استجابة للمتغيرات التى تحدث فى توقعات الكثيرين من مستثمرين واصحاب اعمال فى ظل الازمة الحالية وتداعيات الازمة المالية السابقة يقوم مديرو المراجعة الداخلية بعملية تهدف الى اعادة تشكيل اولويات مخاطر المراجعة الداخلية وما ينتج عنها فى نطاق تغطية المراجعة بشقيها الداخلية والخارجية ..!!
وياتى ذلك استجابة لتوصيات مؤتمر المائدة المستديرة الذى دعا له معهد المراجعين الداخليين الامريكى IIA والذى انعقد فى مدينة واشنطن وذلك بهدف الوصول الى رؤية مشتركة بشأن تأثير الوضع الاقتصادى الحالى على المراجعة الداخلية وقد حضر المؤتمر 28 من مديرى المراجعة الداخلية لعدد من اكبر 100 شركة كما حضر ممثلو الجهات المقدمة للخدمات والجهات التى تتولى تنظيم مهنة المراجعة الداخلية وممثلون لمجلس مراقبة محاسبة الشركات العامة PCAOB وهيئة تداول الاوراق المالية SEC و الشركاء الرئيسون لمعهد المراجعين الداخليين الذين يقدمون خدمات المراجعة الداخلية لاكبر 100 شركة وقد اعتبرت هذه المناسبة فرصة جيدة للمراجعين الداخليين لتحديد ما يمكنهم عمله لمساعدة المؤسسات التى ينتمون اليها من تقديم رؤية ذات قيمة تساعدهم على تفهم ومواجهة المخاطر المحتملة .
وبالنظر الى الشكوك الحالية الى تلازم الوضع الاقتصادى الراهن اوضح مديرو المراجعة الداخلية انهم يقومون بدور استراتيجى واستباقى لتحسين وتطوير ثقافة الحكومة ومواجهة المخاطر المحتملة بشركاتهم .
وقدموا رؤاهم واستراتجياتهم لاعادة توجيه نشاطات المراجعة الداخلية للتركيز على الجوانب التى تمكنها من مواجهة تحديات الازمة وكانت الاشئلة الرئيسة التى بحثها خلال المؤتمر هى :
- ماهو اكبر تاثير احدثته الازمة الاقتصادية على المراجعين الداخليين ؟
- ما الكيفية التى تغير دور المراجع الداخلى خلال 12 شهر الماضية ؟
- ما الموضوعات التى تعد مختلفة حاليا ؟
- ما الكيفية التى غيرت استراتيجية المراجعة الداخليية ؟
- ما الدروس المستفادة ومجال التركيز الرئيس للتقدم للامام ؟
واكمالا للاراء المقدمة من المشاركين فى المؤتمر قام معهد المراجعين الداخليين IIA بالحصول على اجابات عن نفس الموضوع وردت بمسح اجرته الشبكة الدولية لمعلومات المراجعة التابعة للمعهد وقد اشترك فى المسح 34 مديرا للمراجعة الداخلية .
وقد اظهر المسح درجة عالية من الارتباط بين اجابات المسح والتخوفات التى ابداها المشاركون فى المؤتمر الا انها تركزت على 4 موضوعات رئيسة هى :
1- تغير توقعات المستفيدين من المراجعة الداخلية يتطلب اجراء تعديلات باستراتيجيات المراجعة الداخلية .
2- التركيز بدرجة اوسع واعمق على المخاطر وادارة المخاطر ( وسنفرد لها مقال مستقل باذن الله )
3- ان هناك تحولات كبيرة حدثت بالفعل فيما يتعلق بنطاق المراجعة الداخلية .
4- قيام مديرى المراجعة الداخلية بمبادرات عديدة فى نطاق المراجعة الداخلية تهدف الى زيادة الانتاجية وتقليل التكلفة ( ضمن نطاق المراجعة )
هذه الموضوعات ليست مقصورة فى تركيزها على جانب معين بل نجدها متداخلة فى جوانب عديدة ومثال ذلك ادارة المخاطر التى تم التطرق اليها فى كافة جوانب المناقشة وكان التركيز عليها وعلى اهميتها .
ان الموضوعات المهمة تمثل اطارا استراتيجيا شاملا يا خذه مديرو المراجعة الداخلية فى الاعتبار عند تناولهم الازمة الاقتصادية الراهنة .
