السياسات المالية القادمة في الولايات المتحدة

19/07/2012 1
نايف بغلف

يخاض السباق الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية بملفات عده اهمها ملف السياسة المالية والتي سوف يكون لها تأثير كبير على مستوى الإقتصاد الأمريكي وخاصة للتباين الكبير في طريقة ادراة الهاوية المالية بالنسبة للحزبين المتنافسين : الجمهوري والديمقراطي بمرشحيهما الرئيس الحالي : باراك اوباما وميت رومني, لكن ماهو الإختلاف في الملفات او الوعود المقدمة من كلا المرشحين لحل مشكلة الهاوية المالية (اللفظ الذي يستخدم لوصف انتهاء فترة تخفيض الضرائب والتي اقرها الرئيس السابق جورج بوش وبداية خفض الإنفاقات), وما تأثيرها على الإقتصاد الامريكي ؟ . وكبداية لنتناول الوضع الحالي في الولايات المتحدة ومن ثم ننتقل الى الوعود المقدمة من المرشحين فيما يختص بالسياسات المالية او الضرائب تحديداً.

الضرائب الحالية على دخل الفرد تبلغ 35% كأعلى نسبة يمكن دفعها على دخل الفرد او كسقف للضرائب (توجد نسب اقل حسب مستوى الدخل) وهي ومرشحة للأزدياد خلال 2013 الى 39% واما عن الضرائب على الشركات فهي 35% كضريبة دخل اما ضريبة الأرباح الرأسمالية فهي عند 15% ومرشحة للازدياد الى 20% خلال 2013 . وأخيرا ضرائب العقارات عند 35 % ومرشحة للازدياد عند 55% في عام 2013,ومع عدم تغيير أي من تلك السياسات فإنة من المتوقع ان يكون الدخل عام 2013 ما يوازي 2.968 تريلون دولار امريكي .

ولنأخذ الرئيس باراك اوباما اولاً فهو يريد تمديد الإقتطاع الضريبي الذي اقرة الرئيس الأسبق جورج بوش ولكن للعائلات التي يقل دخلها عن 250,000$ سنوياً, وزيادة تلك الضرائب الحالية للعائلات التي يزيد دخلها عن ذلك-وبذلك يكون التركيز على تحسين دخل او إبقاء دخل الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة على حاله , لكن مايحمل على ذلك التوجه هو ان المبلغ المدفوع من تلك الشريحة من العائلات التي يزيد دخلها عن 250,000$ سوف يكون اكبر بأي حال من الاحوال من غيرهم حتى وان كانوا يدفعون نفس النسبة المئوية وهو ما يؤثر على رغبات الأفراد في الحصول على دخل يقارب تلك الشريحة وذلك لإرتفاع الضريبة علية وهو في بعض الأحيان ينضر الية كعقاب على ارتفاع نسبة الدخل .

اما قطاع الأعمال فسوف يحضى بخفض الضرائب على الشركات الى 28% ممايؤدي الى تحفيز الشركات لتكوين وظائف جديده وذلك لازدياد صافي الارباح بعد اقتطاع الضرائب وخاصة تحفيزعودة الوظائف من خارج الولايات المتحدة والتي بإنخفاض الضرائب تصبح مغرية للشركات لتشغيل عملياتها داخل الولايات المتحدة وبالتالي زيادة إجمالي الناتج المحلي الأمريكي والشيء نفسة ينطبق على الارباح الرأسمالية وذلك عند سقف يصل الى 20% كضريبة وتلك الأرباح تخص ايضاً توزيعات الارباح من الاسهم(وان كانت توزيعات ارباح الأسهم ليست ارباح رأسمالية) وهي مهمة للغاية لأنها تساعد على زيادة ثروة العائلات في الولايات المتحدة وبالتالي زيادة الإنفاق .وأما بالنسبة للنقطة الأهم وهي الضرائب على العقارات فمن المقترح ان تصل كحد اعلى 45% على بعض العقارات وهو بالفعل احد العوائق او التكاليف التي يجب على العائلات الامريكية دفعها على العقارات وان كنت ارى اهمية خفض الضرائب المفروضة على العقارات ولو بنسبة بسيطة للدفع بالطلب على المنازل وبالتالي زيادة الطلب الكلي في الاقتصاد الامريكي وان كانت تلك الزيادة بنسبة صغيرة وخاصة اذا عرفنا ان الكثير من السلع في الاقتصاد الكلي يمكن تحفيز الطلب عليها عن طريق زيادة الطلب على العقارات ,مواد بناء –منتجات تمويل,وظائف جديدة في قطاعات مختلفة (ربما يقود ذلك لإرتفاع اسهم الشركات المرتبطة بصناعة العقارات وبالتالي زيادة ثروات العائلات الأمريكية وهو الشيء نفسة المرتبط بخفض الضرائب على الشركات) .

وبالنظرالى الجهة الأخرى فان المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري ميت رومني يقترح خفض الضرائب للعائلات الى 28% كسقف اعلى و20% لجميع شرائح الدخل للعائلات مع تركيزه الشديد على العائلات ذات الدخل المتوسط وبالفعل تلك العائلات ذات الدخل المتوسط او الطبقة المتوسطة اذا شئت هي من تشتري المنتجات والسلع المتعلقة بالشركات الكبرى بمعني اخر تساعد على زيادة الطلب الكلي في الاقتصاد وارتفاع دخلها سوف يساعد على زيادة نسبة الدخل المتاح للإنفاق ((disposal income وهو بالضبط مايسعى اليه رومني عندما يستهدف تحييد الضرائب المفروضة على الارباح الرأسمالية وتوزيعات ارباح الأسهم(وان كانت ليست ارباحاً رأسمالية) وخاصة للعائلات التي يقل دخلها عن 200,000$ سنوياً .

اما بالنسبة للشركات فهو ايضا يساند خفض الضرائب على الشركات ليصل الى 25% وذلك بالنسبة لضريبة الدخل مع خفض الضرائب على الأرباح الرأسمالية للشركات والتركيز على التحرك الى نظام اقليمي للضرائب خاصة بالنسبة للشركات الأمريكية التي تمتلك عمليات تشغيل خارج الولايات المتحدة وبذلك يحفز الشركات على استثمار العوائد التي تجنيها خارج الولايات المتحدة داخل الولايات المتحدة بإعفائها من الضرائب وذلك يساعد على تكوين وظائف داخل الاقتصاد الامريكي , وأخيراً الغاء الضرائب على العقارات لخفض تكاليف تملك المنازل مما يساعد على رفع الطلب الكلي للمنازل في الولايات المتحدة.

اخيرا مهما كان نوع السياسات المالية التي سوف يتم تطبيقها فان لجميع الاختيارات أضرار, فتخفيض الضرائب ربما يحفز العائلات والشركات الى الادخار وليس الانفاق وذلك كإجراء للتحوط من رفع الضرائب مستقبلاً (المكافئ الريكاردي) وعلى الجهة الأخرى زيادة الضرائب سوف تبطؤ من نمو الاقتصاد الأمريكي وان كانت حلاً لزيادة الدخل وتقليل الاعتماد على الدين عموما كلا الحلين سيترك الكثير من التأثيرات التي يجب ان نعيها على اقتصاديات العالم واقتصادنا .