اتابع بصورة كبيرة التقارير التى تصدر عن البنوك والشركات المالية والاستشارية عن الاقتصاد السعودى .ولكنى الاحظ ان الصورة المرسومة من معظم هذه التقارير تشير الى نتائج سلبية عن توقعات وافاق الاقتصاد السعودى خلال العام الحالى . وان بوادر الانكماش قد تسيطر على الاقتصاد السعودى وفى بعض التقارير الاخرى فان عملية الانتعاش من اثار الازمة المالية العالمية قد لا تتحقق بصورة كبيرة , وفى المقابل هناك تقارير تفيد بحدوث ذلك الانتعاش و ترسيخه خلال الوقت المتبقى من العام الحالى وبدايات العام القادم .
فقدتوقعت تقارير أن ينجح الاقتصاد السعودى في ترسيخ عملية الانتعاش من آثار الأزمة المالية الاقتصادية العالمية التي انطلقت في الربع الثالث من العام الماضي 2008، مستندا إلى الإنفاق الحكومي الذي يعد بحسب هذه التقارير المحرك الرئيسي للنشاط في الاقتصاد ، إذ إن المصروفات تفوق حاليا المستوى المقرر في الميزانية، بل سترتفع أكثر على الأرجح عند الشروع في تنفيذ المشاريع التي تم توقيعها أخيرا أو أعيد طرحها في مناقصات جديدة.
وذكر التقرير الذى أعدته دائرة الاقتصاد والبحوث في شركة "جدوى للاستثمار" أن يرسخ الانتعاش أقدامه في الاقتصاد السعودي خلال الربع الأخير من العام، وذلك بافتراض استمرار التحسن في الأوضاع الخارجية، مع استبعاد ظهور أي مشاكل مالية كبيرة وسط الشركات العائلية.
وأبان التقرير أن الصورة النهائية تشير إلى أن الاقتصاد السعودي يشهد تباطؤا، حيث تكشف جميع المؤشرات بصورة فعلية أن القطاع الخاص كان أضعف مما كان عليه قبل عام خلال النصف الأول من هذا العام، مبينا أن النقطة المضيئة تبقى في مساهمة الحكومة، حيث فاق الإنفاق الحكومي المستوى المتوقع وأدى إلى تعزيز أعمال بعض مقاولي القطاع الخاص بصورة كبيرة.
وأوضح التقرير أن شركات القطاع الخاص التي لم تكن لها عقود حكومية تأثرت نتيجة لصعوبة الحصول على التمويل، كما واجهت شركات التصنيع التي تنتج سلعها بهدف التصدير أوقاتا صعبة، وكذلك عانت القطاعات التي تبيع للمستهلكين مثل قطاع التجزئة.
وجاء في التقرير المذكور لا تحمل البيانات الحديثة أي دلائل واضحة تشير إلى حدوث انتعاش، وذلك على الرغم من توافر الشروط الأساسية لتحقيق انتعاش في الاقتصاد، وأهمها التحسن في أداء الاقتصاد العالمي، وزيادة أسعار النفط بأكثر من الضعف مقارنة بأدنى مستوياتها التي سجلتها أخيرا.
ويعتقد التقرير أن عدم تحقق الانتعاش نتج عن المخاوف بشأن سلامة الأوضاع المالية للشركات العائلية، حيث نالت المشاكل من إحدى الشركات العائلية المعروفة ورجل أعمال تربطه صلة بتلك الشركة، في حين يبدو أن هناك عددا من الشركات العائلية الأخرى تتعرض لضغوط مالية، مضيفا أنه نتيجة للمخاوف بشأن أوضاع تلك الشركات العائلية وانكشافها أمام الدائنين أصبحت البنوك أكثر حذرا في تقديم القروض للقطاع الخاص بأكمله.
واننى ارى أن الإنفاق الحكومي على المشاريع ارتفع بشدة حتى المرحلة الحالية من العام، ولعله كان حجم الانخفاض في صافي الأصول الأجنبية للمملكة يشير إلى أن الإنفاق الفعلي تجاوز مستواه المقرر في الميزانية، كما يبدو أن زيادة الإنفاق الرأسمالي هي المصدر المرجح للمزيد من الإنفاق.
و جدير بالذكر أن توقف العمل في الكثير من المشاريع في أماكن أخرى من المنطقة أتاح توافر التقنيات اللازمة والخبرات الضرورية، كما ان الحكومة ملتزمة بطريقة واضحة وصريحة بالمضي قدما في برنامجها للإنفاق الرأسمالي. وهذا ما صرح به وزير المالية مؤخرا .
وفي سياق متصل، توقع تقرير جدوى للاستثمار أن تبلغ إيرادات الدولة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام حسب التقديرات 88 مليار دولار، بناء على إيرادات نفطية بمبلغ 74 مليار دولار، وإيرادات غير نفطية بمبلغ 14 مليار دولار.
