لماذا استثمرت المؤسسة العامة للتقاعد في شركة المتكاملة؟

11/04/2012 19
محمد العمران

في العام الماضي، كتبت مقالاً بعنوان "من يتخذ القرار؟" ذكرت فيه أن الاستثمارات المدارة من قبل المؤسسة العامة للتقاعد هي في الأساس استثمارات مملوكة من قبل المشتركين فقط، بينما ينحصر دور الدولة في دور المؤتمن عليها لا أقل ولا أكثر، ولهذا يجب أن يكون القرار الاستثماري فيها قراراً مستقلاً واحترافيا قدر الإمكان لتحقيق أفضل عائد ممكن، وحينها جاءني اتصال هاتفي من أحد كبار المسؤولين في المؤسسة أكد لي إدراكهم التام لدور المؤتمن على أموال المشتركين، كما أكد لي احترافية العمل الذي يقومون به واستقلالية قراراتهم الاستثمارية.

لكن عندما ندقق في إعلان شركة الاتصالات المتكاملة على موقع تداول في كانون الثاني (يناير) الماضي والمتعلق بموافقة هيئة السوق المالية على بيع ونقل ما نسبته 5 في المائة من أسهم الشركة من حصة أحد المؤسسين لصالح المؤسسة العامة للتقاعد، يتبين لنا بعض الأمور الغريبة التي يجب التوقف عندها قليلاً! من هذه الأمور كيفية إتمام صفقة بيع وبمباركة من الهيئة أثناء فترة حظر على المؤسسين؟ وكيف سمحت هيئة السوق المالية بعملية البيع وهي تعلم أن البائع سيقبض ثمناً لأسهم لم يدفع قيمتها من الأساس (وهو ما أكده تقرير مراجع الحسابات الخارجي رسمياً في نشرة الإصدار)؟ ولماذا تمت عملية البيع في هذا الوقت تحديدا؟

أما بالنسبة للمؤسسة العامة للتقاعد، فأعتقد أنه بات مؤكداً للجميع أن المؤسسة استثمرت أموال المشتركين في شركة أقل ما يقال عنها الآن إنها شركة متعثرة وهو ما يتنافى مع "مبدأ الاستئمان" على أموال المشتركين!! وبات مؤكداً للجميع أيضاً أنهم لم يكلفوا أنفسهم بقراءة نشرة الإصدار ليعرفوا حقيقة ما يجري في الشركة قبل طرحها للاكتتاب (فما بالكم بعد طرحها)، بل لم يكلفوا أنفسهم بعمل فحص ناف للجهالة أو حتى الاطلاع على قوائم مالية أولية غير مدققة على أقل تقدير، و هو ما يؤكد لنا أن مسؤولي المؤسسة مع احترمنا و تقديرنا لهم إلا أنهم أثبتوا فشلهم في اتخاذ القرارات الاستثمارية وعدم إلمامهم بمبادئ الاحترافية!

بقي أن أشير إلى أنباء غير مؤكدة تتناقلها بعض المواقع الإلكترونية تتحدث عن أن الهدف من إدخال المؤسسة العامة للتقاعد في قائمة ملاك شركة الاتصالات المتكاملة هو لإضفاء صبغة قانونية على تدخل الدولة مستقبلاً (وزارة المالية أو صندوق الاستثمارات العامة مثلاً) في دعم الشركة بقرض تجاري كبير أسوة بما حصل مع شركة إعمار المدينة الاقتصادية ومع شركة جبل عمر! في الحقيقة لا أدري عن مدى صحة مثل هذه الأنباء، لكن إن حصل هذا السيناريو مستقبلاً فهو سيفسر لنا وبوضوح لماذا استثمرت المؤسسة العامة للتقاعد في شركة المتكاملة؟ ولماذا وافقت هيئة السوق المالية على بيع المؤسسين أثناء الحظر؟ ولماذا تمت عملية البيع في هذا الوقت تحديداً؟