صدر خلال الاسبوع بيانات اقتصاديه هامه من الاتحاد الاوروبى ودول آسيا وكذلك الولايات المتحده الامريكيه, ومن اهم البيانات الصادره خلال الاسبوع كان الناتج الاجمالى المحلى فى كل من كوريا الجنوبية والولايات المتحده الامريكية،حيث اسفرت عن نمو بنسب كانت على التوالى حسب الترتيب 2.9% مقابل 2.6% خلال الربع الثانى لكوريا الجنوبيه ،3.5% مقابل -0,7% خلال الربع الثانى للولايات المتحده.
وكانت الصين قد اعلنت فى وقت سابق عن نمو بمعدل 8.9% ،وعلى ما يبدو فان الارقام تشير الى نتائج ملموسه لحزم التحفيز ومليارات الدولارات التى ابتلعتها الاسواق شرقا وغربا. ولايمكننا القول بان النمو المحقق جاء نتيجه تفاعل الاسواق مع نفسها ،فالامر لم يكن كذلك على الاطلاق ،فالسوق لم يُترك لقوى العرض والطلب بل تم تحريك قوى الطلب الضعيفه تجاه البضائع التى عانت من البقاء طويلا داخل المخازن.
وكانت الولايات المتحده خير دليل على ذلك ،فلولا العرض الحكومى الخاص بشراء المنازل ،لما تحرك سوق العقارات بالكيفيه التى رأيناها وربما كانت قراءه مؤشر s&p/ case shiller لشهر آب –اغسطس- والتى صدرت خلال الاسبوع دليل على ذلك حيث ارتفعت الى 146.00 مقابل القراءه السابقه عند 144.23، وربما كانت مبيعات المنازل الجديده هى المفاجأه التى نكن نتوقعها خلال هذا الاسبوع ،والتى انخفضت على عكس المتوقع تماما الى 402 الف مقابل 429 كقراءه سابقه. وربما يكون تفسير الامر هو قرب انتهاء العرض الحكومى والخاص بتخفيض الضرائب بالنسبه لمشترى المنازل للمره الاولى ،حيث من المقرر انتهائه مع نهايه اكتوبر،وان كان هناك حديث مشروع قرار سيعرض على مجلس الشيوخ بمد العرض الى ابريل المقبل،لكن فى كل الاحوال استفاد هذا القطاع الحيوى من هذا التحفيز بلاشك،كما استفاد ايضا مصنعو السيارات من استبدال السيارات القديمه بأخرى جديده مع دفع فارق سعرى.
والسؤال الذى يطرح نفسه :ماذا سيكون الحال اذا توقفت خطط التحفيز؟؟ماذا بعد 787 مليار دولار التى تم ضخها دون بوادر حقيقيه لارتفاع معدلات التضخم؟؟ والتى دللت عليها الارقام الصادره عن تدنى معدلات الانفاق الشخصى لشهر سبتمبر ،والتى سجلت -0.5$ مقابل 1.3%،ونحن نعلم تماما ان الناتج المحلى الامريكى يعتمد بنسبه توزاى 70% منه على الانفاق الشخصى ،وها هى الارقام تخبرنا انه فى انخفاض نظرا لتركيز معظم الامريكين على تقليص حجم ديونهم وبالتالى يتلقص الانفاق الشخصى بشكل اجمالى. وبالتالى لم يكن مستغربا ان نجد انخفاض مؤشر تقه المستهلكين الى 47.7 من اصل 53.1 كقراءه سابقه.
نحن بالطبع لانغفل امر البطاله كفاعل هام ومؤثر فى هذا الصدد،والتى من شأنها التأثير سلبيا على الانفاق الشخصى وارتفاع اسعار المستهلكين. وربما كانت البيانات الوارده من قبل الاتحاد الاوروبى تسير فى نفس الاتجاه حيث ارتفعت معدلات البطاله من 9.6% الى 9.7% ،رغم انخفاضها –غير المتوقع- فى المانيا تحديدا والتى تعد اهم دول الاتحاد السته عشر،حيث تمثل ربع اقتصاد الاتحاد وحدها ،وكانت البيانات الصادره عن شهر اكتوبر والخاصه بمعدلات البطاله فى المانيا قد تراجعت الى 8.1% بعد ان كانت 8.2% وكانت التوقعات تشير الى ارتفاع عند 8.3%، وتعد معظم البيانات الصادره عن المانيا متفائله الى حد كبير وكذلك اوروبا بصفه عامه. حيث ارتفعت ثقه المستهلكين فى اوروبا الى 18- بعد ان كانت 19- وكذلك ارتفع مؤشر مناخ الاعمال من2.07- الى 1.78- حتى ان مؤشر GFK لثقه المستهلكين فى بريطانيا ارتفع ايضا . لكننا لاننسى ان الاقتصاد الاوروبى قد انكمش خلال الربع الثانى بمعدل0.2% مقابل انكماش بمعدل 2.5% فى الربع الاول والذى من المنتظر خروجه من حيز الانكماش لحاقا ببقيه الاقتصادات التى اعلنت عن نمو بعد خطط التحفيز الضخمه.
