مصيدة السيولة

31/07/2012 3
نايف بغلف

مازالت البنوك المركزية حول العالم تقوم بإنعاش النظام المالي بضخ المزيد من السيولة في النظام المالي وخاصة في البنوك والمؤسسات المالية وربما يكون اللقاء القادم للاحتياطي الفدرالي مبشراً بمزيد من إجراءات التسهيل الكمي او التيسير الكمي الثالث , وشراء المزيد من الاصول (سندات الخزينة الامريكية طويلة الأجل وأصول مالية اخرى) والمزيد من الضغط على اسعار الفائدة القريبة من الصفر حاليا ونفس الشيء ينسحب على بنك انجلترا والبنك المركزي الاوروبي . بالطبع المزيد من الاموال يعني زيادة العرض الكلي للنقود والذي بدورة يولد التضخم في الاقتصاد , لكن ذلك التضخم محبب للاحتياطي الفدرالي (وان كان هدف التضخم لدى الاحتياطي الفدرالي مابين 2% الى 1.5%) وله دور في تحفيز الاقتصاد في تجاوز مصيدة السيولة , لكن ماهي مصيدة السيولة ؟

مصيدة السيولة هي الحالة التي يفشل معها ضخ المزيد من السيولة في النظام البنكي من تحفيز الاقتصاد والدفع بالنمو الاقتصادي لأن تلك العملية إنما المقصود منها هو المزيد من خفض اسعار الفائدة والتي تقترب من الفائدة الصفرية حالياً . بالطبع الذي يحدث هو انة عند اقتراب الفائدة من الصفر فان الكثير من الأفراد يدخر أمواله لعدم وضوح الرؤية المستقبلية لدية وتفضيله للسيولة على الاستثمار في السندات مثلاً او اي ادوات استثمارية اخرى ذات عائد منخفض لانهم يخشون من ان ترتفع اسعار الفائدة على المدى الطويل وبذلك تنخفض اسعار تلك السندات عند تغير سعر الفائدة للأعلى وكذلك الأمر في قطاع الاعمال وذلك بخفض الإنفاق الإستثماري (الإنفاق في وسائل الأنتاج) وذلك لتوقع قطاع الأعمال ان يكون الطلب منخفضاً وبذلك تزيد نسبة الادخار في البنوك ويقل الاقتراض وتتراكم السيولة في البنوك ومن هنا تتكون مصيدة السيولة- وذلك حسب الاقتصاد الكنزي .

اذا ماهي الحلول المساعدة على تخطي تلك المصيدة ؟

ارتفاع التضخم هو احد الحلول للخروج من تلك المصيدة فبارتفاع التضخم تصبح اسعار الفائدة الحقيقة سالبة مما يحفز العائلات وقطاع الاعمال بالتوقف عن ادخار الاموال ومحاولة استثمارها(الأنفاق في وسائل الإنتاج) وذلك لمنع تآكلها نتيجة ارتفاع التضخم ومن الجهة الاخرى يحفز الاقتراض وذلك لأن المقترضين يستفيدون من اسعار الفائدة المنخفضة جدا وأيضا يستفيدون من ارتفاع التضخم وذلك بانخفاض القيمة الحقيقة للقرض وبذلك يعود الانفاق وتعود الحركة الاقتصادية وتكوين الوظائف في الاقتصاد.

احد الحلول الاخرى هو السياسة المالية التوسعية والتي تقتضي زيادة الإنفاقات الحكوميه وذلك لتحفيز الطلب الكلي (على الطريقة الكنزية) مما يحفز العرض الكلي في المقابل ويدفع بالنمو مرة اخرى ويكون الوظائف ويزيد نسبة النمو في اجمالي الناتج المحلي .

اخيراً يجب ان نعلم ان السياسات النقدية التوسعية لوحدها لن تجدي نفعا في تحفيز الاقتصاد وذلك لوصول اسعار الفائدة الى مستويات تاريخية من الانخفاض ويمكن اخذ اليابان كمثال على مصيدة السيولة وذلك عند انفجار فقاعة الاصول في عام 1990 وخفض اسعار الفائدة الى مستويات قريبة من الصفر والأحرى تفعيل المزيد من السياسات المالية التوسعية للخروج من عمق الازمة الحالية وان كان التوسع في السياسات المالية له ايضا عواقب وذلك عند خفض الإنفاق الحكومي .

رسم يوضح كيفية تكون مصيدة السيولة