مرة أخرى.. أسهم حقوق الأولوية.. المشكلة والحل

16/07/2012 7
د. فهد الحويماني

كتبت في الأسبوع الماضي مقالاً عن موضوع أسهم حقوق الأولوية والخلل الواقع حالياً بهذه الطريقة التي عرضت أناسا كثيرين لخسائر غير مستحقة يمكن تلافيها تماما بالطريقة المقترحة الواردة في المقال، المتمثلة في قيام شركة تداول بإصدار أسهم جديدة لجميع المستحقين للاكتتاب مباشرة بعد اجتماع الجمعية العامة غير العادية، وتدرج في حساب الملاك تلقائياً، جنباً إلى جنب مع أسهمهم الحالية، وتحمل رمزاً خاصاً بها. ويمكن تداول هذه الأسهم تماماً مثل غيرها من الأسهم ولها فوائد عديدة من أهمها عدم خسارة من لا يكتتب من المستحقين، بقاء قيمة حساب الشخص صحيحة في كل الأوقات، عدم إجبار الشخص على بيع أسهمه الحالية من أجل الاكتتاب في الأسهم الجديدة، تمكين صاحب الأحقية من بيع أسهم الأحقية التي لديه ومنح هذا الحق لغيره ممن ليس له حق الاكتتاب، إزالة الغموض عن عدد الأسهم التي يحق للشخص الاكتتاب بها، حيث لوحظ أن أكثر الاستفسارات ممن لهم حق الاكتتاب كانت عن عدد الأسهم التي يحق له الاكتتاب بها، إضافة إلى أن هذه الطريقة تغني عما هو متبع حالياً في تحديد أسعار متفاوتة للاكتتاب فوق سعر الاكتتاب وما يصاحب ذلك من صعوبات في التطبيق.

كما تبين لي خلال هذا الأسبوع أن هيئة السوق المالية قامت بدراسة عام 2008 تبين من خلالها ما نصه ''… إن ما يزيد على 76 في المائة من إجمالي حملة الأسهم لا يمارسون حقهم القانوني في اكتتاب زيادة رأس المال لأسباب مختلفة قد تكون لعدم وصول معلومة زيادة رأس المال للمستثمر، أو عدم توافر السيولة لديه، أو عدم الوجود في مكان يمكنه من الاكتتاب أو عدم القناعة بمبررات زيادة رأس المال، أو غير ذلك من الأسباب!''. ونتيجة لهذه الدراسة قامت الهيئة بتعديل آلية الاكتتاب بحيث يتم تقديم تعويض جزئي لمن لا يكتتب وذلك من خلال المبالغ الإضافية، إن وجدت، التي يكتتب بها الآخرون بسعر أعلى من سعر الاكتتاب.

ولإيضاح الطريقة المقترحة للمهتمين بهذا الشأن نأخذ مثالاً واقعياً قائماً هذه الأيام، وهو اكتتاب شركة الاتصالات المتنقلة السعودية (زين)، التي قامت بخفض رأسمالها من 14 مليار ريال إلى 4.801 مليار ريال (انخفاض بنسبة 65 في المائة)، وتزامناً مع ذلك أعلنت طرح 600 مليون سهم بسعر عشرة ريالات لزيادة رأس المال ليصبح 10.801 مليار ريال. ولتبسيط هذه العملية على القارئ، نأخذ مثالاً لشخص كان لديه ألف سهم قبل اجتماع الجمعية العامة غير العادية، حيث أغلق السهم في ذلك اليوم عند 7.80 ريال، وبذلك كانت قيمة حساب الشخص 7800 ريال. وفي يوم السبت التالي أصبح لدى الشخص 342 سهماً مع الأحقية للاكتتاب بعدد 428 سهماً بسعر عشرة ريالات، وهو إجراء سليم لا غبار عليه.

فلو كان في سوقنا أسهم حقوق أولوية متداولة فسيكون لدى الشخص في يوم السبت 342 سهماً بسعر 15.6 ريال (السعر المعدل في تداول) بقيمة 5352 ريالا، ولديه مباشرة في حسابه 428 سهم أولوية يخضع سعرها لقوى العرض والطلب، إلا أنه يكون في حدود الفارق بين سعر الإغلاق وسعر الاكتتاب. لذا سيكون سعرها في بداية التداول نحو 5.65 ريال (15.65 ريال - 10 ريالات)، فتكون موجودات حساب الشخص كالتالي:

1) 342 سهماً بسعر 15.65 = 5352 ريالا.

2) 428 سهم أولوية بسعر 5.65 = 2418 ريالا.

3) المجموع = 7780 ريالا ( وهي قريبة من قيمة الحساب يوم الأربعاء وهذه أهم ميزة لهذه الطريقة).

