خلال ستة أعوام تضاعفت أعداد الشركات المدرجة بالسوق المالي السعودي مما وضع سوق الاكتتابات المحلي من بين الأكبر عالمياً وتعد الاكتتابات خطوة مهمة لأي سوق مالي حيث تتجدد من خلاله الفرص الاستثمارية وتفتح آليات تمويل مهمة أمام قطاع الأعمال.
لكن السؤال يبقى هل كانت الاكتتابات غاية أم وسيلة والإجابة على هذا السؤال لا تحمل وجهة نظر واحدة فكل طرف معني بالسوق المالي له وجهة نظر مختلفة؛ فهيئة السوق قد ترى فيها الاحتمالين أي غاية لتعميق السوق وزيادة الفرص الاستثمارية فيه ووسيلة مساعدة على إصلاح السوق بتوزيع السيولة فيه وتخفيض مكررات الربحية وتعظيم القيمة والفائدة فيه وتوفر لقطاع الأعمال وسيلة مساعدة للتمويل وأيضا وسيلة للمستثمر لينوع استثماراته ويقلل من المخاطر عليه.
لكن لقطاع الأعمال وجهة نظر مختلفة لمفهوم الغاية والوسيلة فبعض الشركات التي طرحت استهدفت الحصول على تمويل لمشاريعها وهو ما يمثل النظرة الإيجابية للسوق من قبلها بأنه وسيلة للتمويل ولم تستهدف هذه الشركات الإدراج بالسوق إلا بعد أن وصلت لمرحلة الحاجة الماسة للتمويل من هذه القناة الكبيرة.
لكن بعض الشركات وخصوصا التي قامت بعمليات تخارج ووضعت علاوة إصدار إضافية على القيمة الاسمية اتضح بأن نظرتها للسوق لم تكن أكثر من غاية جمعت مبالغ طائلة من الاكتتاب ذهبت لجيوب الملاك ولم توجه للضخ بمشاريع الشركة وتمويل أنشطتها بل ويواجه بعضها خطر الإيقاف الآن بعد أن تعاظمت خسائرها فقد باع ملاكها 30% من الشركة بأكثر من رأس مال الشركة وما زالوا يحتفظون بالحصة الأعظم ولم تتقدم هذه الشركات بأي خطوة تطويرية بأدائها فلم يكن تجهيز الشركة وتهيئتها للاكتتاب أكثر من غاية تنتهي معها الطموحات للملاك المؤسسين حيث إنهم عظموا استثمارهم واسترجعوه بعدة أضعاف من الأموال التي ذهبت لجيوبهم فيما أعطى سعر الشركة ثروة إضافية لهم إذ لم يكن لاستثمارهم تقييم واضح قبل الطرح والإدراج.
لكن المستثمر يرى بالاكتتابات وسيلة لزيادة وتنويع مصادر دخله لكنه يصبح ضحية لهذا النوع من الشركات بعد إدراجها في ظل غياب الشفافية عن واقع الشركة والذي تحول بعضها من شركات رابحة وبأرقام كبيرة في سنوات قليلة جداً إلى حافة الإفلاس فيما يرى بعض المستثمرين المضاربون أن هذه الشركات خصوصا صغيرة الحجم فرصة إضافية لتعظيم ثرواتهم بسرعة وتوسيع لرقعة المضاربة وزيادة بمساحة الحركة بالسوق توفر لهم المجال للاستحواذ على مشاركة أوسع من المتداولين وأحجام السيولة بالشركات التي يسيطرون عليها ويتحكمون بمسار حركتها.
أما وجهة النظر الاقتصادية للأسواق المالية فهي ترتكز على أن السوق هو وسيلة للتمويل والاستثمار لكلا طرفي المعادلة أي الشركات والمستثمرين فإذا كانت أنظمة السوق تتيح لأي منشأة الحق بطلب إدراجها فإن الهدف يكون الحصول على تمويل لمشاريع الشركات مما ينعكس على الاقتصاد بفوائد متعددة وينظم تدفق الاستثمارات لينعكس على دخل المستثمر.
وقد يقول قائل إن بيع حصص الشركات وذهاب الأموال المتحصلة للملاك المؤسسين موجود بكل الأسواق العالمية لكن ذلك لا يعني أن ما يصلح بتلك الأسواق يصلح بالسوق المالي السعودي، فالاقتصاد المحلي ناشئ ويعتمد على إيرادات النفط الثروة الناضبة فكل ريال يدخل للاقتصاد لا يمكن تعظيم فائدته إلا باستثمارات توسع الطاقة الاستيعابية للاقتصاد وتعظم الإنتاج وتفتح فرص عمل.
