تشهد السوق هذه الأيام نتائج الشركات ليس على المستوى المحلي فحسب بل على المستوى العالمي وهو أشبه ما يكون بموسم حصاد تضج السوق فيه بالمزارعين والتجار.
وما بين المحصول الجيد الذي يعزى لذكاء المزارع والمحصول الرديء الذي يعزى لسوء الأحوال الجوية يحصد التجار نتائج رهاناتهم! ويشتري التجار الأسهم ويبيعونها بناء على توقعات تلك الأرباح ويربح التجار أو يخسرون بناء على دقة تلك التوقعات.
وتأتي النتائج أحيانا مطابقة للتوقعات ومرات أخرى مخالفة لها. وتلعب الشركات المالية والمحللون ومنتديات الإنترنت دورا في تعزيز تلك التوقعات. وتفاجئ النتائج - بعض الأحيان - المحللين بطريقة أشبه ما تكون بالنهاية في روايات أجاثا كريستي!
وتنشر تقديرات الشركات المالية والمحللين لأرباح تلك الشركات في الصحف والمواقع العالمية كموقع «رويترز» وتناقش في المجالس ومنتديات الإنترنت وتصدق تلك التوقعات أو لا تصدق فلماذا لا تصدق.
صناعة التحليل المالي في المملكة هي صناعة حديثة جدا، وعمر الشركات المالية صغير جدا لا يتجاوز سنوات قليلة وتحتاج إلى سنوات طويلة لتكتمل بناها التحتية ولتحصل على الخبرة اللازمة. وعدد المحللين المعتمدين في السوق قليل جدا فضلا عن وجود أشخاص متخصصين في تحليل شركات معينة. حتى المحللين الأجانب الذين قضوا سنوات طويلة في بلدانهم يحتاجون إلى مدة كافية من الزمن ليتأقلموا مع السوق ويعرفوا مصادر الأخبار ومدى دقتها.
البيانات والإحصاءات العامة التي تنشر ضعيفة ولا توجد تحديثات دورية بشكل كاف. ولذلك يعتمد كثير من المحللين على تقديرات غير دقيقة في احتساب نمو السوق أو الصناعة.
ضعف الشفافية لدى كثير من الشركات المساهمة ففي سيناريو يتكرر كثيرا في السوق يفاجأ المحللون بنتائج بعيدة تماما عن التوقعات السائدة. ويقوم المحللون بإلقاء اللوم على إدارات تلك الشركات ويتهمونها بقلة الشفافية وإخفائها معلومات جوهرية تؤثر في أداء الشركات وهو مخالف للنظام. وتتهم إدارات تلك الشركات المحللين بأن توقعاتهم لم تبن على أسس سليمة والسبب أن تلك الأسس محفوظة لدى إدارات تلك الشركات ولم تعلن للعموم وهو تأكيد للمخالفة المذكورة.
أسوأ من ذلك أن يقوم بعض المسئولين بتصريحات تتناقض والنتائج المعلنة كأن يقوم بالتصريح بتحسن الأرباح أو زيادة المبيعات وتأتي النتائج مخالفة لتصريحاته.
لا يمكن إلغاء احتمال وجود سوء نية في بعض التوقعات التي تصدر لغرض تصريف أسهم معينة أو حتى لغرض شراء أسهم معينة ونرجو أن يكون هذا الاحتمال محدودا جدا أو حتى معدوما. ختاما أرباح الشركة للفصل الواحد لا يمكن أن تمثل أداء الشركة ولذا فإن أفضل الاستثمارات هي مع المزارع الذكي الذي تأثر مؤقتا بسوء الأحوال الجوية!