مصر «من مصدرة إلى مستوردة للبترول»

28/07/2012 2
د. أنور أبو العلا

مصر أكبر منتجة للبترول في أفريقيا باستثناء الدول الأفريقية الأعضاء في اوبك. لقد بلغ إنتاج مصر للبترول مليون برميل في اليوم عام 1995 وكان استهلاكها نصف مليون برميل ولكن منذ ذلك التاريخ بدأ إنتاجها في الانخفاض واستهلاكها في الارتفاع الى عام 2008 حيث تساوى إنتاجها واستهلاكها بمقدار سبع مئة ألف برميل وتحولت مصر من مصدرة إلى مستوردة للبترول.

هذا ملخص الرسم البياني الوارد في الصفحة الثانية من تقرير إدارة معلومات الطاقة الامريكية EIA عن الطاقة في مصر الصادر بتاريخ 18 يولية (أي قبل أسبوعين).

السبب في انخفاض إنتاج مصر للبترول هو نفس السبب الذي يحدث دائما وأبدا - أحيانا فجأة - لجميع الدول المنتجة للبترول عندما يبلغ إنتاجها الذروة ويبدأ في النضوب فتضطر إلى أن تستخدم المحفزات (كحقن الكيماويات والغازات والمياه) وترتفع تكاليف الإنتاج تدريجيا إلى أن يصبح بترولها غير اقتصادي فتصفّق كفا بكف حيث لا ينفعها البكاء على لبنها المسكوب.

الدول المنتجة للبترول ليست جميعها سواسية، البعض من هذه الدول يشكّل إنتاج البترول بالنسبة لها ما تسميه - تجاوزا - ناتجها القومي (او دخلها القومي) فهي تنتج البترول من أجل التصدير (أي تبيعه للخارج) وتستورد بثمنه من الخارج كل ما تحتاجه من أجل أن تعيش فإذا نضب بترولها لا تستطيع أن تستورد لا البترول ولا غير البترول فتتوقف فيها الحياة. والبعض الآخر من الدول المنتجة للبترول لديها مصادر متعددة للدخل إلى جانب دخل البترول فإذا نضب بترولها تستطيع أن تستورد البترول من الخارج ولن تتوقف بل ستستمر فيها الحياة.

نعود للحديث عن مصر (كما يتحدث عنها تقرير إدارة الطاقة الامريكية)، التقرير يقول: يبلغ احتياطي بترول مصر 4.4 مليار برميل ولكن أحد أكبر التحديات التي تواجهها هو تزايد طلبها المحلي للبترول في الوقت الذي بدأ إنتاجها في الانخفاض حيث ارتفع استهلاكها من 550000 برميل في اليوم عام 2000 إلى 815000 برميل عام 2011.

تلعب مصر دورا حيويا في أسواق الطاقة العالمية من خلال تشغيل قناة السويس وخط الأنابيب الذي يربط بين السويس والبحر الأبيض حيث يتم نقل البترول من أفريقيا ودول الخليج إلى أوروبا وتدر الرسوم على هذين الخطين إيرادات مهمة للحكومة المصرية.

تحاول الحكومة المصرية خفض استهلاك البترول المحلي عن طريق خفض الإعانات وتشجيع استخدام الغاز لكن خفض الإعانات يسبب مشاكل سياسية مما يعيق تنفيذها فبلغت الإعانات 96 بليون جنيه مصري في ميزانية عام 2011\12، على أي حال فإن استخدام الغاز كوقود للسيارات ساعد إلى حد ما خفض استهلاك منتجات البترول.

هكذا بدأت الدول المنتجة للبترول التقليدي (سواء داخل أو خارج اوبك) تتحول تباعا من مصدرة إلى مستوردة للبترول، فقد تحدثنا في زاوية سابقة عن دولتين من اوبك هما اندونيسيا وانقولا وفي هذه الزاوية تحدثتا عن مصر كعيّنة للدول من خارج اوبك كدليل لا يقبل الجدل أن البترول التقليدي يودّع الأرض على عجل ليفسح المجال للبترول غير التقليدي.

موضوع زاوية السبت القادم - إن شاء الله - عن بعض سيناريوهات نضوب البترول.