كيف سيتفاعل الأداء الاقتصادي مع مجريات الأحداث السياسية في البلاد وبعد حكم المحكمة الدستورية القاضي ببطلان انتخابات 2 فبراير وعودة العمل للمجلس السابق؟ من الطبيعي أن تكون الحكومة مشغولة الآن بإيجاد المخارج القانونية والإجرائية الصحيحة لتعديل الأوضاع السياسية بعد أن تتم عودة مجلس الأمة (مجلس 2009) للانعقاد ومن ثم قد تتم عودة الناخبين لانتخابات جديدة خلال الفترة المتبقية من هذا العام أو ربما في أوائل العام القادم.
لكن ما يهمنا في المسألة الاقتصادية أن الكثير من التشريعات والقوانين سوف تتعطل إلى حين ما لم يأخذ مجلس الوزراء على مسؤوليته الدستورية إصدار ما هو ضروري وعاجل مثل إصدار الميزانية للسنة المالية 2013/2012 إذا ما عجز مجلس الأمة بتشكيلة 2009 من الانعقاد واعتمادها. مقابل ذلك قد ينتعش سوق الكويت للأوراق المالية إلى حد ما، وخلال زمن قصير، خصوصاً أن المجلس الذي ابطلت انتخاباته (مجلس 2012) كان يبدو معادياً لقيم الاقتصاد الحر ولدور أوسع للقطاع الخاص، وكان قريبا من مفاهيم الشعبوية.
هل يمكن لمجلس الوزراء أن ينجز العديد من الأمور مثل إنجاز عملية تخصيص الخطوط الجوية الكويتية وتنفيذ عدد من مشاريع خطة التنمية ومنها محطة كهرباء الزور وتعديل القانون الخاص بالمشاريع الصغيرة، وكذلك تعديل عدد مــن القوانين التي عطلت العديد من المشاريع ومنها قانون المبادرات BOT؟
ليس من المتوقع أن يقدم مجلس الوزراء على اتخاذ مبادرات غير اعتيادية ويستغل الظروف السياسية الراهنة تجاه كل القوانين المستحقة لتطوير الأوضاع الاقتصادية أو يقوم بتنفيذ المشاريع التنموية المعطلة، ولكن يمكن أن يتخذ مبادرات جريئة وملائمة وتتوافق مع المعايير الدستورية بحيث عندما يكتمل نصاب الحياة النيابية لا تكون هناك ملاحظات أو شوائب تتعلق بإنجازات الحكومة اقتصادياً خلال هذه الفترة الحرجة. كذلك يمكن للحكومة أن تعمل على تحضير سياسات واستراتيجيات اقتصادية للأمد لمتوسط والطويل لكي يتم اعتمادها من قبل مجلس الأمة.
أهم مما سبق ذكره أن على الحكومة أن تعيد النظر بالإدارة الاقتصادية وتقوم بتعزيز قدراتها المهنية وإجراء تغيرات ضرورية للكوادر القيادية بما يتناسب مع المرحلة القادمة وأهمية مواجهة المتغيرات في الاقتصاد العالمي وانعكاسات تلك المتغيرات على اقتصادات النفط.
لا شك أن تدخلات أعضاء مجلس الأمة قد عطلت الإصلاحات الاقتصادية والإدارية المطلوبة ولكن لا يجب على السلطة التنفيذية أن تطوع أعمالها في المجال الاقتصادي لمتطلبات التسويات السياسية فقد ترهلت الإدارة وأصبحت عاجزة عن مواجهة متطلبات العمل بما يحسن من كفاءة الإنجاز.
وغني عن البيان أن هذه الظروف السياسية التي تمر بها البلاد، وهي غير مسبوقة في تاريخها الحديث، تمنح فرصة مهمة للقيادة السياسية للعمل من أجل اتخاذ القرارات الضرورية والاستعداد لمتغيرات الواقع الاقتصادي وتوفير إدارة أكثر كفاءة وقدرة.