خبر الاستقالات بالشركات المساهمة كالصندوق الأسود

29/08/2012 2
محمد العنقري

إعلان الشركات المساهمة المدرجة بالسوق المالي السعودي عن استقالة أحد مسؤوليها أيا كان موقعه سواء كان بمنصب تنفيذي أو عضواً بمجلس الإدارة يعد مؤشراً على أوضاع الشركة في أغلب الأحيان

ولم نعتد من الشركات إيضاح أسباب الاستقالة إلا في حالات محدودة كتعيين المستقيل بمنصب يتعارض مع بقائه في مكانه الذي تركه أو عند انتهاء فترة عقده أو إذا أرادت جهة مستثمرة بالشركة استبدال ممثلها بآخر وفي كل الأحوال فإن ما يجب أن يضاف لإعلان الاستقالة أسبابها الصريحة فماعدا الحالات التي ذكرتها فإن بقية الاستقالات لا يتم أي إيضاح لأسبابها.

فلو دققنا بحجم الاستقالات بآخر ثلاث سنوات سنجد أنها بأرقام تجاوزات المئات خصوصاً في قطاع التأمين ومؤخراً بشركات قطاع الاتصالات فمثل هذه الاستقالات المفاجئة تربك المتعاملين وتتركهم في حيرة حول أوضاع الشركة أو الأثر المستقبلي عليها وإذا عرف السبب سيبطل العجب كما يقال.

فكثير من المسؤولين خصوصاً التنفيذيين لا يتركون مواقعهم بسهولة أو لأسباب روتينية إجرائية إذ تترك استقالاتهم انطباعاً بمشكلة كبيرة أو خلافات عميقة بإدارة الشركة ووضعها ولابد أن يعلم المساهم والسوق عامة بكل المعلومات التي أدت لأن يترك المسؤول موقعه حتى لا يفاجأ المستثمر بتطورات سلبية تؤثر على الشركة ومستقبلها.

فمن المعروف أن جزءاً من القرار الاستثماري مرتبط بالإدارة وتقييمها ولذلك فإن تزايد ترك مسؤولي الشركات لمواقعهم يعني بالضرورة أن هذه الشركات تعاني وأن مشاكلها ليست اعتيادية وأن المسؤول ترك موقعه لصعوبة الحل وفق صلاحياته وأنه لا يستطيع تقديم أي عمل ينقذ أو يطور الشركة.. وإذا ما أعلن الطرفان أي الشركة والمسؤول المستقيل أسباب الاستقالة فإن المستثمر والسوق يصبح قادراً على تقييم استثماره ويحدد قراره بسهولة حيال الاستثمار بالشركة من عدمه كما يتيح للمستثمرين التدخل عبر الجمعيات العامة لتصحيح أوضاع الشركة إذا كانت تعاني من خلل عام يؤثر على بقائها وكذلك يمكن لهم أن يعرفوا إذا كان الخلل بالمسؤول المستقيل فيصار إلى طلب رفع معايير اختيارهم إذا كان يشوبها أي قصور

فعندما تعلن شركة أنها تعيد النظر بهيكلها التنظيمي ولذلك قبلت استقالات مسؤولين فيها فلابد أن توضح الشركة لماذا تم القيام بهذه الهيكلة وماذا ستضيف للشركة مستقبلاً وهل كانت الإدارة مخطئة بطريقة إدارتها أو إذا كانت إدارة جديدة فهل هذا يدل على خلل كبير وأخطاء ارتكبتها الإدارة السابقة فهنا لابد من معرفة الضرر الذي تسببت به لكي يتمكن المساهم من تحديد موقفه القانوني إذا كان الضرر جسيماً ومقصوداً فبإمكانه مقاضاة المتسببين به.

إن شفافية السوق قضية واسعة تدخل في كل تفاصيل الشركة المساهمة العامة ولابد من أن تكون الشفافية والإفصاح كاملة وأهم جوانبها الاستقالات لأنها كما ذكرت مؤشر لابد من معرفة كل الأسباب التي أدت لها حتى يصبح السوق إجمالاً واضحاً ولايستند على تكهنات أو احتمالات وتفسيرات قد تكون بعيدة كل البعد عن الواقع ونأمل من هيئة السوق المالية أن تلزم الشركات بشفافية مطلقة بمثل هذه الجوانب المهمة للمساهم والمساعدة على كشف واقع الشركات لكي لا يكون العمل الإداري بها كالصندوق الأسود.