الإصلاح الاقتصادي في القرآن الكريم (1)

21/04/2012 14
عبد الحميد العمري

تستندُ جُل أدبياتنا الاقتصادية إن لم تكن جميعها إلى قاعدةٍ واسعة جداً من النظريات الاقتصادية الرأسمالية، يحمل لواءها في العالم من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه صندوق النقد الدولي. كان من أشدّها وطأةً، وأثقلها على كاهل الاقتصادات حول العالم السياسات والإجراءات والقيود المتعلقة بالإصلاح الاقتصادي، الذي ما إن يغرس هذا الصندوق مخالب إصلاحه المزعوم في جسد أي بلدٍ تدفعه ظروفه السيئة للوقوع تحت رحمته؛ إلا ورأيتَ مجتمعاته خارجةً إلى الشوارع من ألم تلك المخالب القاسية، ولا ترهق نفسك كثيراً في البحث عن أمثلة على أرض الواقع كشواهد على الفواجع الاجتماعية والتنموية لها، فهي تزيد عن نصف البشرية على قيد الحياة الآن! بدءاً من شرق آسيا إلى أمريكا الجنوبية، والملفت أن البرازيل لم تر نور النهضة الاقتصادية والنمو القوي، إلا بعد أن ضربت بتوصيات صندوق النقد عرض الحائط على يد ملهمها الرئيس السابق ديسلفا، الرجل الذي كان مقاولاً ولا يحمل أكثر من مؤهل الشهادة الابتدائية!

لكلٍ من بني البشر شرعته ومنهاجه منذ استخلفها الله على أرضه، استمدتها من مختلف المناهج والتجارب التي مرّت بها طوال آلاف السنين الماضية، نجح من نجح، وفشل من فشل! ازدهرتْ مئات الحضارات ثم اندثرت، مرّت بمراحل نهضت فيها، ثم أصابها داء الفساد، فمنها ما تمكّن هذا الداء بها فهلكت، ومنها من استدرك أمره بالإصلاح وإعادة البناء فنجتْ، وامتد بها العمر إلى أن ضعفتْ مرةً أخرى ووقعت فيما وقع فيه الحضارات البائدة.

أُمّتنا الإسلامية جزءٌ رئيس من هذا التاريخ البشري الثري بالتجارب، امتازتْ ولا تزال بقرآنها الكريم كمرجعيةٍ لا يسبقها مرجعية، كان للقرب أو الابتعاد عنه دور راسخ في تقرير كل الاتجاهات الآنية واللاحقة. أجد تسليط القراءة عليه تاريخياً ومحاولة إسقاطه على تحديات العصر الراهن في مجال الإصلاح الاقتصادي تحديداً؛ أمراً له أهميته القصوى، أستكمله معكم بدءاً من الغد..