ونعود الى اسيا حيث كانت لافتا فى اليابان يضا انخفاض معدلات البطاله خلال شهر سبتمبر الى 5.3% من اصل 5.5%،فى حين بقى مؤشر اسعار المستهلكين ثابتا عند قيمته السابقه 2.2% دون تغيير ولذلك لم يكن مستغربا ان يُبقى المركزى اليابانى اسعار الفائده عند 0.10% دون تغيير ،تماما كما فعل المركزى النيوزيلندى والذى ابقاها عن 2.5%.
وخلال الاسبوع ايضا تلقينا نتائج اعمال الشركات سواءا كانت اسيويه ،اوروبيه او امريكيه ،ففى مجال النفط اعلنت كل من شل الهولنديه ،CONOCO PHILLIPS الامريكيه،اكسون موبل الامريكيه، شيفرون الامريكيه عن نتائج اعمال متراجعه بنسب كبيره وبالطبع تم التعويل على تراجع اسعار النفط فى تراجع ارباح الشركات،وهو امر منطقى الى حد كبير ،فطفره العام الماضى اصبحت ذكرى ولا سبيل لتكرارها –الان على الاقل-فى ظل الاسعار الحاليه للنفط،وربما رأينا تحسنا فى الربع الرابع مع تجاوز النفط لحواجز 70 ثم 75 واخيرا 80 دولار مؤخرا.
تابعنا ايضا نتائج فولكس فاجن السيئه والتى اثرت بشكل مسبق على اسعار سهمها الذى انخفض من 205 يورو الى ما دون 110 يورو فى شهرين ،لذا لم يكن مستغربا ان نرى ارباحها تتراجع بنسبه 86% اما ارباح كانون وبانسونيك اليابانيتين والتى تراجعت لكليهما وبشكل لافت فربما تعكس ازمه تعانيها الشركات اليابانيه نتيجه لضعف الطلب واعاده الهيكله التى بررت بها بانسونيك انخفاض ارباحها ،وكانت شركات السمسره فى الاتجاه المخالف تماما حيث تابعنا ارباح مجموعه نومورا اليابانيه والتى ارتفعت بشكل كبير بعد خساره صافيه فى العام الماضى.
وربما تعد نتائج شركه الكاتل الفرنسيه ولوفتهانزا الالمانيه من ابرز نتائج الاعمال بالنسبه للسوق الاوروبى حيث استمرت الاولى فى تحقيق مزيد من الخسائر بعد اندماج يعد فاشلا مع احدى شركات التكنولوجيا الامريكيه بينما استفادت الثانيه –لوفتهانزا-من انخفاض اسعار وقود طائراتها وحققت ارتفاعا فى الارباح بمعدل 23% ولقد اتت نهايه الاسبوع السيئه بالنسبه للاسواق على يد احد محللى كاليون وهو مايك مايو عندما شكك فى امكانيه ابقاء سيتى جروب على اصول بقيمه 10 مليار دولار خلال الفتره المقبله والتى ستعرض سيتى لمشاكل كبيره وبالتالى هبطت سيتى وهبطت الاسواق عند اقفالاتها ومعهم السلع .
وبغض النظر عن التقرير الخاص بسيتى جروب ، فان الاسواق كانت فى حاجه الى هذا التصحيح ،فالاخبار السيئه دائما تكون هذه هى اوقاتها رغم ان شارت سيتى جروب عبر عن ذلك مبكرا والذى سنتناوله تفصيلا ان شاء الله ،فى تحليل منفصل. لكن مشاكل القطاع المالى فى امريكا لاتنتهى ،وربما تكون العقبه الكؤد امام فريق اوباما حيث تم ايضا يوم الجمعه اغلاق تسعه بنوك مره واحده والتى تنتمى الى مجموعه واحده وتمتلك البنوك التسعه اصولا بقيمه 14.9 مليار دولار وودائع بقيمه 15.4 مليار دولار وتمتلك فروعا عددها 153 فرعا وبهذا يصل عدد البنوك التى تم اغلاقها منذ بدايه العام الى 115 بنكا.
لكننا فى كل الاحوال كنا فى انتظار هذا التصحيح السعرى للمؤشرات جميعها فى اوروبا او امريكا او حتى اسيا والذى نوهنا عنه كثيرا لذا فان الاخبار لم تأت بجديد سوى مزيد من الرتوش واعمال الفوضى وارهاب من بقى على رباطه جأشه خصوصا واننا فى نهايه الاسبوع والشهر معا. والايادى تكون على الزناد دائما, ونبقى فى تصحيح على المدى القصير ما لم نكسر دعومنا التى حددناها سلفا،لان فوضى الاخبار هذه سيكون لها رد فعل مستمر لبدايات الاسبوع القادم ،وربما تستمر الاسبوع كله خصوصا وان الدولار يتحين الفرص دائما ليتحرك بعنف فى الاتجاه المضاد ومن ثم يُربك حركه الاسواق كلها ،تماما كما تابعنا خلال هذا الاسبوع