ومن هنا تأتي أهمية التركيز بسوق الاكتتابات على أن تكون شركات من صلب القطاعات الأساسية والكبيرة بالاقتصاد وأن تتحول الأموال المتحصلة إلى مشاريع تدعم تنويع مصادر الدخل بالاقتصاد المحلي وترفع من نسبة مساهمة القطاع الخاص فيه والدور المطلوب منه في الخطط الاقتصادية التي تطبقها الحكومة والتي من أهدافها توظيف الشباب السعودي الذي تنفق الحكومة سنويا ربع ميزانيتها لتعليمه وتأهيله بخلاف تقليص الاعتماد على الاستيراد في أكبر سوق عربي من حيث الإنفاق والاستهلاك.
سوق المال هو للتمويل والاستثمار وهيئة السوق وفرت قنوات كبيرة لتمويل الشركات ووضعت أنظمة متطورة لتوفير البيئة الصحية لذلك ولكن لا بد من الاستفادة من الدروس السابقة لكي يبقى السوق وسيلة يستفيد منها الجميع فتبقى علاقتهم بالسوق ذات طابع إيجابي ومستمرة لا تنقطع عند تحقيق الغاية ذات النظرة الضيقة والقصيرة الأجل وإلا انطبقت المقولة الانتهازية الشهيرة الغاية تبرر الوسيلة.
إقتباس ..... (( فهيئة السوق قد ترى فيها الاحتمالين أي (غاية) لتعميق السوق وزيادة الفرص الاستثمارية فيه و(وسيلة) مساعدة على إصلاح السوق بتوزيع السيولة فيه وتخفيض مكررات الربحية وتعظيم القيمة والفائدة فيه وتوفر لقطاع الأعمال وسيلة مساعدة للتمويل وأيضا وسيلة للمستثمر لينوع استثماراته ويقلل من المخاطر عليه.)) .... فهل أصابت الهيئة في غايتها ؟ أكثر من 30 شركة تأمين خاسرة + عشرات الشركات التي تُرفع رؤوس أموالها قبل الطرح وتُزين قوائمها "ثم " تُطرح للناس ، وبعد الطرح ينكشف المغطى !؟ ... وهل أصابت في وسيلتها !؟ .. ولأنها شــركات في " معظمها " لا تستاهل قيمها ، فبدلا من أن تُخفض مكررات السوق أصبحت عبـئا عليــه ... فكان الأولى هو إصـلاح الفاسـد من شـركات السوق القائمة ، وهم كُــثر .... والله أعلــــم ...
مشاركة كتبتها قبل كم يوم تبين حجم المصيبة. حلاق لديه محل يزاول به عمل الحلاقة مكلفه 100 ألف ريال ويجيب له صافي ربح حوالي 100 ألف ريال في السنة…قرر يدخل سوق المال، فدرس أنظمة الهيئة وعرف إن الشغله لعب في لعب. قام ورفع رأس مال الحلاق إلى 100 مليون ريال وأعد دراسة لم تقرأها هيئة سوق المال لأنها أصلاً ما هي فاضية. اكتفوا بدراسة مكرر ربحية الحلاق الحالية اللي حسبها لهم بهذا الشكل: بما إن رأس المال 100 ألف ريال فهو قسمه على 10 ألاف سهم بقيمة اسمية 10 ريال للسهم (10,000 * 10 = 100 ألف ريال)، إذا مكرر الربحية 100 ألف تقسيم 10 آلاف = 10. قال لهم الآن رأس مال الحلاق 100 مليون ريال، يعني 10 ملايين سهم… وبما إن أرباحه بإزدياد كما أوضحت قوائمه المالية التي أعدت خصيصاً للهيئة (ولم تكن موجودة من قبل) ولديه دراسة جدوى طيبة، فهو ومستشاره المالي يعتقدان بأن مكرر الربحية الطبيعي لمثل هذا النشاط وتماشياً مع مكرر السوق يجب أن يكون حوالي 15. إذاً قيمة الحلاق “العادلة” تكون 15 * 10 مليون سهم، أي 150 مليون ريال. تهز الهيئة رأسها (وأصلاً هم ضاعوا في الحسبة كلها) ويوافقون على طرح 40% من الأسهم للمواطنين بسعر 15 ريال (10 ريال قيمة اسمية و5 ريال حلاوة إصدار). يقوم يحسبها الحلاق وتطلع معاه بهذا الشكل: 4 ملايين سهم * 15 ريال = 60 مليون ريال، تذهب في جيب الحلاق، ولا يزال يملك 60% من محل الحلاقه. يأتي واحد مخلص ويصيح على الهيئة كيف عملتوا كذا، يقولون أبداً الحلاق ناجح ومكرر الربحية معقول جداً… وش فيك أنت ما تفهم؟ قال لهم ولكن الحلاق طول عمره عايش على رأس مال 100 ألف ريال، ليش سمحتوا له يطلع إلى 100 مليون ريال؟ وهل محل الحلاقة يحتاج أصلاً 100 مليون ريال؟ قالوا خلك ساكت ما هو شغلك…إذا ما تبغى تكتتب يا أخي لا تكتتب، وحنا ولله الحمد سوق حر واقتصادنا من أكبر الاقتصادات في العالم. الحلاق حقيقة ما دفع 100 مليون ريال رأس مال، بل احتسب ممتلكات عديدة كأسهم عينية (أمواس حلاقة ومكائن حلاقة وكراسي وغيرها) مع كم مليون ريال تسلفها من حلاقين آخرين حتى ضخم قيمة أصوله كما ينبغي. زيادة على ذلك، بعد مضي سنتين وانتهاء فترة الحظر على تداول الأسهم، قام الحلاق وزملائه بتداول أسهمهم صعوداً وهبوطاً حتى وصلو سعر السهم إلى 70 ريال وبدأوا يبيعون بين فترة وفترة (لديهم 6 ملايين سهم * 70 ريال = 420 مليون ريال). العجيب في الأمر إن الحلاق وجد إن ما عاد فيه داعي أصلاً يشتغل ويتعب بشكل يومي، فأهمل المحل وصار ما عاد حتى يعقم أمواسه! وش الله حاده، جاب له الله دراهم عمر أبو جده ما حلم فيها. هذا مختصر فيلم كوميدي أسود سينزل قريباً في دور السينما اسمه “سوق الأسهم السعودي وحلاوات الإصدار”… لا يفوتكم!
لا يمكن تعميق السوق بشركات ورقية ضئيلة الحجم ، السوق بحاجة لشركات عملاقة وذات ربحية تمتص السيولة وتخفض مكررات السوق وتوسع القاعدة الاستثمارية وتعطي قيمة مضافة للاقتصاد.
يعطيك العافيه موضوع مهم .. انا اشوف من اهم الحلول للسوق هو وجود سوق ثانويه ومؤشر جديد للشركات السيئه .. وبقوانين صارمه وإليكم اقتراحي وبعض القوانين التي ارى مهم تواجدها لقيام سوق ثانويه .. اولاً .. اي شركه تكون قيمتها السوقيه اقل من 500 مليون ريال تعطى مهله لمدة 180 يوم لتصحيح سعر السهم او تخرج من السوق الاساسي (مؤشر التاسي) وتحوليها الى السوق الثانوي .. ثانياً .. تآكل راس المال اكثر من 75% ثالثاً .. اي شركه يكون سعرها بالسوق اقل من سعر الاكتتاب تعطى مهله 180 يوم اذا لم يتم تصحيح السعر تخرج من السوق الاساسي للسوق الثانوي رابعا .. اي شركة ترى هيئة سوق المال انها لم تستوفي الشروط مثل المتكامله تحول للسوق الثانويه بعد المهله .. طبعاً يجب ان يكون هناك نظام للسوق الثانوي لأيقاف الشركات اذا تجاوزت خسائرها راس المال او اذا وصلت 90 % او 95% و يتم التركيز على السوق الثانويه ومحاسبة اي متلاعب بالاسهم .. ويخف التركيز على شركات مؤشر التاسي (السوق الاساسي) .. ايضاً نرفع مستوى الشفافيه بإلزام الشركات في السوق الاساسي ب مؤتمر للشركات يقام كل بداية سنه يعطى فيه المستثمرين او الراغبين في الاستثمار نبذه عن تواجهاتهم و توقعات الارباح لنهاية السنه الحاليه او الايرادات وهامش الربح المتوقع (وهذا يعطي المستثمر نظره اكيده لمستوى ادارة الشركه من قبل الاداره الحاليه في حال حدوث توقعاتهم او فشلها ) .. ايضاً الاعلانات عن اي صغيره وكبيره تحصل بالشركه (بمعنى اننا نريد زياده في مستوى الشفافيه).. طبعاً الاقتراح يحتاج دراسة وإكمال الشروط لتصبح مثل الدائره بمعنى ( انه من الممكن ان من يخرج من السوق الاساسي الرجوع له بعد تحسين الاوضاع او البقاء في السوق الثانوي وعلى حسب رغبة مستثمرين الشركه ) .. وبكذا اعتقد سوقنا بيكون جذاب اكثر .. والله اعلم تحياتي ..