أكدت القمة الثانية لمجموعة العشرين المنعقدة في شهر نيسان (أبريل) الماضي الامتناع عن وضع حواجز جديدة أمام الاستثمار والتجارة العالمية، حيث إن هذا التأكيد أتى بعد صدور تقرير للبنك الدولي أوضح فيه أن نحو 17 دولة من الدول الأعضاء في المجموعة (فيما عدا ثلاث دول هي المملكة وجنوب إفريقيا واليابان) تبنت سياسات حمائية سواء للتجارة أو التمويل أو غيره اعتبارا من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2008م نتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية.
في السياق نفسه، نجد أن تصريحات معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف أكدت (وفي أكثر من مناسبة) أهمية ألا تكون هناك سياسات حمائية من قبل دول مجموعة العشرين وضرورة دعم التجارة الدولية للتقليل من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية (وهو موقف ثابت وواضح للمملكة)، كما أكدت تصريحاته دعوة جميع الدول، خاصة المتقدمة منها، إلى السعي للوصول إلى نهاية سريعة وناجحة لجولة الدوحة المتعلقة باستكمال تحرير التجارة العالمية.
الغريب في الموضوع أن القمة الثالثة لمجموعة العشرين، التي اختتمت أعمالها في الولايات المتحدة أخيراً لم تتطرق إلى هذا الموضوع الحساس لا من قريب ولا من بعيد، على الرغم من أن الواقع الحالي يشير مع الأسف الشديد إلى تفاقم في تطبيق «الحمائية التجارية» من قبل بعض الدول المتقدمة التي أصبحت أولوياتها تركز على معالجة أوضاع اقتصاداتها الداخلية دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى، مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار بالاقتصاد العالمي والإضرار أيضاً بمنظمة التجارة العالمية.
فعلى سبيل المثال، قامت الولايات المتحدة بفرض رسوم حمائية على وارداتها من الحديد والصلب الصيني ثم ألحقتها برسوم حمائية على وارداتها من إطارات السيارات الصينية. ومن جانب آخر قامت الصين بفرض رسوم حمائية على وارداتها من الميثانول السعودي وقامت الهند بفرض رسوم حمائية على وارداتها من البولي بروبلين السعودي، وهكذا دواليك لأنه يبدو أن المصالح الشخصية لا تزال أهم من الالتزام بالاتفاقيات الدولية!!!
وتبقى التساؤلات مطروحة: متى ستتوقف الدول عن فرض الرسوم الحمائية؟؟ وطالما المؤشرات الاقتصادية تشير إلى تحسن (كما يقولون)، فلماذا يتم وضع المعوقات الجمركية إذن؟؟ والأهم كيف سيكون مستقبل التجارة العالمية إذا استمرت الدول في فرض هذه الرسوم مستقبلاً؟؟ وهل نستطيع القول إن هذه هي بداية النهاية لمنظمة التجارة العالمية؟؟