وبالنظر إلى إغلاق سعر السهم يوم الأربعاء الماضي (وقت كتابة هذا المقال) عند 12.40 ريال، فيكون الوضع في حساب الشخص كالتالي:

1) 342 سهماً بسعر 12.40 = 4240 ريالا.

2) 428 سهم أولوية بسعر 2.40 = 1027 ريالا (سعر هذه الأسهم مرتبط بالفارق بين سعر السوق وسعر الاكتتاب وقد يعرض بسعر أقل من ذلك ليكون مغرياً للمشتري).

3) المجموع = 5267 ريالا.

لاحظ أن حساب الشخص انخفض إلى 5267 ريالا من 7800 ريال قبل الجمعية بسبب نزول سعر السهم وفقدان أسهم الأولوية جزءا من قيمتها تبعاً لذلك، وهو انخفاض بنسبة 32 في المائة من 7800 ريال إلى 5267 ريالا، بينما السهم انخفض فقط بنسبة نحو 21 في المائة! هذه في الواقع طبيعة أسهم حقوق الأولوية وليس لها علاقة بآلية أسهم حقوق الأولوية المقترحة، ولتأكيد ذلك دعونا نتحدث عن الوضع الحالي كما هو، من دون الطريقة المقترحة. كان لدى الشخص فيما قبل الجمعية 7800 ريال نتيجة امتلاكه ألف سهم بسعر 7.80 ريال، ثم في يوم السبت أصبح لديه 342 سهماً مسعرة حسب إغلاق يوم الأربعاء بسعر 15.65 ريال، فتكون محتويات حسابه يوم السبت بعد الجمعية 5352 ريالا، ويمتلك الحق في الاكتتاب بعدد 428 سهماً بسعر عشرة ريالات. لنفرض أن سعر السهم نزل إلى عشرة ريالات في آخر يوم للاكتتاب، فيقرر الشخص ألا يكتتب، وهو سبب معقول لأن الأحقية فقدت قيمتها، كون الكل يستطيع الشراء بسعر عشرة ريالات من السوق مباشرة. في هذه الحالة نجد أن نسبة نزول السهم 36 في المائة (من 15.65 ريال إلى عشرة ريالات)، بينما خسارة الشخص تبلغ 56 في المائة، بحكم أن لديه 342 سهماً بسعر عشرة ريالات، أي 3420 ريالا، ولم يكتتب لأن سعر السهم نزل إلى عشرة ريالات. فهذه خسارة بنسبة 56 في المائة عما كانت عليه قيمة أسهمه قبل اجتماع الجمعية. ومرة أخرى هذه طبيعة أسهم حقوق الأولوية (سواء بالطريقة المقترحة أو بالطريقة الحالية)، حيث إنها تعرض الشخص لمخاطرة أعلى من المعتاد في الربح والخسارة.

إن مسألة أسهم حقوق الأولوية معقدة إلى حد ما وتحتاج إلى مزيد من الإيضاح لا مكان له هنا، لكن الموضوع مهم جداً ويجب العمل على تصحيح الوضع عاجلاً لأن أناسا كثيرين خسروا في الماضي وسيخسرون هذه المرة، لا بسبب نزول السهم أو طلوعه نتيجة العرض والطلب، وهو الأمر المفهوم، بل بسبب عدم اكتتاب من لهم الحق في الاكتتاب، الذين قدرت الهيئة نسبتهم بـ 76 في المائة من المكتتبين المستحقين. وفي رأيي، إن علاج عدم الاكتتاب يتم بإدراج أسهم خاصة بالأحقية مباشرة في حساب الشخص، تبقى لديه إلى أن يعطي توجيهاته للاكتتاب بها أو يتركها في الحساب وتقوم شركة تداول إما من خلال متعهد الاكتتاب أو من خلال مكتتبين آخرين بشرائها تلقائياً بسعر أقل قليلاً من سعرها الذي أغلقت عنده بعد انتهاء فترة الاكتتاب، وإيداع قيمتها تلقائياً في حساب الشخص. على سبيل المثال، في مثالنا هذا لو أغلق سعر سهم شركة زين في آخر يوم للاكتتاب عند 12.40 ريال، فإن سعر أسهم الأولوية في السوق سيكون نحو 2.40 ريال، فيتم شراؤها من خلال الآلية التي تقررها ''تداول'' بسعر أقل من ذلك، ربما بسعر 2.20 ريال وهو سعر مغر للمشتري، حيث يتملك السهم بسعر 12.20 ريال، بدلاً من 12.40 ريال في السوق. والنتيجة أن يتم إيداع 2.20 ريال عن كل سهم في حساب من لم يكتتب كتعويض له، ومبلغ عشرة ريالات تذهب لمصلحة الشركة مقابل السهم الجديد المكتتب به.