ماذا حدث في اكتتاب «زين السعودية»؟

08/08/2012 19
محمد العمران

بعد انتهاء عملية الاكتتاب في أسهم حقوق الأولوية لشركة زين السعودية، تبين لنا الآن أن نسبة تغطية الاكتتاب (قبل احتساب المساهمة في أسهم الزيادة) بلغت 71 في المائة فقط من العدد الإجمالي للأسهم المطروحة، وبالتالي كان من الطبيعي أن يتم تلبية من ساهم في أسهم الزيادة وفق الأولوية المعلنة مسبقاً للأسعار، إلا أن اللافت هو مساهمة أحد المؤسّسين (شركة زين الكويتية) في أسهم الزيادة دون غيره من بقية المؤسّسين بقيمة كبيرة بلغت 1.3 مليار ريال أوصلت نسبة التغطية النهائية للاكتتاب أعلى قليلاً من 100 في المائة ويا لها من مصادفة!

فبحسب نشرة الإصدار، فإن شركة زين الكويتية كان من المفترض أن تساهم برسملة جزء من القرض المقدم منها فقط، وعندما تمت تغطية نسبة 71 في المائة من الاكتتاب (قبل أسهم الزيادة) كان من حقها ومن حق كل مساهم أن يساهم بأسهم الزيادة، ونتيجة لذلك ساهمت شركة زين الكويتية نقداً بقيمة 1.3 مليار ريال رفعت نسبة ملكيتها في ''زين السعودية'' من 25 في المائة إلى 37 في المائة. لكن المهم هنا: لماذا هي فقط من ساهم نقداً بمبلغ كبير جداً دون بقية المؤسسين؟ ولماذا ساهمت نقداً بقيمة 1.3 مليار ريال تماماً؟ (لماذا لم يكن أقل من ذلك المبلغ أو أكثر)؟ ولماذا بالسعر الأدنى من الأسعار المعلنة لأسهم الزيادة؟ (لماذا لم يكن بالسعر الثاني أو بالسعر الثالث مثلاً)؟

للإجابة عن هذه التساؤلات المهمة، هناك احتمالان: إما أنه لم يكن هناك متعهد تغطية بالمعنى المتعارف عليه في لغة أسواق المال، وبناءً على ذلك يبدو أن متعهدي التغطية أخذوا تعهداً مسبقاً من شركة زين الكويتية بالتغطية قبل تعهدهم هم بالتغطية، وإما أن معلومة داخلية عن تفاصيل الاكتتاب تسرّبت لشركة زين الكويتية (دون غيرها من المؤسّسين أو حتى المساهمين) قبل إغلاق الاكتتاب بساعات وربما بعده. في كلتا الحالتين نحن أمام مخالفات نظامية، ففي الحالة الأولى لم تتطرق نشرة الإصدار البتة لمثل هذه المعلومة الجوهرية (في حال حدوثها فعلاً)، وفي الحالة الثانية فنحن أمام حالة تسريب معلومة داخلية وهي مخالفة صريحة في حد ذاتها!

في الختام، أود القول: إن هذين الاحتمالين ربما تكررا في اكتتابات سابقة لشركات أخرى، وقد يتكرر أيضاً مستقبلاً، وبالتالي يحق لنا أن نضع أكثر من علامة استفهام عن مصداقية ''التعهد بالتغطية'' كآلية تضمن التوازن في الاكتتابات (تحديد القيمة العادلة من طرف والتعهد بالشراء من طرف آخر) سواء أكانت لأسهم حقوق أولوية أم لطرح عام، ولا أبالغ في القول: إنني أصبحت أؤمن إيماناً تاماً بأننا لن نشهد مستقبلاً أي تطبيق عملي للتعهد بالتغطية على الإطلاق، وهذا مؤشر خطير سيكون له تبعات سلبية على السوق المالية السعودية في المدى الطويل والله أعلم.