هل ستتحمل مؤسسة النقد المسؤولية أم لا؟

23/05/2012 5
محمد العمران

في الآونة الأخيرة، أعلنت شركتا أسيج للتأمين التعاوني والأهلية للتأمين التعاوني عن حصولهما من مؤسسة النقد العربي السعودي على الموافقة المؤقتة لمجموعة مختلفة من المنتجات التأمينية، وهي إعلانات قد تبدو طبيعية في ظاهرها على أساس أن مؤسسة النقد هي الجهة المسؤولة عن تنظيم ورقابة هذا القطاع الحيوي لكنها في واقع الأمر هي إعلانات غريبة تستحق منا وقفات تأمل وتفكير على اعتبار أن هاتين الشركتين تعانيان من مخاطر التعثر وربما الإفلاس، بينما لا تزال مؤسسة النقد توافق لهما على بيع منتجات جديدة وهنا تكمن المعضلة!

 فعلي سبيل المثال وبناء على آخر قوائم مالية معلنة رسمياً من كلتا الشركتين أخيراً، بلغت الخسائر المتراكمة في شركة أسيج للتأمين التعاوني في الربع من الأول من 2012م نحو 84 في المائة من رأس المال وعليه كانت قد طلبت الشركة رسمياً من مساهميها حضور جمعية عامة غير عادية لإقرار استمرار الشركة أم حلها، أما الخسائر المتراكمة في شركة الأهلية للتأمين التعاوني للربع الأول من 2012م فقد بلغت نسبتها 68 في المائة من رأس المال (أي أن الخسائر المتراكمة اقتربت كثيراً من ثلاثة أرباع رأس المال) وهو ما أجبر مجلس إدارتها على التوصية بإصدار أسهم حقوق أولوية بقيمة 220 مليون ريال لم تحصل الشركة حتى الآن على موافقة من هيئة السوق المالية.

 في رأيي، تتمثل خطورة موافقة مؤسسة النقد لشركات التأمين المتعثرة (سواء كانت بموافقة مؤقتة أم دائمة) في أنها تعني تأسيس علاقات مع عملاء جدد وبالتالي إنشاء التزامات جديدة على هذه الشركات التي تعاني في الأساس من مصاعب مالية حقيقية. والأكثر خطورة من ذلك أن أنظمة مؤسسة النقد ولوائحها التنفيذية المتعلقة بالتأمين التعاوني تلزم جميع الشركات دائماً بالاحتفاظ لدى مؤسسة النقد بوديعة نظامية تعادل 10 في المائة من رأس المال المدفوع والاحتفاظ بهوامش ملاءة مالية ومخصصات فنية تعتمد نسبتها على حجم النشاط وهو ما يضع شكوكا حول قدرة هاتين الشركتين على الالتزام بمثل الأنظمة واللوائح قبل حصولهما على الموافقة ببيع منتجات جديدة!

 ويبقى التساؤل مطروحاً: كيف سمحت مؤسسة النقد لهاتين الشركتين ببيع منتجات جديدة؟ وماذا لو تعثرت أو أفلست إحدى هاتين الشركتين أو كلتاهما معاً؟ ماذا سيحدث يا ترى؟ هل ستتحمل مؤسسة النقد المسؤولية كاملة أمام العملاء مستقبلاً؟ أم أنها ستلقي بالمسؤولية على مجالس إدارات الشركات المتعثرة المفلسة وعلى عملاء هذه الشركات؟