مازالت البنوك المركزية حول العالم تقوم بإنعاش النظام المالي بضخ المزيد من السيولة في النظام المالي وخاصة في البنوك والمؤسسات المالية وربما يكون اللقاء القادم للاحتياطي الفدرالي مبشراً بمزيد من إجراءات التسهيل الكمي او التيسير الكمي الثالث , وشراء المزيد من الاصول (سندات الخزينة الامريكية طويلة الأجل وأصول مالية اخرى) والمزيد من الضغط على اسعار الفائدة القريبة من الصفر حاليا ونفس الشيء ينسحب على بنك انجلترا والبنك المركزي الاوروبي . بالطبع المزيد من الاموال يعني زيادة العرض الكلي للنقود والذي بدورة يولد التضخم في الاقتصاد , لكن ذلك التضخم محبب للاحتياطي الفدرالي (وان كان هدف التضخم لدى الاحتياطي الفدرالي مابين 2% الى 1.5%) وله دور في تحفيز الاقتصاد في تجاوز مصيدة السيولة , لكن ماهي مصيدة السيولة ؟
مصيدة السيولة هي الحالة التي يفشل معها ضخ المزيد من السيولة في النظام البنكي من تحفيز الاقتصاد والدفع بالنمو الاقتصادي لأن تلك العملية إنما المقصود منها هو المزيد من خفض اسعار الفائدة والتي تقترب من الفائدة الصفرية حالياً . بالطبع الذي يحدث هو انة عند اقتراب الفائدة من الصفر فان الكثير من الأفراد يدخر أمواله لعدم وضوح الرؤية المستقبلية لدية وتفضيله للسيولة على الاستثمار في السندات مثلاً او اي ادوات استثمارية اخرى ذات عائد منخفض لانهم يخشون من ان ترتفع اسعار الفائدة على المدى الطويل وبذلك تنخفض اسعار تلك السندات عند تغير سعر الفائدة للأعلى وكذلك الأمر في قطاع الاعمال وذلك بخفض الإنفاق الإستثماري (الإنفاق في وسائل الأنتاج) وذلك لتوقع قطاع الأعمال ان يكون الطلب منخفضاً وبذلك تزيد نسبة الادخار في البنوك ويقل الاقتراض وتتراكم السيولة في البنوك ومن هنا تتكون مصيدة السيولة- وذلك حسب الاقتصاد الكنزي .
اذا ماهي الحلول المساعدة على تخطي تلك المصيدة ؟
ارتفاع التضخم هو احد الحلول للخروج من تلك المصيدة فبارتفاع التضخم تصبح اسعار الفائدة الحقيقة سالبة مما يحفز العائلات وقطاع الاعمال بالتوقف عن ادخار الاموال ومحاولة استثمارها(الأنفاق في وسائل الإنتاج) وذلك لمنع تآكلها نتيجة ارتفاع التضخم ومن الجهة الاخرى يحفز الاقتراض وذلك لأن المقترضين يستفيدون من اسعار الفائدة المنخفضة جدا وأيضا يستفيدون من ارتفاع التضخم وذلك بانخفاض القيمة الحقيقة للقرض وبذلك يعود الانفاق وتعود الحركة الاقتصادية وتكوين الوظائف في الاقتصاد.
احد الحلول الاخرى هو السياسة المالية التوسعية والتي تقتضي زيادة الإنفاقات الحكوميه وذلك لتحفيز الطلب الكلي (على الطريقة الكنزية) مما يحفز العرض الكلي في المقابل ويدفع بالنمو مرة اخرى ويكون الوظائف ويزيد نسبة النمو في اجمالي الناتج المحلي .
اخيراً يجب ان نعلم ان السياسات النقدية التوسعية لوحدها لن تجدي نفعا في تحفيز الاقتصاد وذلك لوصول اسعار الفائدة الى مستويات تاريخية من الانخفاض ويمكن اخذ اليابان كمثال على مصيدة السيولة وذلك عند انفجار فقاعة الاصول في عام 1990 وخفض اسعار الفائدة الى مستويات قريبة من الصفر والأحرى تفعيل المزيد من السياسات المالية التوسعية للخروج من عمق الازمة الحالية وان كان التوسع في السياسات المالية له ايضا عواقب وذلك عند خفض الإنفاق الحكومي .
رسم يوضح كيفية تكون مصيدة السيولة
تركيز البنك الفيدرالي الأمريكي الأن هو سعر الفائدة على المديين المتوسط والبعيد.. وليس على المدى القصير الذي أستقرتْ فيه الفائدة الصفرية لأكثر من 4 سنوات وستسمر إلى نهاية 2014م!... أما الألية النقدية للوي منحنى سعر العائد أو الفائدة (Yield Curve) هي (Operations Twist) التي أستخدمها الفيدرالي خلال الشهور الماضية وذلك بزيادة أعمار السندات التي يشتريها الفيدرالي (15-30 عام).. والهدف من الضغط على العائد (15-30 عام) هو تنشيط سوق الرهن العقاري وإسترداد عافيته وهو الجزء الهام من مكونات الطلب الداخلي على السلع والخدمات... والله أعلم
في رأيي أن النظرية الكنزية كانت في زمن له آلية اقتصادية مختلفة من اهم الاسباب التي تجعلنا نرى بأن النظرية الكينزية أداة في التنبؤ أضعف هو قرار تعويم العملات بعد أن سرقت الولايات المتحدة ذهب العالم .. وحدث ذلك بعد وفاته بحوالي ربع قرن ولهذا فالارتكاز على النظرية يجب أن يكون وفق ظروفها ومحدداتها لأن ليس من فرضياتها التيسير الكمي الهائل معدوم التغطية وفي مسألة التضخم وجر الاقدام للانتاج فإن ذلك سيرفع من عوامل التضخم مرة أخرى ومصطلح الركود التضخمي خرج بعد فك ارتباط العملات بالذهب وأخذ ينمو في نسبه بشكل متصاعد ومع كل تيسير يُثبت نفسه اكثر المسألة معقدة جداً وليس لها علاج لسبب واحد وهو النظام المختل في هيكلته .. قد تسير الأمور وفق ما ذكرت ويجر التضخم الاقدام لكنه من زاوية أخرى سيزيد من شريحة الفقر .. عندها خط الفقر سيرتفع على افراد العالم ويلتهم اعداد أخرى حتى نصل لقمة المثلث وهذا هو بالضبط ما نسير عليه الحالة باختصار هي في طبع مزيد من النقد لتسير العجلة والتضحية بمضاعفة معدلات التضخم او ترك الاقتصادات تنهار من جديد ولا يوجد حل آخر العبث في الاقتصاد بلغ مداه وكانت العزة بالاثم هي الشعار حتى وصلنا لهذه المرحلة بسبب عنجهية القوة تحياتي للجميع,,
مقال رائع اخ نايف ،فيه من الفائدة الشيء الكثير واااصل