و ولكن التقرير افترض أن الإنفاق الحكومي ينقسم بالتساوي على شهور السنة، وأنه فاق مستواه حسب تقديرات الميزانية بنسبة 19 % (المتوسط التاريخي)، فذلك يعني أن الإنفاق خلال الشهور السبعة من العام بلغ كذلك 88 مليار دولار، ويتوقع أن يرتفع الإنفاق الحكومي خلال ما تبقى من العام، مضيفا تنبؤاته بحدوث ارتفاع في الإيرادات بفضل ارتفاع أسعار النفط في عام 2009، ووقوع عجز في الميزانية قدره 7 مليارات ريال، وهو عجز يمكن تغطيته بسهولة من خلال السحب من موجودات الحكومة الأجنبية أو من ودائعها لدى البنوك المحلية.
وأشار التقرير إلى عدم وجود ضغوط على سياسة ربط الريال بالدولار هذا العام، إذ إنه منذ بداية الركود العالمي فقدت بعض الحجج الرئيسية الداعية لإلغاء الربط، كانعدام التزامن بين الدورات الاقتصادية بين المملكة والولايات المتحدة وعدم ملاءمة سياسة أسعار الفائدة ودور ضعف العملة في التضخم، قوتها على الأقل في المدى القصير.
وهناك تقارير اقتصادية توقعت حدوث انكماش فى الاقتصاد السعودي خلال العام الجاري بنحو 1.5% بعد احتساب التضخم وذلك مقابل معدل نمو 4.4% عام 2008 وبمتوسط 5% خلال الأعوام الخمسة السابقة.
وأشار تقرير "بنك الكويت الوطني" إلى أن العام الحالي ما زال يحمل العديد من التحديات للاقتصاد السعودي في ظل تأثر قطاعه النفطي بتداعيات الأزمة الراهنة فضلا عن التدهور الذي يشهده الاقتصادي العالمي.
وأكد الكويت الوطني في تقريره أن الاقتصاد السعودي كان معرضا للمزيد من التراجع لو لم تتخذ الحكومة خطط تحفيزية للاقتصاد الوطني متوقعاً أن يستأنف الاقتصاد السعودي مسيرة نموه خلال عام 2010، ولكن بوتيرة أبطأ، في ضوء دلالات مشجعة على التعافي التدريجي للاقتصاد العالمي وأسواق النفط.
وتوقع ان يسجل الاقتصاد السعودي نمواً للسنة المقبلة بواقع 3 % بالأسعار الثابتة و10 % بالأسعار الجارية.
وعلى رغم النجاحات المحققة على صعيد تنويع مصادر الدخل، أشار التقرير إلى ان الاقتصاد السعودي لا يزال يعتمد في شكل كبير على قطاع النفط، مما يُبقي الاقتصاد عرضة لتقلبات أسعار هذه السلعة.
وذكّر بأن طفرة النفط الأخيرة التي دامت نحو ست سنوات، شهدت ارتفاع متوسط السعر السنوي لبرميل الخام السعودي بأكثر من ثلاثة أضعاف بين عامي 2002 و2008وهو ما رفع الناتج المحلي بالأسعار الجارية عام 2008 إلى 2.5 ضعف ما كان عام 2002 بحسب التقرير.
كما أكد تقرير اقتصادى اخر أن الانتعاش الاقتصادي في البلاد أصيب بارتباك نتيجة المشاكل التي واجهت مجموعتي "سعد" و"والقصيبي",وهما من كبري الشركات العائلية في منطقة الخليج.
واعتبر البعض ان من اهم أسباب مشاكل المجموعتين استخدام قروض قصيرة الأجل لتمويل أصولها طويلة الأجل, وتكبد خسائر استثمارية, فضلاً عن تراكم مخزونات كبيرة من مواد خام انهارت أسعارها فيما بعد.
وأوضح التقرير أن المجموعتين, عانتا مثل باقي الشركات في العالم التي اعتمدت بشدة على الاقتراض القصير الأجل من نضوب الائتمان المصرفي بسبب الأزمة العالمية, كذلك عانتا من خسائر الاستثمارات وخاصة في قطاع العقارات وقطاع الخدمات المالية وهما أكثر القطاعات تأثراً بالأزمة المالية, إضافة إلى ذلك تكبدت كثير من الشركات خسائر ضخمة نتيجة لتآكل قيمة موجوداتها من المواد الخام، حيث قامت بتخزين بعض المواد الخام خلال النصف الأول من العام الماضي مع التوقعات باستمرار الطفرة الاقتصادية، لكن قيمة تلك المواد انهارت نتيجة هبوط أسعار السلع أثر تعمق الأزمة العالمية.