وان احداث تحول فى توقعات اصحاب المصلحة يتطلب من المراجعين الداخليين ان ياخذوا دورا استراتيجيا اكبر وان تاخذ نشاطات ادارة المخاطر الاسبقية على متطلبات قانون سا بينز اوكسلى لعام 2002 وعلى مراجعة الالتزام بالضوابط الرقابية الاخرى , وقد ذكر المشاركون ان نشاطات المراجعة الخاصة بهم تتحول نحو التركيز على الاستجابة لطلبات اصحاب المصلحة فى ان تقدم لهم المراجعة الداخلية المساعدة مع امكانية التاكد من ان الشركات تصدر تقارير دقيقة وصحيحة بشان نشاطاتها والمخاطر التى تواجهها ونتائج عملياتها .
وقد ذكر البعض ان ادارته التنفيذية طالبتهم ان يكونوا اكثر دقة وحسما وان يوضحوا الصورة الكاملة بكل ما يحدث فى شركتهم وتحديد اذا كانت الشركة متفائلة بدرجة اكبر مما ينبغى .
وقد وافق المشاركون على ان طلب مثل هذه المساعدة والتركيز من المراجعة الداخلية يعد امرا ايجابيا بالنسبة للمهنة ومؤشرا هاما على تطور دورها فيما يتعلق بالمخاطر الاستراتيجية بالاعمال التجارية .
وفيما يتعلق بدور لجان المراجعة والتى اصبحت تعتمد حاليا وبدرجة اكبر على المراجعة الداخلية لابقاء اصحاب المصلحة على علم باستراتيجات ادارة المخاطر والتغير بخطة المراجعة فقد ذكر المشاركون انهم ينفقون موارد اكثر على تجهيزات واتصالات لجنة المراجعة .
واشار العديد منهم الى ان لجنة المراجعة تطلب تحديد وقت اطول للمراجعة الداخلية باجندة اجتماعاتها ويتطلب ذلك من مديرى المراجعة الداخلية جهدا اكبر فيما يتعلق بالاعداد لاجتماعات اللجنة وجلساتها .
وقد ادرك المجتمعون ان لجان المراجعة من خلال زيادة تركيزها على المخاطر وعمليات ادارة المخاطر يمكنها تقديم خدمات مفيدة من خلال :
- تقديم تعليم خاص بادارة المخاطر لاعضاء لجنة المراجعة على نحو يساعد فى التعرف على مصطلحات ادارة المخاطر ومنهجيات تحديد اسبقية المخاطر .
- توسيع مناقشات ادارة المخاطر مع مجلس الادارة .
- تقييم المخاطر الاستراتيجية على المد يين الطويل و القصير .
- تضمين قائمة باهم 10 مخاطر تواجه الشركة وبيان الرابط الذى يقود خطة المواجهة .
- التنسيق مع الجهات الاخرى التى تتولى مهام الرقابة والمخاطر لتحديد المخاطر الاخرى التى من المتوقع ان تنشا او تتطور بعد المخاطر العشرة الاولى .
- زيادة الاتصالات غير الرسمية خارج نطاق الاجتماعات التى تتم وجها لوجه . - تحديد وتقديم التقارير عن الموضوعات المنتشرة ولها علاقة بالركود الاقتصادى مثل المخاطر المرتبطة بالسيولة وتخفيض عدد الموظفين وعمليات الغش .
اننى ارى ان الفترة القادمة سوف تواجه مهنة المراجعة الداخلية تحديات عديدة وخاصة على مستوى العالم العربى وفى ظل التطور الحادث لتوجهات وافكار ورؤى القطاع الاقتصادى الذى يواجه تغيرا مستمرا وسريعا مثل التغيرات الحادثة فى القطاع السياسى .
وسوف يكون لهذه التغيرات تاثير جوهرى على المهنة من حيث اهدافها ووسائلها من جهة ومن حيث تطورها وآلياتها والدليل على ذلك ما يحدث فى الغرب على ادبيات المهنة وما يستتبع ذلك فى العالم العربى ..!!
الايدفعنا ما يحدث الى وضع تصور واضح وصحيح لمهنة المراجعة خاصة لدى قطاع عريض يحكم على مهنة المراجعة وعلى المراجعين دون توفر الاليات والادوات للحكم عليها وعليهم …!!
الايدفعنا ذلك الى تضافر جهود الهيئات والمجامع والمنظمات والعاملين بالمهنة الى وضع تصور لمهنة المراجعة يتفق على الاسس التى تحكم المهنة فى ظل الضوابط والاجراءات الحاكمة ..!!
اننى اهيب بالاخوة القراء والمهتمين بالشأن المالى والاقتصادى والمهنيين فى مجال المراجعة الداخلية ان يدلو بدلوهم فى هذا الامر خاصة لتحديد سلبيات عدم الانتباه للامر وخطورته …!!
د.جمال شحات شكراً على القراءة الجميلة والعميقة لوقائع مؤتمر "المائدة المستديرة". تحياتي