التسوية الشفافة!!

30/09/2009 1
محمد العنقري

بهدوء وبعيداً عن الضوضاء والأضواء أتمت مجموعة السعد تسوية لمديونيتها مع سبعة من البنوك السعودية بقيادة البنك العربي الوطني ويعتبر هذا الخبر بكل المقاييس جيدا وهو ما دفع بأسعار أسهم البنوك للارتفاع بشكل حاد كسب معها مؤشر القطاع المصرفي أكثر من 2300 نقطة خلال فترة قياسية لم تتعدَ 10 جلسات بدأت مع آخر أسبوع للتداول قبل إجازة عيد الفطر المبارك.

بينما حققت غالبية البنوك ارتفاعات تراوحت بين 10 بالمائة إلى قرابة 35بالمائة حسب علاقة كل منها بقضية الديون المتعثرة ولكن لم يدلي أي طرف بتصريح يوضح حقيقة التسوية وكيف تمت ولا حجمها فعندما نعود لتقارير سابقة صدرت عن مؤسسات مالية عالمية أشارت إلى أن حجم القروض تصل إلى 5 مليارات دولار ولم يتم الرد عليها في حينها بينما آثرت مؤسسة النقد والبنوك الصمت في حينها حول حقيقة المديونية إلى أن أقر بذلك محافظ مؤسسة النقد بمؤتمر صحفي بنهاية شهر رمضان دون إعطاء أي معلومات حول حجمها ووضعها سوى الإشارة إلى إمكانية تراجع أرباح البنوك لهذا العام.

وقبل كل شيء فإن مبدأ الشفافية والإفصاح يحتم من الأساس أن تعلن البنوك عن حقيقة الديون المتعثرة لديها إجمالا فكيف يكون الحال في مثل قضية مجموعتي السعد والقصيبي فالبنوك الخليجية والعالمية كلها أوضحت حجم التعرض بالتفصيل عكس ما حدث عندنا

ومن المعروف أنه عندما أرادت البنوك ومجموعة السعد تسوية القضية كان يفترض الإعلان من قبل مجموعة السعد عن تعيينها للبنك العربي كمدير لعملية التسوية ويفترض أن يعلن عن تطورات خطوات التسوية أولا بأول حتى الاجتماع الحاسم الذي تم فيه الاتفاق على جوانب حل القضية من المفروض أن يعلن عنه هذا ما يحدث بكل الأسواق العالمية وما يحتمه مبدأ الإفصاح والشفافية الذي تسعى لترسيخه هيئة سوق المال.

ومن الواضح أن ما يجب بحثه الآن خصوصا من قبل هيئة سوق المال هل خالفت البنوك مبادئ التعامل مع السوق وأنها أخفت معلومات جوهرية عن المستثمرين لأن الكثير منهم اضطر للبيع سابقا خوفا من تأثيرات سلبية لا يستطيع قياس حجمها على استثماره وبالتالي خسر مراكزه بالقطاع المصرفي ولو أراد العودة لها فسيضطر للشراء بأسعار أعلى مما يقلل حجم العائد لما رصده سابقا من أموال للاستثمار خصوصا أن البعض يلجأ للاقتراض والتمويل وتصبح كلها خسائر متراكمة تعيق حركته وطريقة تعامله وقد تجعله يحجم عن العودة للسوق مجددا كونه يسير في نفق مظلم.

وقد تقودنا المسألة إلى أحجام من هم خارج السوق للاستثمار به كونه يرى صعوبة الحصول على معلومات تيسر له سهولة القرار للتعامل مع السوق وتتعدى المسألة ذلك للحديث عن سرعة الارتفاعات التي حصلت وهل هناك من كان يعلم بذلك الاتفاق لأن شرارتها سبقت الإعلان عن التسوية التي ظهرت أخبارها بعد إجازة العيد وقبل التداول بوقت لم يسمح للبعض الشراء ففتحت الأسعار على ارتفاع بعضها وصل للنسبة القصوى واليوم بعد انتهاء أسبوع كامل لتداولات إيجابية على أسهم البنوك لم يصدر أي تصريح أو بيان يشير إلى سبب الارتفاعات بالقطاع المصرفي كما جرت العادة فسؤال الهيئة الآن عن سبب الارتفاع أصبح مهما وإذا اتضحت الأسباب المخفية فمن سيتحمل المسؤولية عن غياب المعلومات التي أضرت الكثيرين واستفاد منها القلة العارفة بحقيقة التسوية.

مع الانتباه إلى كم التقارير التي صدرت من مؤسسات مالية تغطي السوق السعودي مع بداية الأسبوع الحالي تعطي إشارات ايجابية عن القطاع المصرفي وبعضها أعطى أسعارا جديدة مرتفعة عن السابق للقيم العادلة لأسهم القطاع خصوصا المستفيدة من التسوية فكيف تصل المعلومات إلى تلك المؤسسات وتغيب عن السوق والمتعاملين به.

أن ما حدث في تسوية قضية السعد مع بعض البنوك يعيدنا إلى المربع الأول عن مستوى وصول المعلومات إلى الجميع بوقت واحد ويظهر إلى السطح حقيقة علاقة إدارات الشركات المدرجة بالسوق مع المستثمرين والمتعاملين وما الذي يجب اتخاذه حيال هذه العلاقة السلبية الصورة بتهميش إعطاء المعلومات بوقتها والتواصل بين الطرفين بشكل إيجابي يخدم تدفق الأموال للاستثمار بالسوق وتحسين مستوى كفاءته فإخفاء المعلومات سابقا لم يمنع هبوط أسعار البنوك وحتى السوق ككل فهل التعتيم الحالي سيدفع بعودة المستثمرين أم بإبعادهم نهائياً.