والواقع أن بداية مشاكل المجموعتين انطلقت عندما أخفق بنك تمتلكه مجموعة "القصيبي" في البحرين في تسديد ديونه في مايو الماضي وسط دلائل بأن المجموعة كانت تقوم بإعادة هيكلة ديونها، وبعد وقت قصير أعلنت مجموعة "سعد" كذلك أنها تعيد هيكلة ديونها بسبب مشاكل في السيولة. ولكن كان تاثير القضايا المتبادلة بين المجموعتين سلبيا للغاية ليس فقط على المجموعتين بل على كثير من الشركات العائلية والاقتصاد باكمله .
والاكيد أنه بجوار الأسباب السابقة المباشرة, والتي عانت منها أغلب الشركات في العالم, فمن المحتمل أن تكون آليات العمل داخل المجموعتين قد ساعدت على تفاقم المشاكل. حيث بدأت كل من المجموعتين عملها معتمدة على نشاط تجاري واحد, حيث كانت مجموعة سعد تمارس المقاولات بينما مارست مجموعة القصيبي التجارة، ولكن بمرور الزمن توسعت أنشطة الشركتين وأصبحت كل منهما مجموعة شركات ذات أنشطة متعددة. وقد كان لهذه الاحداث تداعيات على القطاع المصرفى، فقد أصبحت البنوك أكثر حذراً إزاء تقديم القروض لكل الشركات العائلية, والتي تمثل نسبة كبيرة من القطاع الخاص، مما جعل الشركات الأخرى في القطاع الخاص تواجه مزيدا من الصعوبات في الحصول على التمويل.
ورغم عدم إعلان أي من البنوك المحلية انكشافها أمام قروض مجموعتي سعد والقصيبي، إلا أنه يُعتقد أن تلك القروض تناهز ملايين الدولارات, حيث يُعتقد أن المجموعتين مدينة لقرابة 120 بنكاً حول العالم بمبلغ يقارب 9.2 مليار دولار وان كان لا احد يعرف على وجه الدقه حجم هذه القروض. حيث تتضارب التوقعات فى هذا الصدد.
وان كانت البنوك المحلية مكشوفة بصورة كبيرة أمام الشركات العائلية, فقد أوضحت نتائج الربع الثاني أن البنك الأهلي التجاري وبنك الراجحي والبنك السعودي البريطاني والبنك السعودي الأمريكي والبنك السعودي الفرنسي والبنك السعودي الهولندي قد رفعت من مخصصاتها للديون الهالكة.
ويرجح أن تحذو البنوك الأخرى حذو نظيراتها في الربع الثالث، كما يتوقع الاستمرار في زيادة مخصصات الديون الهالكة التي تم تجنيبها خلال الربع الثاني.حيث أدى القلق بشأن سلامة موقف البنوك إلى تخلف أدائها بمقدار 12 نقطة مئوية عن مؤشر "تاسي" منذ انتشار الأخبار عن وجود تلك المشاكل في منتصف مايو.
وبرغم كل تلك التداعيات إلا أن التقرير يعتقد– وانا معه - ان مشاكل الشركات العائلية لا تمثل خطراً جدياً على قطاع البنوك نتيجة لسلامة وقوة معطياتها الأساسية، حيث لم تتعد القروض المتعثرة نسبة 1.3 % من إجمالي القروض في نهاية 2008 كما أن مخصصات الديون كانت كافية لتغطية أكثر من 153 في المائة من تلك القروض.
ومن المتوقع أن يتم تحسين إجراءات الإقراض في البنوك التجارية، ولجوء البنوك إلي مزيد من التقصي قبل الإقراض من الآن فصاعداً وأن تتشدد في تقديم ضمانات إضافية ملموسة مع مطالبة العميل بإبداء قدر أكبر من الشفافية والافصاح .
وانا اعتقد انه لولا مشاكل الشركات العائلية التى ظهرت خلال عام 2009 لكان توقعات الاقتصاد السعودى افضل بكثير حيث ادى ظهور هذه المشاكل وتأثيرها فى القروض البنكية إلى إعاقة الانتعاش الاقتصادي الذي بدا أنه قد حصل على موطئ قدم في أعقاب الارتفاع في أسعار النفط والاسهم فى الربع الثانى من العام , ولكن نظرا لقوة الاقتصاد السعودى والسياسات المالية المتحفظة التى تنتهجها المملكة فاتوقع الا تتجاوز بوادر الانكماش العام الحالى , وان نسب الانكماش لن تتجاوز نصف بالمائة . وان تعاود بوادر الانتعاش مع بدايات العام القادم .
بل قد اكون متفائلا و اتسال هل ستقود المملكة قاطرة التعافى الاقتصادى بالمنطقة؟!!
سؤال ستجيب عليه الايام القادمة ... وانى ارجو ذلك .. وتفاألوا بالخير تجدوه !!!