عندما تقرأ كتاب أو مقال أو تستمع لمتحدث يتفنن المؤلف أو الكاتب أو المحاضر بأساليب جلد الذات لينتقد وضع اقتصادي ,اجتماعي ,سياسي أو ديني أو حتى بالمجال الرياضي قد ينتابك شعور من الضغينة واليأس , أيا كانت المشكلة فالجميع يدرك الأوضاع ولا نحتاج إلى مكبر للصوت لترديد المشكلة بقدر حاجتنا إلى من يشخص المشكلة ويحاول تقديم الحلول لهذه المشكلة بقالب موضوعي.
اللوم هو مثل المحاسبة يعقبه النقد الموضوعي وهو محاولة تشخيص المشكلة سواء كانت مالية أو اقتصادية أو اجتماعية وفي أي ناحية من نواحي الحياة ومتطلباتها ومحاولة إيجاد الحل الأمثل للخروج من هذه المشكلة بتقديم الطرق والحلول واللوم يختلف عن جلد الذات الذي يكتفي بمجرد ترديد المشكلة على مسمع صاحبها أو على المجتمع وتضخيم الآثار المترتبة والتباكي عليها دون أن يقدم أي فائدة للخروج من المشكلة بل ربما ساهم في تعقيد الحلول ونشر اليأس بين الناس.
جلد الذات بمفرده سواء للشخص نفسه أو للمسئول أو المجتمع أو الوضع العام سواء كان اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي قد يعقد المشكلة أكثر ويطيل بحلولها
الأنفس ثلاثة نفس أمّارة بالسوء ونفس لوّامة و نفس مطمئنة , الأولى صفاتها مذمومة بينما الثانية والثالثة هما المبتغى لكل مسلم وقد اقسم الله عز وجل بالنفس اللوامة وامتدح النفس المطمئنة ووعدها الجنة.
قد ينطلق جلاد الذات من مفهوم أن النفس أمارة بالسوء يجب جلدها وقمعها متى ما خرجت عن طريق الصواب وهذا فيه مبالغة وخطورة خصوصا في الامور العامة والاقتصادية لان مجرد جلد الذات دون محاسبة ونقد موضوعي لن أقول انه "لا يقدم ولا يؤخر" بل "لا يقدم و يؤخر" كل الحلول. ربما جلد الذات مطلوب في حال المعاصي أو الوقوع بالذنوب وهذا موضوع لست مؤهلا بالحديث و الخوض فيه .
عندما ننتقد بأسلوب "جلد الذات" مشكلة اقتصادية معينة مثل البطالة , غلاء الأسعار سؤ الخدمات أو ظاهرة اجتماعية مثل غلاء المهور والمبالغة بالحفلات وغيرها , ونحن جميعا ندركها ونعرفها تمام المعرفة فما هي الفائدة والنتيجة التي نحصل عليها دون تقديم الحلول !
الكثير ينتقدون سلوك أو ظاهرة خطيرة لعل ابسط مثال ظاهرة "التفحيط" ولعشرات السنين انتقاد وجلد للذات جيلا بعد جيل دون تقديم أي حلول عملية والنتيجة مزيد من إزهاق الأرواح والخسائر.
تبقى النفس المطمئنة وما اسعد صاحبها .. رزقنا الله وإياكم الطمأنينة وبلغنا شهر رمضان بالصحة والعافية.