين اقتصاديتين في الشرق النامي والغرب المتقدم يطرح التساؤل عن عامل التوازن بين هاتين الضفتين للاقتصاد العالمي، واعتبر أن المملكة هي من يمثل هذا العامل بامتياز.

ويُعبّر هذا الوصف الدقيق لمكانة المملكة عالمياً عن بروزها كقوة مؤثرة بمجموعة العشرين التي أصبحت صمام الأمان للاقتصاد العالمي والمشرف على تطويره وتجاوزه لأصعب الأزمات التي عصفت به.. لكن هذا الدور الذي باتت المملكة تلعبه جاء بعد جهود مضنية بُذلت بالماضي والوقت الحالي من خلال المساهمة الكبيرة بخلق التوازن بسوق النفط العالمي كونه عصب الاقتصاد والدم الذي تتغذى عليه شرايينه وأي خلل به يعود بالضرر عليه وكون الشرق ينمو بمعدلات كبيرة تستهلك طاقة متزايدة بخلاف ما يحتاجه الغرب من طاقة أوجد تخوفاً بفترات سابقة حول مستقبل إمدادات النفط ولعب دوراً بتذبذب حاد للأسعار كانت المملكة تساهم بعودة الاستقرار للسوق دائماً من خلال سياسات نفطية متوازنة وتطمين للأسواق بقدرتها على دعم الطلب حتى تستقر الأسعار من خلال زيادة معدلات الإنتاج المدروسة بوقتها الصحيح.

إلا أنه تطرق بتصريحه إلى أدوار مهمة يمكن للمملكة أن تلعبها بالمستقبل خصوصاً أن قيادة الاقتصاد بدأت تتحول من الغرب للشرق مما يفرض واقعاً مهماً لدور المملكة من خلال تواصلها وعلاقاتها مع كلا الطرفين بدور قيادي أوسع خصوصاً باقتصاد المعرفة.. فمن المعروف أن الاقتصاد القديم كان يعتمد على الأرض ورأس المال والعمالة.. بينما اقتصاد المعرفة يعتمد على التكنولوجيا ورأس المال البشري المتقن للتكنولوجيا حيث يقدم أفكاراً وحلولاً تسهم في رفع وتيرة النمو بالاقتصاد العالمي.

ومن هنا يمكن فهم تركيز المملكة بالسنوات الأخيرة على تطوير التعليم والتركيز على المخرجات التكنولوجية وتغطية كافة مناطق المملكة بجامعات وكليات تهدف إلى رفع أعداد المتخصصين بالمجال التكنولوجي والمالي وأن النهضة التعليمية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- ما هي إلا استقراء واسع الأفق وإستراتيجية بعيدة النظر للتحولات العالمية اقتصاديا وللانتقال بالمملكة إلى عصر جديد تكون سباقة فيه وتدعم مكانته الحالية بالعالم لتكون أحد قادة الحركة فيه.

ويأتي إنشاء المدن الاقتصادية بكل ما تم توفيره لها من ظروف لتحقق المأمول منها وتوفر المناخ الصحي للاستثمار ورفع معدلات الطاقة الإنتاجية كمثال حي على ذلك مع إدخال صناعات جديدة للسوق السعودي مستفيدة من توفر عوامل الجغرافيا والمواد الخام والمال بالتوازي مع بناء الإنسان الذي وضع كركيزة في محور التطور والنهوض الحالي والقادم لمستقبل المملكة المشرق بإذن الله.

وحتى تكتمل الظروف المحفزة لذلك جاء إنشاء جامعة الملك عبدالله ليُشكِّل نقطة تحول بمستقبل البحث العلمي من خلال توفير إمكانيات كبيرة ليضعها بين مصاف أرقى الجامعات منذ اللحظة الأولى لافتتاحها وتختصر وقتاً طويلاً أمامنا لتحقيق التقدم العلمي من خلال توطين التكنولوجيا وتطويرها وكذلك القفز بالبحث العلمي ليكون سمة عامة تنطبع بها الجامعات السعودية وتوفر المجال ليكون لدينا اختراعات متقدمة بدلاً من الاعتماد المطلق على استيرادها من الخارج.

إن قراءة المستقبل مسألة جوهرية تبقى هدفاً مشروعاً للجميع لكن التحالف معه هو سر النجاح، وهذا ما قامت به المملكة تحت مظلة قيادة حكيمة تضع أقدام المملكة برسوخ قوي للانطلاق نحو الريادة العالمية.